أخبار الآن | الصين – foreignpolicy

في أوائل العقد الأول من القرن الـ21، حفزت حركة التبت الحُرة العالم، وكرّست وسائل الإعلام محنة هذه المنطقة في المخيلة الغربية، لتصبح معاناة التبتيين معروفة. واليوم، مع الفظائع التي ترتبكها الصين في شينجيانغ، أصبحت التبت مغلقة الآن أكثر من أي وقت مضى، وبات القليل يُعرف عنها. ومع ذلك، فإنّ الاضطهاد في التبت قد ازداد سوءاً. ففي 29 أغسطس/آب، أعلن الرئيس الصيني شي جينبينغ أنه “على الصين بناء حصن منيع للحفاظ على الاستقرار في التبت، وحماية الوحدة الوطنية، وتثقيف الجماهير في النضال ضد الإنفصال”.

وينظر الحزب الشيوعي الصيني إلى عصيان التبت، سواء كان عنيفاً أو غير عنفي، على أنه نزعة انفصالية تهدد، في نظر بكين، الأمن القومي والتوسع الصيني. لذلك عندما اندلعت احتجاجات التبت في العام 2008، التي أثارها السخط من القمع المستمر منذ عقود، ردّ الحزب الشيوعي الصيني بلا رحمة بقتل المتظاهرين واعتقالهم تعسفياً

ووصل تشين تشوانجو، الذي كان نجماً صاعداً في الحزب الشيوعي الصيني، إلى التبت كسكرتير جديد للحزب في العام 2011، وحوّل التبت سريعاً إلى واحدة من أكثر الدول البوليسية المعروفة في العالم. ونفذ تشين مخططاً يمكّن ضباط شرطة الحزب الشيوعي الصيني من مراقبة التبتيين بسهولة. وتحت شعار مكافحة الإرهاب، أراد تشين أن يبلغ الناس عن بعضهم البعض عند أي إشارة لحصول تجاوز. وفي العام 2016، أصبح تشين سكرتيراً للحزب الشيوعي في شينجيانغ وقام بفرض هذه السياسات هناك، وجلب التقنيات التي تمارس على التبتيين إلى شينجيانغ.

وبالإضافة إلى ذلك، عملت الصين مؤخراً لتسهيل السياسات الشريرة ضد التبتيين. ففي الوقت الذي حظيت فيه احتجاجات هونغ كونغ باهتمام عالمي شديد منذ الصيف الماضي بسبب مشروع قانون الأمن القومي، وقعت نيبال والصين اتفاقية مثيرة للجدل في يناير/كانون الثاني الماضي، إذ ذهب جينبينغ إلى نيبال للتفاوض بشأن مقترحات دبلوماسية بين البلدين، وكان أحدها هو معاهدة من شأنها تسليم اللاجئين التبتيين الواصلين حديثاً إلى النيبال. وبعد التقارير الأولية التي تفيد بأن المسؤولين النيباليين لن يوافقوا على المعاهدة، التقى جينبينغ سراً بوزير خارجية نيبال براديب جياوالي، للتوقيع على المعاهدة.

وفي الوقت نفسه، ربما تعود الأساليب القمعية التي يتم اعتمادها شينجيانغ إلى مسقط رأسها في التبت. وخلال هذا الربيع، مرّر الحزب الشيوعي الصيني مشروع قانون تحت عنوان: “التشريعات الخاصة بإنشاء منطقة نموذجية للوحدة العرقية في منطقة التبت ذاتية الحكم”، والذي يهدف إلى تحويل التبتيين إلى صينيين. ويسعى الحزب الشيوعي الصيني إلى الترويج لرواية أنّ “جميع المجموعات العرقية في الصين هي عائلة واحدة”، كما أن شمولية الحزب تتطلب الامتثال والطاعة، وأي شيء يتعارض مع ذلك يعتبر تهديداً لشرعية الحزب الشيوعي الصيني، وأصبح من الواضح ما يعنيه هذا في شينجيانغ. وتعني الوحدة العرقية حبس ملايين الإيغور في معسكرات إعادة التأهيل السياسي، حيث يُجبر المعتقلون على نبذ الإسلام والإعلان عن ولائهم للشيوعية. وتعني الوحدة العرقية أنه يمكن فصل الأطفال بالقوة عن أهلهم بحسب رغبة مسؤول الحزب الشيوعي الصيني. كذلك، تعني الوحدة العرقية أنه يجب ضرب هوية الإيغور.

ومع التركيز المتزايد على معسكرات اعتقال الإيغور في شينجيانغ، فإنّ القمع المتزايد في التبت يجب أن يتسبب بقلق مماثل. ومن المرجح أن ينذر مشروع القانون الجديد جولة جديدة من السياسات العرقية القومية القاسية تحت ستار إعادة التعليم في التبت. ومع هذا، يسعى الحزب الشيوعي الصيني لتعزيز “الوحدة العرقية”، من خلال ضرب العقيدة الدينية لدى الإيغور والتبتيين. كذلك، فإنّ إعادة التثقيف السياسي القسري كانت جزءاً لا يتجزأ من سجون التبت، كما أنه سيتم فرض اللغة الصينية بشكل أكبر، نظراً إلى أن الحزب الشيوعي الصيني يعتبر اللغة التبتية مساهماً أساسياً في نزعة الانفصال.

وقد تشهد الأشهر القادمة انتعاشاً دولياً في تغطية شؤون التبت، كما أنه يمكن تعزيز فهم مصير الإيغور وهونغ كونغ في المستقبل من خلال دراسة القمع التاريخي والمستمر لأهالي التبت، خصوصاً أنهم كانوا يتعرّضون لأبشع أنواع الانتهاكات منذ عقود من بينها التعقيم القسري الذي جرى فرضه في شينجيانغ. والآن، أكثر من أي وقت مضى، يجب على صناع السياسة الخارجية التركيز على التبت لوضع الأحداث الجارية في جميع أنحاء منطقة آسيا والمحيط الهادئ في سياقها، لتكشف انتهاكات حقوق الإنسان في التبت.

الصين تبني سراً بنية تحتيّة جديدة ضخمة لاعتقال مسلمي الإيغور

نشر موقع “buzzfeednews” الإلكتروني تحقيقاً جديداً يكشف فيه عن بناء الصين بشكل سرّي في شينجيانغ ، العشرات من معسكرات الاعتقال والسّجون الجديدة الضخمة وذلك خلال السنوات الـ3 الماضية، ويكمُن الهدف من هذه الخطوات في تعزيز الحزب الشيوعيّ الصيني لحربه وسطوته ضدّ الأقلية المسلمة