معلولا، ريف دمشق، سوريا، 6 يناير، (مالك أبو خير، خاص أخبار الآن)
يقول لك البعض:” لماذا تتحدث عن الكنائس فالجوامع أيضاً هدمت والجامع العمري بدرعا اكبر مثال”، ويأتي مسيحي من معلولا ويقول لك :” ما ذنب كنائس معلولا أنت تدفع ثمن ثورة لم نقبل أن تدخل أراضينا منذ بدايتها؟”، وبين ذاك المسيحي، والآخر المعارض الذي شعر أن معظم مقدساته الإسلامية من جوامع ودور عبادة وحتى مناطق اثرية بات حطام تقف حائراً لا تستطيع أن تقول لأي طرف منهما أي كلام.
فالأول يرى انه خارج نطاق الثورة وبالتالي يجب على الثورة أن تحترم مكان تواجده، وعليها أن لا تقترب من مناطقه الأثرية وكنائسه والثاني يرى انه تحت سطوة نظام دمر له كل أحلامه وهجره من أرضه وقتل كل من حوله ” وتحت راية طائفية واضحة”.
اذا وقفت ككاتب على خط الحياد، وتسال كل طرف منهما عن السبب يجد الاتهامات متبادلة فكل طرف بتهم الآخر بسبب ما حدث فالأول يتهم الثورة والآخر يتهم النظام، وطوال وبقائي في خط الحياد لن أجد خطوط تلاقي بين الطرفين.
ولنبق على الحياد، ولنتساءل من المستفيد من دمار اهم رموزنا الأثرية بدءاً من الجوامع والكنائس في حلب وصولاً الى الجامع العمري في درعا، النظام قولاً واحداً هو صاحب الدور الأكبر في التدمير، وطيرانه ومدفعيته لم ترحم طفلاً او جامعاً او كنيسة، وعند دخولي الى مدينة معلولا كان واضحاً حجم الدمار الذي سببته مدفعية النظام والتي استهدفت دير مار تقلا بشكل مقصود عنوة عن باقي الكنائس، وتحديداً عند وجود الراهبات به وهذا بناء على شهادات من مسيحي مدينة يبرود نفسها الذين يحتضنون الراهبات حالياً”.
لكن في المقابل هناك من استغل حالة الفراغ والحرب وكان لاعب دور مهم في نهب اهم تراث في الشرق الاوسط، فالنظام يقصف بلا رحمة وهو يقوم بسرقة ما يستطيع، ورغم أن الثوار في محيط معلولا استطاعوا القاء القبض على عصابة وهي تسرق بعض القطع الاثرية من معلولا الا ان حالة الصراع لا تمكنهم من ضبط كل شي، فهناك خائن دوماً يسهل السرقة ويقبض ثمن خيانته، وقد سبقه الى ذلك قوات النظام عندما دخلت معلولاً في الاقتحام الاول لها.
وبالعودة للنظام فإن الثوار حاولوا التعامل معه بذكاء قدر الإمكان، فإطلاق النار كان دوماً من مناطق بعيدة عن الكنائس حتى لا يكون الرد عليها، لكن رد النظام كان يستهدف الكنائس حصراً في حين ان جامع دير معلولا في وسط المدينة لا يطوله اي قصف كي يكون هذا سبباً لحقد طائفي فهو يقصف الجامع العمري علانية لكنه يتجنب جامع معلولا في وسط المدينة خوفاً عليه ويمطر الكنائس بالقذائف.
وبالحديث عن اقتحام الأول والثاني لمعلولا بين الثوار والنظام فلكي يكون الجميع بصورة ما حدث، فبعد الاقتحام الاول للثوار لم يتم نهب اي مكان في معلولا ولم تحرق كنائس او جوامع لكون الجيش لم يكن مسؤولا عن حمايتها وانما فرق مسلحة من ابناء معلولا نفسها وبعد دخول وساطات تم الاتفاق على تراجع الثوار الى فندق سفير معلولاً في حين يبقى الجيش في الطرف المقابل والجهتان خارج نطاق المدينة، وحين انسحب الثوار دخل الجيش المدينة واحتل كل بيوت السنة من اهل معلولا وحرقها كعقاب لهم لكونهم من الثورة ونصب حواجز في مدخل المدينة وباشر القصف باتجاه داخل القلمون مما دفع الثوار للعودة ودخول المدينة ولتسقط كل حواجز الجيش خلال 16 دقيقة فقط، ولينسحب الجيش ويبدأ بعدها قصفه المنظم لكل المدينة.
وتبقى معلولا كمدينة اسيرة صراع لا يرحم، وقذائف دمرت معظم معالمها، مع عدم وجود حل في الافق القريب لها، حالها كحال اي مكان اثري في سوريا فقذائف الحرب لم ترحم طفلا او امرأة ولم ترحم جامعاً ولا كنسية ويبقى من يمتلك الاسلحة الثقيلة والطيران والصواريخ الفراغية وغيرها من سلاح الموت صاحب الاتهام الاكبر فيما يحدث على الارض.