أخبار الآن | اللاذقية – سوريا – (حلا محمد)

لم تعد "أم أيمن" تذهب لشراء حاجياتها المنزلية اليومية من الأسواق، فقد باتت تنتظر عودة زوجها من العمل: "في الماضي كنت أستمتع بشراء حاجات منزلي وحدي ﻷن ظرف عمل زوجي ﻻ تسمح له بذلك، لكن وبعد أن تعرضت لكثير من الإزعاجات من بعض الشبيحة وقليلي التربية اضطررت إلى التزام بيتي وانتظار زوجي لحين عودته فيجلب لي ما أحتاج".

تفتقر مدينة اللاذقية للحد الأدنى من هامش اﻷمان في الظروف الراهنة، وبشكل خاص للمرأة فيها. فمع ازدياد عدد السكان فيها بسبب نزوح الكثير من سكان المحافظات اﻷخرى، وتزايد وتيرة التشبيح والتجاوزات في المدينة، فقد الحد الأدنى من الشعور بالطمأنينة لدى الأهالي والنازحين على حد سواء.

وتفضل اليوم الكثير من النساء والفتيات الاعتكاف في بيوتهن ما إن يحل المساء خوفاً من أي موقف قد يعترض طريقهم.

التحرش في الجامعة والأماكن العامة

تقع جامعة تشرين في مدينة اللاذقية في منطقة محسوبة سكانيا على الطائفة العلوية، وأمام هذا الموقع بات ارتياد الجامعة للفتاة المحتشمة أمراً ليس بالسهل، فهي تتعرض بشكل خاص للتحرشات اللفظية اليومية.

"وفاء" طالبة في كلية العلوم من محافظة حماة لجأت لاستئجار بيت في منطقة المشروع السابع برفقة صديقاتها الثلاث باعتبارها المنطقة اﻷقرب للجامعة، لكن يبدو أن نمط لباسهم الملتزم قد أزعج جيرانهم، فتعمدوا إزعاجهن ليغادروا المنزل إلى منطقة أخرى، تقول وفاء: "فضلنا هذه المنطقة نظراً لقربها من الجامعة، لكن الجيران لم يحتملوا رؤية فتيات من طائفة أخرى خصوصا أننا محجبات، تركنا المنزل تجنبا للمشاكل."

تتعرض الفتيات أيضا للتحرش والإزعاج في وسائل النقل الداخلي، ففي ظل الغلاء المتزايد يبقى "باص" النقل الداخلي هو الأرخص في الاستخدام لاسيما من قبل طلاب الجامعة، لكن الفتيات هنا لم تسلم من المضايقات.

"فرح" تصفهم باﻷنذال: "يتعمد الكثير من الشباب "الشبيحة" ومن الموالين التحرش بنا، ولا نستطيع الدخول في شجار خوفا من وقاحتهم لذلك أفضّل في كثير من الأحيان المشي تفاديا لمواقف كهذه.

وعلى أفران الخبز أيضا

أفران الخبز في اللاذقية، كما في كل المدن، تحتوي على مكانين إحداهما لبيع الرجال واﻵخر لبيع النساء، لكن هناك بعض الرجال يعمد إلى التسلل في طابور النساء والتحرش بعن لفظيا وجسديا.

هذا الأمر حدا ببعض النساء إلى عدم الذهاب لشراء الخبز. "أم علي" عبرت عن ذلك بقولها: "كنت أذهب إلى الفرن ﻷشتري الخبز لكني لم أعد بعد موقف مزعج قام به أحد الرجال بتصرفات مخجلة، عمدت إلى ضربه حينها وأقلعت عن الذهاب لذال المكان".

العين لا تقاوم المخرز .. "مدينة اللاذقية" باتت السجن الكبير لأهلها، خاصة بعد أن فرغت من شبانها الذين إما اعتقلوا أو هربوا من شبح خدمة الاحتياط الذي يهددهم. ولعل ارتفاع نسبة التحرش فيها هو الصلاحيات التي يعطيها النظام لشبيحته في التعدي على حرمات الناس ومن الطائفة السنية بشكل خاص، أمام عدم التدخل من قبل أحد في مواقف كهذه خوفا  من عنف الشبيحة ومجرمي النظام.