أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة – (صحف)

اتخذت فرنسا أخيراً إجراءات صارمة ضد المشرّدين في المدن الكبيرة، لا سيما العاصمة باريس، ومدن ريفية تعاني بدورها من كثرة عدد المتشردين فيها.

ولعل أبرز هذه الإجراءات تبديل المقاعد في محطات الباص، حيث تحل المقاعد الفردية مكان القديمة منها والجماعية التي تتسع لأفراد عدة، ما يسمح بالتالي لشخص واحد بالاستلقاء فوقها والنوم وهذا ما يفعله المشرّدون عموماً.

وفضلاً عن ذلك، صارت المحطات المعنية نصف مفتوحة ومعرّضة لتيارات الهواء في الشتاء بعد ما كانت مغلقة وحامية من الرياح والبرد. ويؤدي هذا التبدّل أن يبتعد عنها المشرّد الباحث عن مكان دافئ ليرتاح فيه. وفي داخل محطات قطار المترو تحت الأرض بدّلت المقاعد الجماعية بأخرى منحنية في أطرافها مانعة للاستلقاء ومزوّدة بنوع من الشوك المعدنية في أركانها، سيتجنّبها من دون شك كل من يفكّر في أن يجرّب النوم فوق هذه المقاعد.

وإذا أخذنا في الاعتبار المحلات الكبيرة في باريس التي صارت منذ مطلع شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي «تزّين» واجهاتها بلافتات داعية «الزبائن الكرام» إلى الامتناع عن منح المساعدة إلى المتسولين الجالسين أمام مداخلها، لأدركنا مدى أهمية المعركة التي تشنّها فرنسا ضد المتسوّلين والمشرّدين فيها.

ولعل النقطة التي بدأت تهز الضمائر فجأة في هذا الشأن، تسلّم سكان عدد من الأبنية في الدائرة الباريسية التاسعة عشرة، رسالة تخطرهم بأن تقديمهم المساعدة إلى أي متسوّل جالس أمام مدخل مبناهم سيعتبر مخالفة رسمية يمكن أن يترتّب عليها فسخ عقد الإيجار المبرم بين صاحب الشقة والمستأجر.

وتدخلت لجنة متخصصة في الدفاع عن حقوق الإنسان في الأمر طالبة من أصحاب الشأن إعادة النظر في هذا الكتاب وإرسال آخر جديد يلغي الأول ويتضمّن اعتذاراً رسمياً في هذا الشأن.

واستغرب كثر خطوة الحكومة الفرنسية، لاسيما أنها يسارية ويفترض أن تراعي الواجبات الاجتماعية وحاجات المعوزين أكثر من غيرها، وتساءلوا إن كان ما حدث يراعي ما تنص عليه شرعة حقوق الإنسان.