ملف حقوق الإنسان في إيران.. سجل حافل بالانتهاكات
وتشمل هذه الانتهاكات، حسب تقارير، الاعتقالات التعسفية والقمع الوحشي المميت وقطع الاتصالات، في ظل غياب نظم وتحقيقات شفافة لمحاسبة الجناة.
لا تسامح مع الناشطين
تستهدف الحكومة الإيرانية مواطنيها بسبب أنشطتهم السلمية وممارستهم لحرية الرأي والتعبير والمعتقد.
وأشار التقرير بوجه خاص إلى إعدام النظام الإيراني للمصارع، نافيد أفكاري، في 12 سبتمبر 2020، بعد محاكمة صورية، تلت مشاركته في احتجاجات عام 2018.
وفي السنوات القليلة الماضية، استهدف النظام النقابيين المستقلين والصحفيين الذين احتجوا بشكل سلمي على أوضاعهم ومنعهم من تكوين نقابات بحرية، رغم أن ذلك من أبسط حقوق العمال المعترف بها دوليا.
النساء أيضا استهدفتهم ممارسات النظام الإيراني الذي واجههن باعتقالات تعسفية وأحكام قاسية تصل إلى السجن 20 عاما، بعد احتجاجات 2018 ضد الحجاب الالزامي، على سبيل المثال.
قمع الأقليات الدينية
تقمع الحكومة الإيرانية الحريات الدينية من خلال ممارسة التضييق والاعتقال بحق أفراد الأقليات الدينية مثل البهائيين والمسيحيين واليهود والصابئة المندائيين والزرادشتيين والسنة.
ولا يجرؤ الكثير على ممارسة ديانتهم علنا، لأنهم معرضون لخطر الاعتقال التعسفي والتعذيب، والإعدام بتهمة “الردة”.
بين عامي 2017-2018 سجن النظام الإيراني ما لا يقل عن 300 شخص من جماعة غونابادي الصوفية، بسبب احتجاجهم على الاعتقالات التعسفية لنشطاء صوفيين. ولم تجر تحقيقات حكومية في مقتل 20 متظاهرا على الأقل.
ووصفت هيومن رايتس ووتش هذه الممارسات بأنها “واحدة من أكبر حملات القمع ضد أقلية دينية في إيران خلال عقد من الزمان”.
ولم تسلم الأقليات الأخرى مثل المسيحيين والمسلمين السنة، من هذه الإجراءات القمعية.
لا ضمانات لمحاكمة عادلة
إجراءات المحاكم في إيران، لا تفي عادة بالمعايير القانونية والالتزامات الدولية لضمان محاكمات عادلة، بما في ذلك منع الحصول على المشورة القانونية، وعرقلة الجهود المبذولة لحماية الحريات الفردية، فضلا عن استهداف المحامين المتخصصين في حقوق الإنسان بشكل مباشر.
وأشار تقرير للخارجية الأمريكية حول إيران إلى اعتقال النظام الإيراني محامية حقوق الإنسان البارزة، نسرين ستوده، في يونيو 2018، بتهمة تقديم خدمات قانونية للنساء المتهمات بجرائم عدم ارتداء الحجاب.
في مارس 2019، أدانت محكمة ثورية ستوده بتهمة تعريض الأمن القومي للخطر، على الرغم من عدم تقديم أدلة. وحكمت عليها بالسجن 38 عاما و 148 جلدة.
تعذيب.. وظروف اعتقال مروعة
ويواجه المحتجزون في إيران ظروفا مروعة في السجون. وتشير تقارير موثوقة إلى أن النظام الإيراني يستخدم بانتظام التعذيب وغيره من ضروب العقوبة القاسية أو المعدومة إنسانيا.
تشير التقارير أيضا إلى بتر الأطراف، والتسبب بالعمى، والجلد. كما تستخدم الحكومة الإيرانية التعذيب النفسي لانتزاع اعترافات، فيما يُحرم السجناء السياسيون بشكل روتيني من الحصول على الخدمات الطبية أو الزيارات العائلية.
وتعكس هذه الظروف الأليمة لسجناء الرأي في إيران عدة “حالات انتحار” مشبوهة في السجون الإيرانية، بما في ذلك وفاة الناشط البيئي، كافوس سيد إمامي، في الحجز، عام 2018. وحتى الآن، لم تجر السلطات أي تحقيقات شفافة أو موثوقة حول هذه الوفيات، حسب التقرير.
وفي محاولة للضغط على السلطات الإيرانية، فرضت الولايات المتحدة في عام 2019 عقوبات على اثنين من القضاة ضالعين في إصدار أحكام جائرة ضد إيرانيين ومزدوجي الجنسية.
عقوبة الإعدام
لا يزال معدل الإعدام بالنسبة للفرد في إيران من بين أعلى المعدلات في العالم، على الرغم من الإصلاحات الأخيرة في تقليل عدد أحكام الإعدام في جرائم المخدرات.
وحتى عام 2019، كان هناك ما يقرب من 90 قاصرا مدانا بالإعدام. وفي عام 2018 تم إعدام ما لا يقل عن سبعة قاصرين، كما قتل النظام ما لا يقل عن 23 قاصرا خلال احتجاجات نوفمبر 2019.
استهداف المبدعين في إيران
اعتبرت محاولة اغتيال سلمان رشدي نتيجة مباشرة لحملة كراهية وتحريض قادتها الحكومة الإيرانية على مدى ثلاثة عقود ضد الكاتب.
وفي مايو الماضي تزامنا مع انتشار الاحتجاجات على نقص الغذاء في جميع أنحاء إيران اعتقلت قوات الأمن فيروزة خسروفاني ومينا كيشافارز، وهما مخرجتان أفلام وثائقية مشهورتان دوليا، من منزلهما، وفقا لصحيفة نيويورك تايمز نقلا عن أصدقاء المخرجتين.
على الرغم من أن “السلطات في إيران تحب أن يشاد بإنجازات البلاد في مجال السينما”، لكنها “تحذر صناع السينما من تجاوز الخطوط الحمراء في الداخل”.
وفي الوقت نفسه تقريبا، تمت مداهمة منازل ما لا يقل عن 10 من صانعي الأفلام الوثائقية والمنتجين الآخرين، مع مصادرة هواتفهم المحمولة وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، حسبما ذكرت النقابات الرئيسية الثلاث في إيران التي تمثل قطاع السينما في بيان.
ووصف الخبراء هذه الحملة بأنها أكبر حملة على صناعة السينما الإيرانية في السنوات الأخيرة.
https://twitter.com/Bidarzani/status/1524097219720265730?s=20&t=dmJHcdb7ShZtgr9tNUl-eg
كما ألقي القبض على شخصية أخرى معروفة في صناعة السينما الإيرانية، هي ريهان تارافاتي، التي تقوم بتصوير المشاهير وصناع الأفلام، بحسب مركز حقوق الإنسان في إيران، وهو مجموعة مناصرة مستقلة مقرها نيويورك.
قمع الرياضيين في إيران
في قرار يحمل في طياته مخاطر كثيرة تمكنت لاعبة الأثقال باريسا جهانفكريان وزميلتها يكتا جمالي من الفرار من مسقط رأسيهما إيران. وترى اللاعبتان أن قرار الفرار صعب والتضحيات كبيرة، بيد أن القمع والتمييز المنهجيين لم يترك لهما أي خيار آخر.
وهرب الفتاتان لتحقيق حلمهما الرياضي الكبير، فقد أرادت اللاعبة باريسا جهانفكريان أن تكون أول رافعة أثقال من إيران تنافس في دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو عام 2021. لكن “الاتحاد الإيراني لرفع الأثقال” (IRIWF) واللجنة الأولمبية الوطنية منعا اللاعبة البالغة من القيام بذلك، وتم تعليق مشاركتها في المنافسة الرياضية، ما حرمها من “حلم الطفولة”.
لم يكن قرار الهروب قراراً فردياً إذ أن حوالي 20 إلى 30 رياضياً انتهزوا فرصة المسابقات خارج إيران من أجل الهروب، وهم حالياً في بلدان مختلفة تقدموا فيها بطلب للجوء. ويشمل ذلك لاعب الجودو الشهير سعيد مولاي، الذي لعب في دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو في منتخب منغوليا، كما أنه الفائز الوحيد بالميدالية الأولمبية (البرونزية في ألعاب ريو دي جانيرو 2016). كما تعيش نجمة التايكوندو كيما علي زاده في ألمانيا اليوم، حيث وصفت نفسها بعد فرارها في عام 2020، بأنها “واحدة من ملايين النساء المضطهدات في إيران”.
وأحدثت قضية هروب يكتا جمالي ضجة في جميع أنحاء إيران، حتى أن التلفزيون الحكومي أورد خبر هروب الفتاة البالغة من العمر 17 عاماً. إن المخاطرة الشخصية الهائلة التي تتحملها اللاعبات في إيران مؤشر يدل على خطورة الوضع بالنسبة للرياضيات النساء في إيران وما يتعرضن لها. بالإضافة إلى خطر الإمساك بهن ومعاقبتهن أثناء محاولة الهروب.
كما أعادت قضية الرياضي الإيراني أمير أسد الله زاده، الذي سعى لطلب حق اللجوء في النرويج للحفاظ على حياته، ما يتعرض له الرياضيون الإيرانيون من ضغوط تمارسها الحكومة عليهم، حيث باتوا ضحايا لسياسات طهران، التي تحاول وفق محللين استخدامهم كأداة سياسية ضد خصومها.