أخبار الآن | القلمون – سوريا (أبو محمد اليبرودي)
لم تقتصر معاناة اللاجئين السوريين في عرسال اللبنانية على معاناة النزوح ومشقة الحياة الباهظة الثمن في عرسال، فقد أصبح الهاجس الأمني والخوف من الاعتقال المتكرر من قبل الجيش اللبناني وقوى الأمن العام كابوسا يؤرقهم بعد عشرات حالات الاعتقال العشوائي الأخيرة التي طالت العديد من النازحين.
تقف حالة "محمد موصلي" الأخيرة شاهدة على حالات الاعتقال التعسفي بحق اللاجئين السوريين وانتهاك حرمة منازلهم من قبل الجيش اللبناني والاعتداء على الأطفال والنساء بحجة انتمائهم لتنظيمات إرهابية، فقد تم مؤخرا مداهمة منزل محمد بعد عملية نفذها الجيش في المنطقة التي يقيم فيها في عرسال ضد أشخاص يشتبه بانتمائهم لداعش، ليكون محمد هو الضحية بعد اعتقاله هو وأطفاله الاثنين مصطفى 13 عاما وملهم 15 عاما.
اعتقالات عشوائية
وفيما أصدرت قوى الأمن العام بيانا أنها قامت بعملية نوعية في عرسال استطاعت من خلالها قتل عدة عناصر من داعش وأسر الأمن العام لـ"محمد الموصلي"، الأمر الذي أثار استنكار أبناء بلدته يبرود لأنهم يعرفون أن لا علاقة له بالأمر وهو شخص بسيط جدا وهو يقطن كلاجئ مع عائلته داخل عرسال.
ولا تقتصر حالات اعتقال اللاجئين السوريين داخل عرسال حيث يعتبر المرور عبر "حاجز اللبوة" خارج عرسال من أخطر الأمور التي يواجهها النازحون في عرسال أثناء خروجهم مجبرين من مخيمات البلدة للتوجه لمراكز الأمن العام لتجديد "كرت التسوية" الذي منح لهم من قبل الأمن العام والذي يعطيهم صفة التواجد الشرعي كلاجئين بشكل مؤقت على الأراضي اللبنانية.
تقول "أم محمد المعراني" زوجة خالد المعراني الذي اعتقله الأمن العام أثناء ذهابه لتسوية وضعه، أن زوجها تم اعتقاله عند حاجز اللبوة دون أي سبب وتم عصب عينيه ليتلقى الضرب عند الحاجز بشكل عنيف، واستمرت عملية التعذيب طيلة طريق اقتياده لفرع المعلومات وذلك فقط لكونه أحد أبناء القلمون وتهمته جاهزة كباقي الناس وهي الانتماء لمنظمات إرهابية.
تعذيب ومعاناة
تضيف "أم محمد" أن اعتقال زوجها استمر لأكثر من عشرة أيام ليطلق سراحه بعدها، ولكن تم احتجاز أوراقه الثبوتية لإجباره على مراجعة عدة فروع أمنية أخرى لاستكمال التحقيقات، الأمر الذي شكلا عبئا كبيرا على عائلته من حيث تكاليف المواصلات والرشاوى لتسهيل إجراءات التحقيق إضافة لأن الذهاب يوميا إلى الأفرع الأمنية والمرور عبر الحواجز المحيطة بعرسال أصبح كابوسا يلاحق أبو محمد الخائف من تكرار حالة اعتقاله وتعرضه للضرب الذي تلقاه في المرة الأولى.
الضغط النفسي الناجم عن الاعتقال ولّد لدى "أبو محمد" صدمة نفسية كبيرة انعكست سلبا على عمله وحياته الصعبة أصلا، إذ تشير أم محمد الى أن الفترة التي انشغل زوجها فيها بالاعتقال ومراجعة الأفرع الأمنية كانت الأصعب عليهم منذ نزوحهم، فهم عائلة مكونة من ثلاثة أطفال وبحاجة لمصاريف بشكل مستمر وإن توقف زوجها عن العمل يعني انقطاع الطعام عن خيمتهم التي يقطنونها منذ سنتين ما دفعها للعمل في تلك الفترة القاسية.
وفي نفس السياق يقول "باسل أبو جواد" المتحدث باسم الهيئة الثورية في يبرود، بأن حال اللاجئين في عرسال أصبح أقسى في الأشهر الأخيرة، خصوصا بعد تكرار حالات المداهمات التي يقوم بها الجيش اللبناني لمخيمات النازحين في البلدة واعتقال العشرات من الشباب وإذلالهم وتعذيبهم أمام ذويهم للاشتباه بكونهم يرتبطون بتنظيمات مسلحة وعدم امتلاكهم أوراقا ثبوتية بعد أن فقدوها في قراهم في القلمون قبل النزوح.
ويضيف أبو جواد أن الجيش اللبناني بات يستخدم تهمة "الدخول خلسة" للأراضي اللبنانية ويعطي نفسه ذريعة لسوقهم للأفرع الأمنية، التي تكررت فيها حالات التعذيب القاسية لدفعهم على الاعتراف بأي علاقات لهم مع ثوار القلمون في الجرود، وهذا ما يشابه تلك المعاملة التي كانوا يلقونها من قبل النظام السوري.