أخبار الآن | ريف اللاذقية – سوريا (جمال الدين العبد الله)

بعد الحملة العسكرية الشرسة التي قامت بها قوات النظام في ريف اللاذقية، مدعومة بالميليشيات الإيرانية وغطاء جوي روسي، لجأ معظم أهالي ريف اللاذقية إلى تركيا، ومن لم يحالفهم الحظ بقوا في المخيمات الحدودية ريثما تُفتح المعابر الإنسانية.

المرأة هي نصف المجتمع، سواء كانت الحياة طبيعية أم استثنائية، وفي ريف اللاذقية وخاصة بعد نزوح الكثير من العائلات من مدينة اللاذقية نحو الريف المحرر، مع أزواجهن بعيداً عن أهلهن، تأقلمت العديد من النساء مع الافتقار للتيار الكهربائي ومياه الصنبور والغسالات الكهربائية وإلى ما هنالك من المستلزمات التي لا بد أن تتوافر في كل منزل.

"أم علي" 33 عاما، التي لجأت مع زوجها وطفليها نحو إحدى قرى جبل التركمان بعد أن طُلب زوجها من قبل أحد الأفرع الأمنية بتهمة مساعدة الثوار، حيث اعتادت على الغسيل على اليد وجمع الحطب وتعبئة المياه من الينابيع المنتشرة وذلك بالتعاون مع عدد من النسوة التي تشابهن في الظروف.

ريف اللاذقية شبه خالٍ من النساء .. والشباب يقومون بالواجبات المنزلية!

كانت فئة النساء والأطفال وكبار السن؛ الفئة الغالبة على النازحين، نتيجة القصف الهمجي الذي لا يستثني أحدا، وبقاء شريحة كبيرة من الشباب والرجال ضمن الريف المحرر، حيث يروي "محمد"  25 عاما، قصة نزوحه من إحدى قرى جبل التركمان نحو الشريط الحدودي مع عائلته، ومع اشتداد القصف أرسلهم نحو المخيمات التركية، وبقي هو على جبهات القتال: "لا أريد التضحية بأحد من أفراد أسرتي ببقائهم في ظل هكذا ظروف خطرة، أرسلتهم نحو تركيا منذ أكثر من شهرين، بينما أمضي معظم وقتي في إحدى نقاط الحراسة في المناطق الساخنة، وأعود ليلاً نحو خيمتي، لأشعل النار وأقوم بتعبئة المياه، ثم التنظيف والطبخ الذي أصبحت خبيراً به بعد نزوح زوجتي، أصبحت عندي خبرة كافية في التدبير المنزلي، وأشعر حقاً الآن بما تعانيه النساء".

ويضيف "محمد": "كنت أظن أن الطبخ و"النفخ" والغسيل وإلى ما هنالك من تدبيرات منزلية هي أشياء بسيطة تقوم بها المرأة، ولكن حسب المثل القائل "لا تدرك قيمة الشيء حتى تفقده" أدركت أن تلك الأعمال صعبة للغاية وقد تضاهي عمل الرجال خارج المنزل، ولاسيما في هكذا أوضاع استثنائية في ظل المعارك والاشتباكات".

رجال المخيمات الحدودية يداً بيد مع نسائهم

ومن ضمن العوائل التي لم يحالفها الحظ في قطع الشريط الحدودي نحو بر الأمان بعيداً عن أصوات المدافع وأزيز الطائرات؛ عائلة "أبو خالد" التي اضطرت للبقاء في إحدى المخيمات الحدودية رغم الخطر المحدق بهم في أن يصل صاروخ طائش إلى تجمع المخيمات البسيط.

يقول أبو خالد: "لم يكن هنالك الوقت والحظ الكافي للانتقال إلى تركيا، نجوت برزقي من الأبقار والأغنام من قريتي قبل أن يسيطر جيش النظام عليها، ونقلتهم نحو الشريط الحدودي، اضطررت للبقاء هنا أنا وزوجتي وأطفالي الثلاثة، ولا أستطيع تركهم والتوجه نحو نقاط الحراسة، فأقوم مع زوجتي بتدبير أمور الرزق، والطبخ وجمع الحطب وحتى أعمال التنظيف والغسيل يداً بيد، فليس عيباً على الرجل مساعدة زوجته في أعمال المنزل".

بعد الظروف التي تمر بها معظم المناطق السورية، يتعاون الرجال والنساء على واجبات الحياة اليومية رغم القصف العشوائي وأزيز الطيران، حيث تقوم بعض النساء بالتمريض والطبابة وحتى إعداد الطعام للثوار غير العديد من أمهات الشهداء والشهيدات اللواتي فقدن أرواحهن جنباً إلى جنب مع الرجال.