تسعى إيران باستمرار إلى مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي وتفرض قيوداً على الناشطين، وتمنعم من التعبير عن آرائهم، حتى أنها تلجأ إلى قمع المؤثرين عبر تلك المنصات.
ومن بين الذين تعرضوا لآلة القمع، الشابة فاطمة خيشفاند، التي كانت تحلم بأن تصبح مشهورة من خلال منصة “انستغرام”.
وكانت خيشفاند تنشرُ صوراً لها تمّ التلاعب بها من خلال برامج الفوتوشوب، وذلك عبر حساب يحمل اسماً مستعاراً وهو “سحر طبر”. وفي الواقع، فإنّ خيشفاند برزت بمظهرها الشبيه بـ”زومبي أنجلينا جولي”، واستطاعت كسب متابعين على “إنستغرام” بلغ عددهم 486000 متابع.
وفي البداية زعمت خيشفاند أنها خضعت لنحو 50 عملية تجميل لتبدو مثل جولي، لكنها أقرت بعد ذلك بأنها استطاعت الوصول لمظهر زومبي أنجلينا جولي من خلال مساحيق التجميل، والتعديل الإلكتروني.
في إيران.. النشر عبر مواقع التواصل قد يكون أمراً خطيراً
غير أن الشهرة التي حظيت بها خيشفاند كان لها ثمن، باعتبار أن النشر في إيران على مواقع التواصل الإجتماعي قد يكون أمراً خطيراً. وهناك، تفرض السلطات قوانين صارمة بشأن ما يمكن نشره وما لا يمكن نشره. وبالنسبة للمسؤولين، فقد كان يُنظر إلى صور خيشفاند على أنها جرائم، وليست خدعة ذكية لفتاة مراهقة من خلال برنامج فوتوشوب.
ولهذا، جرى اعتقال خيشفاند في أكتوبر/تشرين الأول 2019 بتهم عديدة بما في ذلك التحريض على العنف وإهانة الزي الإسلامي وتشجيع الفساد بين الشباب. وإثر ذلك، جرى حذف حساب خيشفاند على “انستغرام”، وظلت في السجن لأكثر من عام، وقد جرى إصدار حكم بحقها في ديسمبر/كانون الأول الماضي، يقضي بسجنها لمدّة 10 سنوات، وفق ما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية “BBC“.
وبعد أيام من صدور الحكم بحقها، جرى إطلاق سراح خيشفاند مقابل كفالة، وذلك عقب حملة ضخمة أطلقها ناشطون إيرانيون باتجاه حكومة بلادهم.
وقال مسيح علي نجاد، صحفي إيراني بارز: “لإيران تاريخ في اعتقال النساء لقيامهن بالرقص والغناء وخلع حجابهن الإجباري ودخول الملاعب، ولكن هنا كان الاعتقال لمجرد استخدام الفوتوشوب”.
ومن الصعب الحصول على بيانات دقيقة عن جرائم الإنترنت في إيران. إلا أنه وفقاً لبحث أجرته مجموعة نشطاء حقوق الإنسان في إيران ومقرها الولايات المتحدة، فقد تم اعتقال ما لا يقل عن 332 شخصاً بسبب أنشطتهم على الإنترنت منذ 20 ديسمبر/كانون الأول 2016، وقالت المجموعة إن 109 منهم دخلوا السجن بسبب أنشطتهم على “انستغرام”.
وبصفته شبكة التواصل الاجتماعي الرئيسية الوحيدة التي لم تحجبها الحكومة، فإن “انستغرام” هو منصة شعبية للشباب للتعبير عن أنفسهم. وواقعياً، فقد خلق ذلك معضلة للحكومة التي يقول الخبراء إنها تكره حجب المنصة خوفاً من إثارة الاضطرابات، وإعاقة أصحاب الأعمال الذين يعتمدون عليها في الدعاية، وقطع وسيلة مفيدة للتواصل مع مواطنيها.
وأشارت تارا سبهري فار، الباحثة الإيرانية في هيومن رايتس ووتش لـ”BBC”، إلى أنه جرى استدعاء العديد من المؤثرين في إيران لاستجوابهم.
وفي العام 2014، حُكم على 6 إيرانيين بالسجن والجلد لظهوهم في فيديو يرقصون على أغنية “Happy” لفاريل ويليامز. كذلك، تمّ في العام 2018 القبض على لاعبة جمباز مراهقة لنشرها مقاطع فيديو لنفسها وهي ترقص على موسيقى البوب.
ومع هذا، تعرض العديد من الناشطين على “إنستغرام” للمضايقات والاعتقال والمحاكمة من قبل السلطات الإيرانية، وقد تم اجبارهم على الاعتراف بجرائمهم المزعومة.
ويقول سيد أحمد موينشيرازي (42 عاماً) إنه وزوجته شابنام شاهروخي (38 عاماً)، على دراية بالأساليب القمعية للسلطات الإيرانية، إذ أنهما كانا من المؤثرين على وسائل التواصل الإجتماعي خصوصاً “انستغرام”.
وأوضح موينشيرازي أنه منذ العام 2018، تعرض لحملة ترهيب من قبل الشرطة الإلكترونية الإيرانية، التي استدعته للاستجواب، وقد استمرّ ذلك لنحو ساعة.
وأشار موينشيرازي إلى أنه تعرض للتهديد مراراً بتهم تجسس لا أساس لها، كما جرى أمرُه بإزالة بعض المنشورات مثل تلك التي أظهرت زوجته من دون الحجاب الإلزامي، وأضاف: “لقد قالوا أن هذه المنشورات لوثت إيران بالثقافة الغربية”.
وأوضح موينشيرازي أنه تمّت إزالة المنشورات على النحو المطلوب، لكن المضايقات استمرت وبلغت ذروتها باعتقاله مع زوجته واطلاق سراحهما بعد ذلك بكفالة قدرها 200 ألف دولار في العام 2019.
وخوفاً على حياة أطفاله الصغار، فرّ موينشيرازي وعائلته إلى تركيا في سبتمبر/أيلول 2019، علماً أنه جرى الحكم على الزوجين غيابياً بالسجن 16 عاماً و 74 جلدة وغرامة.
ومع هذا، يعتقد موينشيرازي أن الحكومة الإيرانية أرادت أن تجعل منه عبرة، كما فعلت مع خيشفاند.
تريندينغ الآن | مغني راب يدّعي توفير لقاح كورونا لتونس…وجدل بعد تكذيبه من الصين