أخبار الآن | القلمون – سوريا (أبو محمد اليبرودي)
بضعة نساء من القلمون اللواتي يعرفن بإصرارهن وعنادهن, لم يستكينوا لحياة اللجوء فكان أن بدأت فكرتهن بالبدء بتجميع طاقات النساء لتنفيذ نشاطات تفيد المجتمع والاستمرار في الثورة لتتكلل جهودهن بتشكيل "جمعية نساء يبرود".
المرأة السورية المبدعة
استمرار حرب النظام على شعبه في سوريا، ومشقة الحياة في خيام اللجوء في عرسال اللبنانية، كان دافعا للعديد من نساء القلمون للبدء بمشاريع تطوعية هدفها تجميع طاقات النسوة في مساندة عائلاتهن اقتصاديا بتحمل أعباء اللجوء بالإضافة لاستغلال أوقات فراغهن بأعمال تطوعية تفيد أبناء بلدهم وتخفيف معاناتهم وتوعية الأطفال بمستقبلهم.
تفيد "أم عبدو" اليبرودية مؤسسة الجمعية، أن بداية الفكرة كان انطلاقها من إحدى خيام اللجوء من بضع نساء بادرن إلى تحفيز المرأة على العمل للتغلب على وضع اللجوء والقدرة على الإنتاج في سبيل مساعدة عائلاتهن في مصروف المنزل، إضافة لإغناء المجتمع بالأعمال التطوعية والتي سترتقي بنظرة المجتمع للمرأة في ظل الظروف الصعبة بأنها مساعدة في طريق الثورة وليست عائقا كما يراها البعض.
تكللت الفكرة بالنجاح كخطوة أولى حيث أشارت "أم عبدو" أن النسوة بادرن بتوزيع الهدايا بداية على نسوة المخيمات من أشغالهن الخاصة في الخياطة والتطريز، وقيامهن بالطبخ المنزلي وذلك تحفيزا منهن للنسوة على الانضمام للجمعية والبدء بالإنتاج والتطوع في العمل الذي سيعود بالنهاية على المجتمع بالفائدة والنفع.
وتضيف أم عبدو أن الفكرة ما لبثت أن أصبحت واقعا ناجحا وذلك بازدياد عدد النسوة المبادرات للعمل ضمن الجمعية وذلك للاستفادة من الوقت المقتول في المخيمات بالإضافة للسعي إلى كسب مصدر رزق يعينون فيه أهاليهن في المصاريف الباهظة اليومية.
إنتاج وتوزيع
سارعت أم عبدو والنساء المشرفات الأخريات لتأمين طرق لتصريف المنتجات التي تقوم النسوة بصنعها وذلك داخليا بين المخيمات إن كانت منتجات غذائية, أو خارجيا إن كانت منتجات نسيجية أو صوفية عن طريق بعض النساء المغتربات اللاتي تبرعن بتنظيم حملات لتصريف هذه المنتجات على أنها إعانة لأهالي المخيمات.
ولم تكتف النسوة بذلك، بل إن الجمعية قامت بعدة معارض متنقلة بين المخيمات للتعريف بدور المرأة في هذه الظروف وللتشجيع أيضا على أن المرأة بإمكانها تقديم الكثير لصالح وطنها وأسرتها ومساعدتها على تجاوز شعور العجز الذي ينتاب معظم نساء القلمون النازحات بسبب سو الوضع المعيشي الذي انتقلوا إليه من عيش المنازل إلى عيش الخيام.
لم يكن هذا الحدث غريبا عن الجو القلموني العام فقد اعتاد رجال القلمون مشاركة النسوة لهم في الدراسة والعمل، وفي أيام الثورة كانت المرأة اليبرودية جزءا أساسيا من الحراك الثوري في المدينة فكانت المتظاهرة والرسامة والممرضة.
تقول فاطمة، وهي طالبة جامعية من يبرود اضطرت لترك دراستها بسبب اللجوء، أن نسبة كبيرة من نساء القلمون هن إما طالبات في الجامعات السورية أو موظفات يعينون أزواجهن في مصاريف الأسرة وذلك في سياق أنهن السباقات للتطوع بأعمال تفيد في تقدم المجتمع, و كان ذلك حتى اندلاع الثورة فكانت المرأة القلمونية سباقة إلى الخروج إلى الساحات مشيرة إلى أن شرارة تفجر الثورة في يبرود كان سببها اعتقال امرأة في مظاهرة من يبرود.
المرأة في الثورة المستمرة
تشير فاطمة أن المرأة القلمونية كانت شريكة حقيقية للرجل في ثورة سوريا المباركة، فقد نزلت الى الشوارع وشاركت في التظاهر وشاركت بالرسومات الثورية على جدران المدينة العامة وتزيينها بأعلام الثورة التي ما لبثت أن أصبحت أيقونة على مستوى الثورة السورية.
وتضيف فاطمة بأنهن وجدوا في هذه الجمعية بابا كبيرا لاستكمال درب ثورتهم من خلال قدرتهم على تقديم أمور ايجابية للمجتمع تساهم في تجاوز أزمة اللجوء اضافة لملئ الوقت الكبير الضائع في المخيمات والذي أصبح الآن بالإمكان استغلاله لصالح الثورة, هذا عدا عن الاستفادة من الانشطة الترفيهية للأطفال وتنمية مهاراتهم من خلال نشاطات الجمعية الترفيهية لأطفال النساء المنضمات للجمعية.
كانت النشاطات الإيجابية للجمعية محفزا ايجابيا لازدياد اقبال نساء المخيمات على الجمعية ويعتبر ذلك مؤشرا ايجابيا على نجاح الجمعية في رفع مستوى الوعي الاجتماعي للنساء اللاجئات وإدخالهم في جو جديد يجعلهم يدركون أنهم قادرون على المشاركة والإنتاج بدلا من الانتظار والتأقلم مع الأجواء المحبطة للجوء.