قمع واضطهاد ممنهج ضد النساء في إيران
- مقتل ما لا يقل عن 92 شخصا في إيران في حملة قمع التظاهرات
- قوات الأمن الإيرانية اعتقلت 28 صحفياً على الأقل حتى 29 سبتمبر
في وقت أثار فيه مقتل الشابة الإيرانية “مهسا أميني” على يد قوات شرطة الأخلاق في إيران ضجة عالمية كبيرة، تعالت الأصوات التي طالبت طهران بوقف الاضطهاد الممنهج ضد النساء في دولة تعد من الأسوأ في العالم من حيثية حقوق المرأة.
ومع استمرار الاحتجاجات داخل إيران على مقتل أميني، يلجأ النظام الإيراني الجائر لقمع وتفريق تجمعات المواطنين المحتجين على الوضع الحالي حيث تستخدم القوات الأمنية الذخيرة الحية ضد المواطنين.
وفق حصيلة جديدة أعلنتها الأحد منظمة حقوق الإنسان في إيران التي تتخذ من أوسلو مقرا، قتل ما لا يقل عن 92 شخصا في إيران في حملة قمع التظاهرات الجارية منذ أكثر من اسبوعين احتجاجا على مقتل الشابة مهسا أميني بعد توقيفها لدى شرطة الأخلاق، كما أضافت أن عشرات النشطاء والطلاب والفنانين اعتُقلوا.
هذا، وقالت لجنة حماية الصحفيين على موقع “تويتر” للتواصل الاجتماعي إنها علمت أن قوات الأمن الإيرانية اعتقلت 28 صحفياً على الأقل حتى 29 سبتمبر.
واعتقلت شرطة الأخلاق الشابة “مهسا أميني” التي تبلغ من العمر 22 عاماً من بلدة سقز الكردية بإيران في سبتمبر بالعاصمة طهران بسبب “ملابس غير مناسبة” مما أدى إلى وفاتها، رغم الإنكار المستمر من السلطات الإيرانية أنهم لم يتسببوا بمقتلها.
لكن وفقاً لمعلومات واردة من نتائج فحوصات الطب الشرعي، تم تسريبها من داخل النظام، فإن “مهسا أميني” دخلت في غيبوبة وتوفيت بسبب ضربات على الجمجمة، ووفقاً لـ “محمد باقر بختيار”، أحد كبار قادة الحرس الثوري الإيراني أثناء الحرب العراقية الإيرانية، فقد تم استئصال الطحال التالف لأميني من جسدها بعد نقلها إلى مستشفى كسرى بسبب نزيف داخلي لتتحسن حالتها، لكنها سقطت في غيبوبة بسبب إصابات في جمجمتها.
وسط حالة الفوضى السائدة في الشوارع الإيرانية بسبب القمع الممنهج والاضطهاد للمواطنين من قبل النظام، أميني ليست الضحية الأولى وللأسف لن تكون الأخيرة في دوامة من الاعتداءات على النساء في إيران.
فمثل أميني، عانت العديد من السيدات والشابات بسبب نظام ظالم وعدم وجود روادع للحفاظ على حياة النساء.
مرزية إبراهيمي
في يوم مرير بأصفهان عام 2014، كانت “مرزية إبراهيمي” تبلغ من العمر 25 عاماً فقط عندما ألقت نظرة خاطفة في مرآة الرؤية الخلفية لسيارتها للتفقد المواقف، وبعد ثوان معدودة حاولت مجموعة من الشباب سرقتها في وضح النهار والاعتداء عليها، وعند فشلهم ألقى أحدهم بحمض الأسيد على وجهها ولاذوا بالفرار بعد أن فقدت إبراهيمي عينها وشوه وجهها.
ضحية لهجوم بحمض الأسيد من أشخاص لا تعرفهم، وضحية بعد ذلك على يد السلطات الإيرانية التي لم تقبض على المعتدين بل أكتفت الحكومة المتعصبة بالقبض على المتظاهرين الذين خرجوا احتجاجاً على ما حصل لمرزية.
تحت شعارات كون الجمهورية الإيرانية تعمل على أسس ونهج “الإسلام”، تثبت طهران مرة تلو الاخرى أن ليس لها أي علاقة بذلك.
ومثل الفوضى التي احاطت مقتل أميني، خرج المواطنون الإيرانيون، رجال ونساء، للتعبير عن غضبهم من الحكومة التي لا تحمي النساء بقوانين رادعة ضد الاعتداء بكل اشكاله.
منى حيدري
تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو مرعب لرجل إيراني يبتسم في الشوارع ممسكاً برأس زوجته البالغة 17 عاماً في فبراير من سنة 2022.
رأس “منى حيدري”، التي تزوجت قسراً من ابن عمها “سجاد حيدري” في سن 12، وأنجبت منه طفلاً يبلغ من العمر 3 سنوات كان يتجول في شوارع مدينة الأحواز أشعل غضباً واسعاً داخل وخارج إيران، وقتلت منى على يد زوجها في ما يسمى بـ “جريمة شرف” وهي بالفعل جريمة قتل لكن القوانين المتساهلة في إيران تشجع هذه الممارسة حيث يعلم القتلة والمعتدين أن لا شيء سيردعهم.
صرح الزوج بعد ذلك أنه قتلها بسبب “خلافات عائلية”.
ندا آغا سلطان
في الاحتجاجات ضد نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية المثيرة للجدل عام 2009، كانت “ندا آغا سلطان” طالبة فلسفة تشارك في الاحتجاجات مع مدرسها وتسير عائدة إلى سيارتها عندما أُصيب برصاصة قاتلة في صدرها.
بحسب المصادر، قتلت ندا برصاص أحد رجال الميليشيات المنتمين إلى منظمة الباسيج شبه العسكرية حيث قام المتظاهرون بسحب رجل من دراجته النارية ونزعوا سلاحه وحصلوا على بطاقة هويته.
تم تصوير مقتل ندا على شريط فيديو من قبل المارة وبثه عبر الانترنت حيث أصبح موت آغا سلطان رمزًا بارزًا في كفاح المتظاهرين الإيرانيين ضد الانتخابات المتنازع عليها للرئيس محمود أحمدي نجاد.
كانت كلماتها الأخيرة “أنا احترق” وتوفيت في طريقها إلى مستشفى شريعتي في طهران، إلا أن الطبيب المدني الذي اعتنى بها في الفيديو ذكر أنها توفيت في مكان الحادث.
ماذا فعلت السلطات الإيرانية بعدها؟ هل اعترفت بدورها في مقتل ندا؟ أم قامت بمحاسبة المسؤولين؟ أم زيفت على الأقل أنها تقوم بالتحقيق في الحادثة؟
زعمت السلطات أن “ندا آغا سلطان” كانت تحمل الدم في وعاء مخفي داخل فمها وكسرتها لتشبه النزيف الداخلي، ولم يكتفوا بذلك فحسب بل في ديسمبر 2009 بث التلفزيون الإيراني الرسمي تقريراً عن مقتلها وصوره على أنه “مؤامرة غربية”، وأن السلطات الإيرانية لم يكن لها أي علاقة بمقتل آغا سلطان رغم كل شهود العيان على الحادثة.
ريحانة جباري
في عام 2007 التقت “ريحانة جباري” وهي مصممة ديكور بـ “مرتضى عبد العالي الصربندي” عميل سابق لوزارة المخابرات الإيرانية في مقهى وأقنعها بزيارة مكتبه لمناقشة صفقة تجارية، وأثناء وجودها في المكتب حاول الصربندي اغتصابها، فأمسكت بسكين جيب وطعنته ثم فرت من المكان.
أصرت عائلة الصربندي على أنها جريمة قتل مع سبق الإصرار بعد أن قامت الشرطة بتعذيب جباري وتهديدها بإيذاء اختها، وانتزاع اعتراف مفبرك بأنها “اشترت السكين قبل يومين من الجريمة”.
وبعد إلقاء القبض عليها، وُضعت “ريحانة جباري” في الحبس الانفرادي لمدة شهرين حيث لم تتمكن من الإتصال بمحام أو أسرتها، وحُكم عليها بالإعدام من قبل محكمة جنائية في طهران عام 2009. وأعدمت شنقاً في أكتوبر 2014.
أثارت قضيتها استياء واسع على نطاق دولي ونددت دول عدة بمقتلها مثل وزارة الخارجية الأمريكية ووزارة الخارجية البريطانية.
أدانت منظمة العفو الدولية الإعدام وقالت أن جباري أدينت بعد تحقيق معيب للغاية.
ثريا أبو الفتحي
كانت “ثريا أبو الفتحي” طالبة في جامعة تبريز ومتعاطفة مع منظمات مقاومة لنظام الخميني، وفي أغسطس من عام 1981 داهم حراس مسلحون مخبأ ثريا وزوجها في منتصف الليل. ساعدت ثريا زوجها على الهروب لكن تم اعتقالها واقتيادها إلى سجن تبريز حيث تعرضت للتعذيب بوحشية وباستمرار لمدة 34 يوماً.
وبحسب شهود عيان كان القاضي الشرعي في تبريز في ذلك الوقت “موسوي التبريزي” يطلب من المعتقلات الزواج منه لتخفيف أحكامهن، وعندما طلب ذلك من ثريا قامت بصفعه مما أغضبه بشدة لدرجة أنه أصدر حكم الإعدام على الفور.
في سبتمبر 1981 أعُدمت ثريا عن عمر يناهز 20 عاماً في ساحة إطلاق النار، وكانت حاملاً في شهرها السادس حينها.
أظهر النظام الإيراني حقده على ثريا من خلال تدمير شاهد قبرها في مقبرة وادي رحمت في تبريز، وما تبقى فقط الاسمنت الذي بالكاد يمكن رؤية أي اسم عليه.