أخبار الآن | ريف اللاذقية – سوريا (جمال الدين العبد الله)

بعد إفراغ ريف اللاذقية بجبليه الأكراد والتركمان من المدنيين؛ إبان الحملة العسكرية التي شنتها قوات النظام على المنطقة، لجأ العديد من العائلات والشباب السوري من ريف اللاذقية إلى الانتقال نحو إقليم هاتاي- أنطاكية، لبدء حياة جديدة، والعمل ريثما تتحسن الأوضاع في سورية.

فتحت تركيا أبوابها خلال الأشهر الماضية للنازحين، بينما اضطر القسم الآخر إلى اتباع طرق التهريب رغم المخاطر المحدقة بهم، فهي البديل الأفضل من البقاء تحت القذائف وغارات الطيران الحربي.

بعض العائلات والشباب من ميسوري الحال، انتقل بمهنته وأمواله نحو تركيا لبدء حياة جديدة، بالتجارة والصناعة، واستئجار البقاليات الصغيرة، أو العمل بمهن بسيطة لا تحتاج إلى خبرات.

دكاكين تركية بطابع سوري

التقت أخبار الآن مع "أبو محمد" الذي باع محتويات دكانه على الشريط الحدودي السوري- التركي، وافتتح أحد الدكاكين الصغيرة في أحد الأحياء الشعبية في مدينة أنطاكية، يقول: "كانت الأمور جيدة نوعاً ما، تأتينا البضائع من تركيا وإدلب لنبيعها لقاطني المخيمات، نزح القسم الأعظم منهم، وفقد دفتر الديون، بعت البضائع وما ادخرته خلال العامين الماضيين استأجرت به إحدى البقاليات الصغيرة هنا في حي "المزرلك" الشعبي، المشوار طويل لصنع الزبائن ولكن هذا أفضل من الجلوس فاتحين أفواهنا للسماء".

ويضيف "أبو محمد": "الإيجارات مرتفعة جداً ناهيك عن الكهرباء والمياه والبضائع، معظم زبائني من السوريين، واضطررت لفتح دفتر الديون مرة أخرى لأن معظم السوريين يرتبط راتبهم مع بداية الشهر، ومعظم بضائعي سورية مما يحضره لي البعض، من يدخل دكاني يظن أنها في سوريا".

عمال سوريون في معامل تركية .. ومردود متدني

اضطر العديد من الشباب السوري إلى العمل بشكل غير رسمي في المعامل والمؤسسات التركية دون تقديم ضمانات اجتماعية، وحتى دون تقديم أية ضمانات لاستلام الراتب المحدد أو ضمانات صحية، ويعود السبب الرئيسي إلى الحاجة المعيشية التي فُرضت على اللاجئين السوريين مع ارتفاع الأسعار مقارنة بسوريا.

"خالد" 20 عاما، بعد خروجه من ريف اللاذقية نحو هاتاي، وبعد العديد من المحاولات غير المجدية، عمل في أحد معامل الملابس التركية، وبأجر زهيد، يقول: "انتقلت أنا ووالدتي المتقدمة بالعمر إلى هنا، اضطررت لبيع ذهبها لاستئجار أحد المنازل في منطقة شعبية، وبدأت بالبحث عن العمل، ولكن لا يوجد العديد من الشواغر، وفي النهاية وعن طريق خدمة "الواتس آب" في إحدى غرف خدمة السوريين، طلب أحدهم عملاً وتقدمت له دون أية خبرة".

يضيف خالد: "كان العمل لمدة 12 ساعة متواصلة عدا ساعة الغداء، بخمسمائة ليرة تركية شهرياً، قد يبدو المبلغ قليلاً لكنه قد يسد رمقنا أنا وأمي، وأطمح ببدء مشروعي الخاص في حال تحسنت الأوضاع".

وللنساء عملهن المضني أيضا

اضطرت الكثير من النساء لدخول سوق العمل في تركيا، سواء في المعامل والورش الصغيرة، أو العمل المنزلي الخاص. استفادت البعض منهن من مهارات يعرفنها كالخياطة والطبخ وغيرها في مساعدة الأسرة في تكاليف الحياة اليومية، وفي بعض الحالات وجود المرأة كرب للأسرة في غياب وجود الرجل.

"أم سامر" كان تتقن فن التطريز والخياطة والأعمال اليدوية النسائية كهواية، وبعد الحملة الأخيرة على ريف اللاذقية نزحت إلى "أنطاكيا" مع ولديها وابنتها، ولم تجد بدا من عرض خدماتها على ورش الخياطة الصغيرة لتعمل في تصنيع الملابس والتطريز بنسبة محددة، تقول: "ما كنت أعتبره هواية لي وجدته اليوم يفيدني في حياتي، لا أستطيع الاعتماد على المساعدات لأنها متقطعة وقليلة، وأطفالي صغار في ظل غياب زوجي المعتقل منذ ثلاث سنوات ولا نعرف عنه شيئا".

ووسط كل هذا، يواصل أهالي ريف اللاذقية في "أنطاكيا" حياتهم على أمل وجود حل سياسي أو عسكري يعيدهم إلى قراهم علّهم يتخلصون من صعوبة النزوح وغربته.