اخبار الآن | القاهرة – مصر – (رانيا الزاهد)

المرأة اليابانية الشابة المهذبة التي تجلس وراء مكتب الاستقبال في الفندق لتنجز لك اجراءات الدخول وهي تتحدث الإنجليزية بطلاقة، بينما تشع عيونها بالاشراق وشعرها باللامعان وتبتسم ابتسامة رقيقة وهي ترتدي زيها الأنيق، يجب ان تحذر وانت تتعامل معها بحيث لا يجب ان تسرب أي مياه عليها، وإلا قد تنفجر لأنها ببساطة انسان ألي "روبوت" وواحدة من عشرات الروبوتات في فندق بالقرب من ناجازاكي باليابان.

هناك روبوت يعمل في المرحاض وغرفة الخدمة، واخر للتنظيف، ولا شك هناك روبوت لوضع الشوكولاته على وسادتك. فندق "ستراينج" أو "غريب"، والذي افتتح هذا الصيف، اسم على مسمى فهو جزء من ثورة الروبوت التي تجتاح أماكن العمل في جميع أنحاء العالم. وسوف يكون لها تأثير عميق على الاقتصاد البريطاني والمجتمع في المستقبل.

هذا الأسبوع، نشر مركز ديلويت تنبؤ جديد قاسي للغاية يقول إن 35 في المائة من وظائف المملكة المتحدة اليوم في "خطر كبير" من تحويلها للروبوتات في الـ20 عاما المقبلة. في أجزاء معينة من البلاد، تكون نسبة الخطر أعلى من ذلك بكثير – حيث تبلغ نسبة هذا الخطر  60 في المائة في منطقة الشمال الشرقي وويلز.

وتأتي وظائف مثل المبيعات الهاتفية والالة الكاتبة والوظائف البنكية على رأس قائمة الوظائف المعرضة لخطر التحويل للروبوتات.

هل يجب أن نكون قلقين؟ يقول العديد من الخبراء لا، فهذه أحدث خطوة في رحلة طويلة بين الإنسان والآلة. في عام 1871 كد ما يقرب من مليون مزارع على الأرض، والآن هناك أقل من 50 ألف، ولكن من ناحية أخرى هناك زيادة بنسبة 20 ضعف في عدد المحاسبين خلال الفترة نفسها.

وقال العديد من المحللين، إن هذه هي دائرة الحياة بالنسبة للعمل: الاعمال التي تتطلب جهد عقلي تحل محل تلك التي تتطلب جهد عضلي. الأعمال التي تتطلب مهارات أقل تنقرض وتحل محلها وظائف جديدة تتطلب درجة عالية من المهارة.

لماذا؟ لأن وجود جيش من الروبوت للقيام بهذا العمل المضني يقلل من تكلفة الإنتاج، والذي يؤدي الى تراجع الأسعار وترك المزيد من السيولة للتوظيف بمبالغ اعلى. والآن اصبح هناك وظائف شاغرة كثيرة، فمنذ عام 1990 تضاعف الطلب على مديري تكنولوجيا المعلومات بنسبة ثلاث مرات.

ولكن إذا كان المستقبل وردي جدا، لماذا حذر رئيس جوجل اريك شميت من "السباق بين أجهزة الكمبيوتر والناس؟" لأن وتيرة التغير التكنولوجي الهائل تتغير بسرعة لم يسبق لها مثيل ، فلم تعد أجهزة الكمبيوتر تقوم بوظائف ذوي الياقات الزرقاء مثل لحام السيارات وبيع السلع في محلات السوبر ماركت، لكنها بفضل الذكاء الاصطناعي، تسير الآن في طريق يجعلها يمكن أن تحل محل وظائف ذوي الياقات البيضاء ايضا.

هناك مثال على ذل مثل المساعدين القانونيين الذين يتدربون لسنوات للقيام بعمل حيوي مثل جمع الأدلة – الآن يمكن للبرنامج من خلال تمشيط الآلاف من الوثائق القيام بهذه المهمة في لمح البصر.

حتى الأطباء اصبح الروبوت الان أكثر كفاءى منهم، فقد قدمت شركة IBM متعددة الجنسيات، كمبيوتر فائق الذكاء استطاع تشخيص سرطان الرئة بنجاح في 90 في المائة من الحالات مقابل 50 في المائة للاطباء.

وحتى الصحفيين.. فقد صممت شركة في شيكاغو برنامج جديد يدعى " Quill الريشة" الذي يمكن أن ينتج تقارير عن الأعمال والرياضة من دون أي حاجة لصحفيين.

فمن السهل أن نرى لماذا يفضل أرباب العمل الاجهزة.. الروبوتات لا تمرض، ولا تحتاج استراحة الغداء، انهم لا ينامون ولا يشعرون بالوجع. لذلك يمكن خفض تكاليف العمل وزيادة هوامش الربح.

ولكن هل سنواجه البطالة الجماعية إذا احتلت الماكينات سوق العمل؟ يرى مارتن فورد في كتاب له بعنوان " Rise Of The Robots صعود الروبوتات": التكنولوجيا تهديد مستقبل البطالة. العنوان يقول كل شيء ويفسر إن أي وظيفة لن تكون محصنة ضد خطر الروبوتات.

البروفيسور كيفين وارويك، أحد المطورين في الشركات الرائدة في المملكة المتحدة قال:" نحن بحاجة إلى إعادة التفكير في النظام برمته".

اما المستشار السابق في الحكومة البريطانية، دانييل سسكيند، الذي شارك في تأليف كتاب عن مستقبل المهن، دعى لتشكيل لجنة تحقيق حكومية. وقال"نحن ذاهبون لرؤية المزيد من التغيير في المهن في العقدين القادمين بعد ما رأيناه في القرنين الماضيين".

بالطبع، يجب علينا أن نرحب بالتقدم التكنولوجي حيث أنه يحسن حياة المليارات من الناس  ولكن ليس عندما يسبب البطالة للكثيرين.