أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (أمين الدزيري)
صحفيان ألمانيان برنارد هوتون ويواكيم براندت أرسلا في مهمة سنة 1932 لكتابة قصة صحفية عن ورشة تصليح السفن في هامبورغ فباغتتهما غارة جوية.
التقط الرجلان صورا لتوثيق الغارة، وعند عودتهما روى الصحفيان ما حدث، فلم يصدقهما أحد فحمضا الصور لاثبات روايتهما فكانت المفاجأة .. الصور لا تحمل بداخلها لا غارة ولا هجوم.
الأغرب أن غارة جوية استهدفت نفس المكان بعد 11 سنة Operation Gomorrah وهي إحدى الغارات الجوية على “هامبورغ”، وعندما رأى الرجلان صور الغارة في الصحف وجداها مشابهة تماماً لما شهداه في عام 1932. بغض النظر عن مدى صدق القصة من عدمه تخيل أنك بصدد مشاهدة فيلم.
للأسف الفيلم كان مملا فقررت تغييره.. ولكن قبل ذلك دفعك الفضول لمعرفة مصير البطلين فانتقلت بكبسة زر للنهاية لتجد أن البطلين يعيشان في هناء وسعادة.
في هذا الموقف كنت أنت المتحكم في جميع أزمنة الفيلم.. ماضيه حاضره ومستقبله وكل هذه الأزمنة موجودة فعلا في نفس اللحظة وبامكانك التنقل بينها كما تشاء لأنك أنت المسيطر على زر التحكم.
الآن تخيل ان كنت أنت بطل الفيلم وداخل الشريط ، وهنا أعني “بداخل الشريط ” أن عالمنا الذي نعيش فيه ونتحرك بداخله وفي أبعاده المكانية والزمانية هو نفس الشريط الذي كنا نتحكم فيه بجهاز التحكم.
ولكننا اللآن موجودون بداخله ولا أدري من حسن أو من سوء حظنا لازلنا لانملك هذا الجهاز العجيب للتنقل بواسطته بين أزمنة الشريط والسبب أن احساسنا الضيق بالمكان والزمان تحده اللحظة التي نعيشها
في حين أن نظريا جميع الأزمنة موجودة فعلا في نفس الوقت تماما كالفيلم الممل.
المثال الذي كنت أحاول شرحه هو فعلا من ثوابت الفيزياء الحديثة اليوم و من أسس النظرية النسبية التي طورها ألبرت أينشتاين في بداية القرن العشرين والتي أحدثت نقلة نوعية في الفيزياء النظرية وعلم الفلك حيث جعلت من الزمان والمكان شيئاً موحداً أو ما يُعرف بالزمكان بعد أن كان يتم التعامل معهما كشيئين مختلفين منفصلين. وجعلت مفهوم الزمن يتوقف على سرعة الأجسام وشدة الجاذبية التي يتحرك فيها الجسم. أي أن كل ما زادت سرعة الجسم كل ما مر عليه الوقت أبطأ.
لفهم هذا المبدأ ولاثبات صحة النظرية النسبية من عدمه قام الفيزيائي جوزيف هافليه وعالم الفلك ريتشارد كيتنغ بتجربة عملية سنة 1971 وسميت ب Hafele–Keating experiment
حيث استعمل العالمان ساعات ذرية وهي ساعة متناهية الدقة وقاموا بوضع الأولى في المختبر والأخرى على متن طائرة نفاثة أين أن الأولى في مكان ثابت والثانية في جسم متحرك بسرعة.
المبهر أن بعد المقارنة بين الساعتين سجل العالمان اختلافات بينهما مما يثبت صحة النظرية النسبية. الفرق بين الساعتين كان مجرد أجزاء من المليار من الثانية لكنه فرق بغض النظر عن قيمته.
أي أن الطائرة النفاثة عندما عادت إلى الأرض كانت بالفعل قد سافرت إلى المستقبل بضع أجزاء من المليار من الثانية وبالتالي لو توصل العلم لصنع مركبة تسير بسرعات أعلى ستكون النتائج محسوسة أكثر.
ثواني ممكن .. ساعات .. أو قفزة بسنوات مثلا !! لا نعلم !!
لتفسير العملية أكثر وبحسب النظرية النسبية.. كلما اقترب الإنسان لسرعة الضوء كلما تباطأ الزمن .
يعني أن ساعتك ستدور ببطء بالنسبة لساعات الموجودين في الزمن الحالي، وعندها ستبطيء ساعتك أكثر فأكثر لتستطيع حينها أن تسافر للمستقبل لعشرات الآلاف من السنين!
ولكن في الأخير نقول أن النظريات تحتاج لتجسد عمليا حتى تصبح واقعا كما الحال مع كل ما شهدناه من تطور في العلوم والمعارف والقفزة التكنولوجية التي شهدها الجنس البشري منذ عقود مضت.
للمزيد:
أسرار أكبر سجن على وجه الأرض
أسرار وخبايا القصة الكاملة لمسلمي الإيغور