أخبار الآن | ريف دمشق – سوريا (رواد حيدر)

كثر تنبئوا بما سيؤول إليه حال داعش عقب خسارته لمدينتي تدمر والقريتين وانسحابه نحو القلمون الشرقي؛ البعض تحدث أن محاصرته في بقعة جغرافية ضيقة ستكون كفيلة باجتثاثه، وآخرون قالوا إنه سيحاول تجميع قواه ولن يعود باتجاه ريف حمص بل سيحاول السيطرة على مدن في القلمون، خاصة أن هذه المنطقة تضم أحد أكبر الفصائل المعادية لداعش في سوريا، ألا وهو جيش الإسلام.

داعش يهاجم الضمير

على ما يبدو، لم يحتج داعش سوى بضعة أيام ليعيد تجميع قواته في القلمون الشرقي، وشن هجوماً على عدد كبير من الكتائب والنقاط العسكرية التابعة للنظام، وخصوصاً على أطراف مدينة الضمير، التي لطالما حلم ببسط سيطرته عليها بشكل كامل، لا الاقتصار على تواجده في الحي الشمالي فقط.

الناشط الإعلامي في مدينة الضمير "مراون القاضي" قال إن المعركة بدأت بعملية مزدوجة، الأولى من داخل المدينة عندما قام داعش بتوجيه سيارة مفخخة باتجاه أحد الحواجز المحيطة بالمطار "شرق المدينة" والتي انفجرت قبل وصولها، والثانية من خارج المدينة حين بدأت الرشاشات الثقيلة بمحاولة إشغال الحاجز لحين وصول السيارة المفخخة إليه.

وأضاف "القاضي" أن الاشتباكات استمرت على أطراف المطار بعد فشل السيارة المفخخة في الوصول إليه، ليليها هجوم واسع على منطقة المثلث والكتيبتين المهجورة والـ 559، إضافة لمعمل الجمل واستراحة الصفا، وغيرها من النقاط العسكرية.

من جانبه تحدث الناشط "حسن الأسعد" أن: "الاشتباكات ممتدة على مساحات واسعة وغير متصلة بشكل مباشر؛ يهدف داعش من خلال معركته الحالية إلى فتح طريق للعراق، وقطع طريق أبو الشامات "أوتوستراد دمشق- بغداد"، والسيطرة على أهم المطارات في المنطقة "السين– الضمير"، إضافة لتضييق الخناق على الثوار في القلمون الشرقي، وعندها سيوضع الثوار في موضع لا يحسدون عليه.

وأضاف "الأسعد" أن داعش سيطر حتى الآن على الكتيبة 559 والكتيبة المهجورة، إضافة للمعمل الصيني، في حين أن الأنباء التي تُنشر حول سيطرته على المطار والفوج 16 لا تزال منفية حتى الساعة. مشيراً أن المواقع التي سقطت في يده لا تحوي هذا القدر الكبير من العناصر والعتاد كما يزعم؛ فقد سبق وسيطر عليها الجيش الحر مرتين واغتنم كل ما بداخلها من دبابات وأسلحة.

في السياق ذاته أفاد ناشطون عن مقتل "إبراهيم نقرش طلاعية" وهو قائد لواء الصديق المبايع لداعش، والمنشق حديثاً عن جيش تحرير الشام، إثر غارة استهدفت أحد مقراتهم قرب المدينة.

الأهالي بين فك النظام وكماشة داعش

إثر المعارك التي اختلقها داعش في القلمون الشرقي، شنت طائرات النظام الحربية عشرات الغارات على مدينة الضمير وحيّها الشمالي الذي يسيطر عليه داعش، إضافة لمدرسة يقطنها نازحون، ما أسفر عن مقتل عشرة أشخاص وجرح عشرات آخرين، فيما يعد اختراقاً للهدنة القائمة منذ ثلاثة سنوات بين الأهالي وقوات النظام.

القصف المُركز دفع بالآلاف للنزوح من الحي الشمالي باتجاه الأحياء الجنوبية والغربية الواقعة تحت سيطرة جيش الإسلام وقوات الشهيد أحمد العبدو، حسب ما ذكر "مروان"، الذي أضاف: الهدف الأسمى لداعش في كل معاركه هو إخراج الآمنين من مناطقهم، وفي معركة الضمير لديه أهداف أخرى كالقضاء على الجيش الحر في المنطقة.

جدير بالذكر أن أعداد المدنيين في الضمير تزايدت من 45 ألف إلى أكثر من 135 ألف نسمة حسب إحصائيات مكتبها الإغاثي، وذلك بعد استقبالها لموجات نزوح عديدة من الغوطة الشرقية ومدن القلمون ومؤخراً من دير الزور والرقة وتدمر.

هدنة الضمير

عاشت المدينة أشهرها الأخيرة على وقع صراع بين جيش الإسلام وكتائب الشهيد أحمد العبدو، وبين جيش تحرير الشام المتهم بمبايعته لداعش. الصراع دفع بالآلاف من سكان المدينة للخروج بتظاهرات طالبوا خلالها بوقف القتال وإيجاد حل للمشكلة القائمة، فتشكل على إثر ذلك لجنة من الأهالي ألزمت جميع الأطراف بهدنة لوقف العمليات القتالية، فكان ذلك مطلع الشهر الماضي.

هدنة لم تدم طويلاً حتى خرقها داعش عندما استهدف أحد مقرات كتائب الشهيد أحمد العبدو بدراجة مفخخة أسفرت عن إصابة عنصرين وأضرار مادية في المكان. وليقوم هو ذاته اليوم بفتح معركة كبيرة لن يستطيع أحد التنبؤ بعقباها.