أخبار الآن | اللاذقية – سوريا (حلا محمد)
إبان الحملة العسكرية الشرسة التي تقوم بها قوات النظام على معظم المناطق الخارجة عن سيطرته؛ تحاول قوات النظام بعد الإنهاك الذي تعاني منه قواتها واضطرارها لااستيراد الميليشيات الشيعية الإيرانية واللبنانية التي تتقاضى رواتب عالية بالنسبة للمجندين السوريين؛ تقوم بمحاولات متكررة باستقطاب الشباب السوري بعد المحاولات المتكررة للايقاع بمن تجاوزت أعمارهم سن الاحتياط.
هرب الشباب من الحرب وضغط النظام
قام النظام وعلى مدى الأربع سنوات الفائتة ترغيب المتخلفين عن الخدمة الإلزامية بإعفائهم من العقوبات والغرامات المترتبة عليهم، إلى أن استنفذ الأعمار المحددة للخدمة العسكرية بين منشقين أو قتلى أو جرحى تم إهمالهم في المشافي المختلفة، والذين تم إعادتهم إلى بيوتهم بعد إصابتهم بأضرار جسدية دائمة؛ فهم ليسوا بحاجة له.
ثم اتبع سياسة "لمّ خدمة الاحتياط" الذي أرهب العديد من سكان مدينة اللاذقية مما دعا العديد منهم إلى السفر نحو الخارج، أو الاختباء إلى أن يحين موعد إسقاط قانون الاحتياط الذي قض مضاجع الجميع في المدينة الساحلية؛ إلا البعض اتبع سياسة "طعمي التم بتستحي العين"، حسب الثقافة الدارجة لدى موظفي النظام.
يقول "علي" أحد الشباب ضمن سن الاحتياط الذي استطاع بحكم وضعه المادي التهرب من الخدمة الإلزامية: "بعد أن بلغني قرار طلبي إلى الاحتياط استطاع والدي "التفييش لي"؛أي غض النظر عني، كلفني الأمر ما يقارب المليون ليرة سورية، بالإضافة إلى استخراج بطاقة أمنية أنني أحد عناصر الدفاع الوطني في اللاذقية، هنا كل شيء يمكن حله بالمال".
دعاية النظام للانضمام لصفوفه تصل إلى المساجد!
بعد استنفاذ قوات النظام خياراتها في الطلب للاحتياط وإلغاء العقوبات على المتخلفين عن الخدمة؛ عمد النظام إلى اتخاذ المساجد كورقة أخيرة لاستقطاب الشباب والقادرين على حمل السلاح بمبالغ مادية قد يراها البعض مبلغاً مادياً كبيراً، بينما هو لا يتجاوز الثمانين دولاراً امريكياً قد يفقد المتطوع حياته من أجلها.
حيث قام النظام في بداية الأمر باستقطاب الشباب اليافعين عن طريق إعلانات طرقية تلصق على الجدران "أشبه بنعوات الموتى"، تدعو الشباب إلى التطوع ضمن قوات الدفاع الوطني برواتب مالية، مع منح امتيازات أمنية كالبطاقات الأمنية وحرية التنقل ضمن المدينة والحواجز المنتشرة، مع امتلاك السلاح وحرية التصرف به مما رفع معدل الفوضى في المدينة، وتكوين ميليشيات شبيحة تحت اسم "الدفاع الوطني".
"حيدرة" ذو الثمانية عشر من الطائفة العلوية في حي الزراعة الموالي؛ انضم إلى ميليشيات الدفاع الوطني في مدينة اللاذقية، أساله عن صغر سنه وانتسابه متوجسة بعد سؤالي له عن أحد محلات البضائع النسائية، يجيب: "لا أريد الانضمام إلى الجيش فقد أقتل في أية لحظة، ولذلك قررت الانضمام إلى قوات الدفاع الوطني بعد فشلي في امتحان الشهادة الثانوية العامة، أحصل على راتب شهري وأحمل بندقيتي "الكلاشنكوف" حيثما ذهبت، التطوع في مدينتي أفضل من خوض الحروب على الجبهات، يكفيني أنني أذهب يومياً للمبيت في منزلي".
بينما يرفض "أحمد" من حي الصليبة الفكرة جملةً وتفصيلاً: "الإعلانات التي تنتشر في الشوارع ومؤخراً في المساجد تدل على فقدان الخزان البشري للنظام وفقدانه العديد من قواته، فبدلاً من أن يأتي باللبنانيين والعراقيين والأفغان الذين يكلفونه الكثير من المال، يستنفذ شباب بلده لوضعهم دائماً في فوهة المدفع، أفضّل الموت على أن أنضم إلى التشبيح ضد أهل مدينتي، أنتظر صدور "الفيزا" للسفر إلى تركيا كي أبدأ حياتي من جديد".
تعيش مدينة اللاذقية الساحلية مسرح أحداث يومية من طلبات الاحتياط أو التوظيف أو الاعتقال للشبان على الحواجز المنتشرة في المدينة، فهم أمام خيارات مرَّة: إما التطوع والتشبيح على أهالي مدينتهم أو الاستسلام لطلب الخدمة العسكرية، أو الهجرة نحو تركيا والخارج، والتي لا يمتلك معظم الشباب المبلغ المادي المناسب للخروج من هذا المعتقل الكبير الذي تحكمه شريعة الغاب.