أخبار الآن | الرقة – سوريا (عزام الحاج)
خرجت يوم الجمعة، 25 كانون الأول 2015، مظاهرة في قرية "العلي باجلية" في ريف الرقة الشمالي تندد بممارسات ما يُسمى قوات "سورية الديمقراطية"، التي يشكل حزب BKK عمادها البشري والتسليحي ويرسم لها إستراتيجيتها ورؤيتها السياسية بغطاء إقليمي، وبذريعة أولوية مكافحة الإرهاب المختزل في تنظيم داعش.
هذه المظاهرة جاءت رداً على تصعيد قامت به قوات سورية الديمقراطية ضد جيش العشائر في منطقة تل أبيض ولواء ثوار الرقة. وكانت قوات سورية الديمقراطية قد بدأت هذا التصعيد بقتل عنصر من جيش العشائر وجرح اثنين قبل بضعة أيام، الأمر الذي دفع بجيش العشائر إلى إصدار بيان مصور يدين فيه أعمال الميليشيات الكردية المقنعة باسم "القوات الديمقراطية". ثم بدأت هذه الميليشيات بتحريك منظمات "مدنية" تعمل على صناعة السلم والحوار في المنطقة، ما يشير إلى بدء تحرك قوى دولية لاحتواء الوضع هناك.
مظاهرات ضد التهجير
مظاهرة "العلي باجلية" ليست الأولى من نوعها في منطقة تل أبيض التي سيطر عليها تحالف عسكري فضفاض تحت اسم قوات "بركان الفرات" إثر اندحار قوات تنظيم داعش الإرهابي منها في منتصف شهر حزيران السابق. إذا كان سكان قرية "سلوك" التابعة لمنطقة تل أبيض، قد تظاهروا في وقت سابق للمطالبة بعودة المُهجرين الذين طردتهم الميليشيات الكردية من بيوتهم وأراضيهم بذريعة تعاونهم مع داعش.
ومظاهرة اليوم تأتي مع تنامي قلق سكان المنطقة العرب من استمرار سياسة تهجير صامتة وممنهجة لسكانها العرب تقوم بها هذه الميليشيات مترافقة ما يظهر أنه صمت متواطئ من القوى الدولية الراعية والداعمة لهذه الميليشيات. وبهذا يجد السكان العرب أنفسهم ضحية تواطؤ يستهدف اجتثاث وجودهم، خاصة مع ضعف القوى الوطنية في المنطقة، لواء ثوار الرقة وجيش العشائر.
المتظاهرون بعثوا برسائل وضاحة عبر لافتات حملوها وساروا بها في شوارع "العلي باجلية". تقول إحدى اللافتات: "عشائرنا ليست إرهابية"، في رد على اتهامات الميليشيات الكردية لسكان المنطقة بأنهم دواعش. وتقول لافتة أخرى رداً على سياسة التهجير العنصرية: "سورية لأهلها". فيما تقول ثالثة: "حصاركم يعزز إرهابهم"، في كشف للتواطؤ الموضوعي بين حصار الميليشيات الكردية لبلدات وقرى شمال الرقة واستفادة تنظيم داعش الإرهابي من نتائج هذا الحصار.
عودة الحراك السلمي
وكانت المقاومة المدنية السلمية، المظاهرات والاعتصامات والإضرابات، في سورية قد انتهت فعاليتها كأداة سياسية منذ مطلع العام 2013، عندما حاول المجتمع المدني مجابهة الفصائل الإسلامية في عدد من المناطق التي وقعت تحت قبضتها في الرقة وحلب ومنبج وبلدات في إدلب، في حين كان النظام قد قضى على أية شروط لقيام واستمرار العمل السياسي السلمي منذ مطلع العام 2012 عندما حول مقاربته لمواجهة الثورة إلى حرب مفتوحة على المجتمع السوري. كما كان حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، فرع حزب PKK التركي في سورية، قد أجهض مشاركة الشباب الكرد في الثورة السورية في وقت مبكر من انطلاقتها وفرض بمساعدة النظام السوري وتسليحه سيطرة على المناطق التي يتواجد بها الأكراد السوريون. ولذلك فليس مُرجحاً أن تؤدي المقاومة السلمية في شمال سورية إلى نتائج سياسية ملموسة، نظراً لطبيعة الجهة التي تستهدفها المظاهرات، لكنها ستبقى علامة فارقة على حيوية السوريين وتأكيداً إلى فهمهم لطبيعة الثورة بوصفها ثورة ضد نظام حكم استبدادي لا ثورة على الكيان الوطني السوري ووحدة الشعب والتراب السوريين.