يكاد يحمل تحذير منظمة الشرطة الأوروبية “اليوروبول” ملامح التوقع، وهو يفترض أن أول جريمة قتل على الإنترنت ستحدث في نهاية العالم الحالي!واعتمد ذلك التوقع المخيف على تقارير نشرتها وكالة الأمن الأميركي، بعد تصاعد حالات القرصنة على الإنترنت.
لا توجد أدلة قاطعة على القيام بأعمال القتل عبر الشبكة العنكبوتية، مع أنه لو تسنى لأحدهم أن يطلق شحنة كهربائية قاتلة لفعلها باتجاه من يختلف معه في الرأي!
لحسن الحظ أن الشتائم والكلام البذيء أكثر ما يفعله قتلة اليوم، حتى يتسنى لهم القتل الفعلي كما توقعت الشرطة الأوروبية أن يحدث خلال الأشهر الأخيرة من عام 2014!
"القتل المتوقع" هو نتيجة الترابط التكنولوجي الذي جمع مفاتيح أبواب المرآب والمنازل والسيارات وحتى أجهزة علاج القلب والحسابات المصرفية، بعد ربط عشرات المليارات من الأجهزة بالإنترنت خلال العقدين المقبلين.
وهكذا لفت “اليوروبول” لطرق جديدة للابتزاز عن طريق استخدام الإنترنت، بالتحكم في إغلاق السيارات والمنازل، وعدم السماح للناس بالخروج منها، حتى يدفعون فدية، داعيا إلى تأسيس نظام جديد للحماية، يعتمد على الصوت وتعبيرات الوجه حتى يكون أكثر أمنا ولا يتمكن أحد من اختراقه بسهولة.
ويبدو الأمر أخطر بكثير من التحذيرات التي سادت مؤخرا حول المواقع المتطرفة أو المتعاطفة مع التنظيمات المتشددة، الأمر الذي صاعد المطالب بإزالة هذه المواقع من محركات البحث.
إلا أن المدير التنفيذي لشركة غوغل أريك شميدت رفض إزالة مثل هذه المواقع المتطرفة من محرك البحث العملاق. مسوغا ذلك بالقول “إن وظيفة غوغل فهرسة كل ما ينشر على الإنترنت بغض النظر عن طبيعته، ولا يمكنه تحديد من الوهلة الأولى ما هو صالح وما هو شرير”.
ويأتي تحذير منظمة الشرطة الأوروبية، الذي نشرته صحيفة الإندبندنت البريطانية هذا الاسبوع ليفاقم التساؤلات ويثير الهلع، خصوصا في ظل ضعف الحكومات وعدم استعدادها للتصدي لهذا النوع من الإصابات وجرائم القتل عن طريق الإنترنت.
المجرمون الافتراضيون أصبحوا واقعيين بفضل إمكانية اختراق الأجهزة والتحكم فيها، فهم يستخدمون كاميرات الكمبيوترات والهواتف المحمولة في الاختراق، لأنه من المتوقع أن ترتبط كل الأجهزة الإلكترونية ببعضها خلال العقدين المقبلين.
وتدور المطالبات اليوم إلى تطوير تقنيات الطب الشرعي، لمواجهة مخاطر مشاكل الإنترنت، وضرورة وضع أجهزة مراقبة في الطرقات وأمام المستشفيات.
إلا أن هذه المطالب تصطدم بالتردد المشوب بالخطر من قبل الشرطة التي ترى أن مراقبة كل شيء قد يمكن المخترقين من الوصول إلى معلومات لا يجب أن يصلوا إليها، للحصول على المال، أو مهاجمة أشخاص آخرين.
الخبير التكنولوجي رود راسموسين يرى أن حقيقة القتل على الإنترنت أضحت واقعا قريبا، مع تكوّن سوق ضخمة غير مرئية تباع وتشترى فيها نقاط الضعف التكنولوجية لتستغل في الابتزاز، وإذا لم يحدث القتل كما توقعت منظمة الشرطة الأوروبية خلال العام 2014، فمن المرجح أن يحدث في غضون السنوات القليلة المقبلة. لأن هناك دائما شخصا شريرا يقف مراقبا ومتأملا ما في الخلفية لاستغلالها.
ومهما يكن من أمر، فإن الإنترنت –حسب أريك شميدت- لن تخلو بأي حال من الأحوال من المتطرفين كمن يود استخدام سيارة دون سائق ولا يفكر بالعواقب، وسنبقى نواجه مشكلة التمييز بدقة بين الحقيقة والتضليل.