بريطانيا متهمة بترك النساء المهاجرات تحت رحمة العنف الأسري
- بريطانيا ستصادق في الأسابيع المقبلة على اتفاقية مجلس أوروبا للوقاية من العنف ضد النساء والعنف العائلي ومكافحتهما
- جمعيات مدنية في بريطانيا تؤكد أن غالبية المعنفات يكملن في العلاقة الزوجية رغم العنف الذي يتعرضن له
وجدت ميريام نفسها من دون فلس واحد بعيداً عن بلدها الأم بعدما قرر زوجها البريطاني العنيف التخلي عنها وأبنائهما الثلاثة قبل سنوات، وهو وضع شائع في بريطانيا حيث تندد جمعيات حقوقية بترك الحكومة النساء المهاجرات يتدبّرن أمرهنّ بأنفسهنّ.
وتعيّن على ميريام (اسم مستعار)، المقيمة حالياً في المملكة المتحدة، أن تخوض معركة صعبة للحصول على الحق في العيش بالبلد نفسه الذي يقطنه أبناؤها حاملو الجنسية البريطانية.
وتجد نفسها اليوم تحت رحمة أهواء زوجها السابق لعدم حيازتها تصريح إقامة دائمة.
وبعد عشر سنوات من الانتظار، يُفترض أن تصدق لندن في الأسابيع المقبلة على اتفاقية مجلس أوروبا للوقاية من العنف ضد النساء والعنف العائلي ومكافحتهما (اتفاقية اسطنبول). لكن المصادقة ستكون جزئية، إذ ترفض الحكومة البريطانية اتخاذ تدابير من شأنها مساعدة المهاجرات على ترك أزواجهنّ العنيفين.
وتقول إليزابيث جيمينيز يانيز، وهي منسقة حملة #StepUpMigrantWomen إنّ “الوضع مروع”، معتبرةً أن المملكة المتحدة تبعث رسالة “خطرة جداً”.
وتوضح أنّ ما يحصل “يحمل رسالة إلى المعتدين بأنهم لن يواجهوا أي عواقب إن تعرّضوا لنساء مهاجرات”.
وبينما يصعب تحديد عدد النساء المهاجرات اللواتي يشكلن ضحايا لأزواج عنيفين، تؤكد جمعيات في بريطانيا عدة أنّ غالبيتهنّ يكملن في العلاقة الزوجية رغم العنف الذي يتعرضن له، خوفاً من إجبارهنّ على مغادرة البلد الذي يستقررن فيه.
وتشكل اتفاقية اسطنبول التي تم تبينها سنة 2011 أول ِأداة ملزمة في العالم ِلمنع العنف ضد المرأة والتصدِي له.
وأعلنت المملكة المتحدة أنّها لن تنفذ المادة 59 منه التي تفرض على الدول منح إقامة للضحايا اللواتي يعتمد وضعنّ كمهاجرات على أزواجهنّ أو شركاء حياتهنّ.
وحضت لجنة برلمانية في مجلس اللوردات الحكومة أخيراً على المصادقة على نص هذه المادة.
ومن شأن تطبيق هذه المادة أن يتيح للنساء كميريام الحائزة تأشيرة مدتها 10 سنوات منوطة بوجود أبنائها في المملكة المتحدة، العيش من دون أن يشعرن بقلق تجاه أوراقهن الرسمية.
وتخشى ميريام أن تُرحّل إن ترك والد أبنائها بريطانيا برفقتهم. وتقول “إلى أين سأذهب عندئذ؟ وما هي الاحتمالات المطروحة للنساء اللواتي يعشن وضعاً مماثل لحالتي؟”، مضيفةً “لا احتمالات كثيرة أمامنا…”.
وتقول إنّ زوجها السابق يستخدم ضعف وضعها “أداة” ليسيطر عليها.
ولا يحق للنساء المهاجرات في بريطانيا الاستفادة من المساعدات التي توفرها الدولة. وتوضح ميريام أنّ إيجاد دعم مالي استغرق من وقتها عاماً واحداً.
وترى إليزابيث خيمينيز-يانيز أنّ قرار الحكومة يعني أنّ النساء أصبحن “ضحيات جهتين: المعتدون والنظام”.
وتقول لوكالة فرانس برس “تخيّلوا إلى أي درجة الوضع مروع لشخص يخاف من الشرطة أكثر مما يخشى المعتدي عليه”.
وتؤكد الحكومة البريطانية أنّ المادة 59 من اتفاقية اسطنبول لن تدخل حيّز التنفيذ ما لم ينطلق اختبار برنامج تجريبي يهدف إلى مساعدة النساء المهاجرات وتتولى إدارته منظمة “ساوث هول بلاك سيسترز”.
ويركز هذا المشروع على أهمية توفير دعم مالي وسكني للنساء المهاجرات، “لكنه لا يتناول التأثير المرتبط بالحق في الإقامة”، على ما تذكر رئيسة قسم السياسات والأبحاث في المنظمة حنانة صديقي.
وتضيف إنّ “الحصول على مساعدات وكذلك على تصريح إقامة أمران ضروريان”، متهمةً الحكومة باستخدام البرنامج “كذريعة” لتجنب تنفيذ المادة 59.
وتشير إليزابيث خيمينيز-يانيز إلى أن رفض دعم النساء المهاجرات يشكل امتداداً لسياسة حكومة بوريس جونسون “المعادية للمهاجرين”.
وتقول وزارة الداخلية لوكالة فرانس برس إنّ “اي شخص يتعرض لعنف منزلي ينبغي أن يُعامَل أولاً كضحية بغض النظر عن وضعه كمهاجر”.
وتوضح أن الحكومة تدرس حالياً موقفها من المادة 59، مشيرةً إلى احتمال أن يشهد هذا الموقف تغيراً.
وكانت لندن أبرمت أخيراً اتفاقية مثيرة للجدل مع رواندا تنص على إرسالها للبلد الافريقي طالبي اللجوء الذين دخلوا الأراضي البريطانية بشكل غير قانوني.
وأوقف ترحيل أول دفعة نتيجة قرار اتخذته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في اللحظات الأخيرة، بينما تؤكد الحكومة البريطانية أنّ عملية الترحيل ستُواصَل.