أخبار الآن | درعا – سوريا (عبد الحي الأحمد)
منذ بداية غاراتها الجوية على المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل الجبهة الجنوبية، عمدت الطائرات الروسية على استهداف الأحياء السكنية والمرافق العامة والمستشفيات في محافظة درعا جنوب سوريا، وذلك في خرق سافر للمواثيق والأعراف الدولية والإنسانية بغية النيل من الحاضنة الشعبية للجيش الحر وزرع الرعب بين المدنيين نظرا لدقة إصابة هذه الطائرات لأهدافها.
تدمير المشافي الميدانية
تسببت الغارات الروسية في درعا منذ بداية طلعاتها الجوية بتدمير أكثر من خمس مشاف ميدانية بعد استهدافها بشكل مباشر بالصواريخ الفراغية ما أدى إلى خروجها عن العمل، وكان آخرها "مشفى صيدا الميداني" بريف درعا الشرقي الذي تم استهدافه مساء يوم الثلاثاء، بعد مشافي الغرية الغربية وطفس ونوى وجاسم وعدد آخر من المشافي التي تعرضت لقصف غير مباشر أسفر عن تضررها بشكل جزئي.
فوبيا الطائرات الروسية ألقت بظلالها على عدد آخر من المشافي التي سرعان ما أغلقت أبوابها وأعلنت توقفها عن العمل خشية استهدافها أيضا، وهو ما ينذر بكارثة طبية تخيم على محافظة درعا على المدى المنظور.
الدكتور "خالد العميان" مدير الصحة في مجلس محافظة درعا الحرة تحدث لمراسل أخبار الآن بأن: "استهداف مشفى الغرية الغربية بطريقة مباشرة أسهم في زرع الخوف لدى باقي المشافي التي عادة ما تكون عبارة عن طابق واحد فقط ومن السهل تدميرها، لذلك وحفاظا على سلامة الكوادر الطبية والمدنيين المراجعين تم تعليق العمل في عدة مشافي أخرى منها مشفى نصيب ومشفى درعا البلد ومشفى عيسى عجاج، كما تم تحويل مشفى نبض حوران في مدينة داعل إلى نقطة طبية متقدمة وكذلك الأمر في مشفى النعيمة بسبب قربها من خطوط الاشتباك".
وتابع العميان قائلا: "سيتم إنشاء نقاط طبية بديلة للمشافي ستكون نوعا ما سرية ومتنقلة، كما سيتم دعم المشافي التي لم تزل تقدم خدماتها بكوادر أكثر وبمستهلكات أكثر بما أن عملها سوف يتضاعف".
كما أشار "العميان" إلى تعاون مديرية الصحة مع عدة جهات داعمة وذلك لتأمين المستلزمات المالية وبعض الأجهزة الطبية التي يحتاجها القطاع الطبي في ضل الضروف الراهنة.
استهداف ممنهج بين النظام والروس
لم يكن استهداف المشافي أمرا جديدا، فالنظام السوري لم يوفر جهداً في القضاء عليها وتدميرها سابقا، فقام باستهداف المشافي والنقاط الطبية ما يقارب 307 مرات على 225 منشأة طبية ما أدى لاستشهاد 670 من كوادر العمل الطبي منذ اندلاع الثورة السورية، حسب توثيق منظمة أطباء لحقوق الأنسان الدولية PHR، إلا أن ذلك لم يثنِ الكوادر الطبية، بدعم من المنظمات الإنسانية، عن مواصلة العمل في المناطق المحررة.
وفي اتصال خاص مع الدكتور "يعرب الزعبي" عضو شبكة الإنذار المبكر والاستجابة، تحدث لأخبار الآن عن القطاع الطبي في الجنوب السوري قائلا: "إن الوضع الطبي الحالي وبدون استهداف للمشافي يعتبر وضعا سيئا، إمكانياتنا في المشافي محدودة جدا كما أن الكوادر الطبية قليلة نسبيا مقارنة بعدد السكان، الآن وبعد ارتفاع وتيرة العمليات العسكرية وموجة النزوح الكبيرة ازدادت الأعباء على عاتق المشافي المتبقية".
وأردف الزعبي: "نحن في فريق EWARN شبكة الإنذار المبكر والاستجابة، عادة نقوم برفع تقارير لاستهداف هذه المشافي وتوثيقها ومحاولة إيصال هذه التقارير لمنظمة الصحة العالمية، إضافة أن كل مشفى يدعم من جهة طبية أو منظمة ترفع تقرير لهذه المنظمة ولمديرية صحة درعا".
وأشار الزعبي إلى أن الكوادر الطبية المتبقية في المحافظة غالبها هي الكوادر الطبية التي عملت ونشطت منذ بداية الثورة، مؤكدا على استمراريتها في العمل بهمة ونشاط محذرا من استمرار هذه الحملة الشرسة والممنهجة للمشافي الميدانية التي قد ينتج عنها كارثة طبية لا تحمد عقباها.