أزمة أوكرانيا تلقي بظلالها على الشارع المغربي
في ظل تواصل الحرب في أوكرانيا وتكثيف روسيا لغزوها، بات العالم يحبس أنفاسه خشية من هذا الصراع وتداعياته التي بدأت تظهر بعدة دول أجنبية وعربية منها المغرب، الذي يعتمد بنسبة كبيرة على واردات القمح الأوكراني. فقد سجلت واردات المغرب خلال الموسم الزراعي 2021_2020، رقما قياسيا بلغ 6,5 ملايين طن، أي ما يزيد بنحو 35% عن واردات الموسم الزراعي 2020_2019.
يعود ارتفاع واردات القمح بالمغرب إلى الاستهلاك المتزايد لهذه المادة الغذائية الأساسية، التي يتم استخدامها في صنع المعجنات والحلويات والخبز الذي لا تخلو منه المائدة المغربية.
وفي الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار معظم المواد الغذائية الأساسية بالمغرب، سجل القمح بدوره قفزة نوعية في أسعاره سببها في ذلك قلة التساقطات المطرية وانتشار الجفاف الذي اتسم به فصل الشتاء لهذا العام. إذ بلغ سعر القنطار الواحد من القمح 50 دولارا، الشيء الذي أثار استياء المواطنين المغاربة، الذين لازالوا يعانون من التداعيات الاقتصادية التي خلفها فيروس كورونا.
ومع تطور الأزمة الروسية الأوكرانية وبلوغها قرع طبول الحرب، وشن روسيا غزوا ضد أوكرانيا، وتوقف شحن الحبوب عبر المرافىء الأوكرانية وازدياد المخاوف من موسم سيء هذه السنة بسبب تبعيات الحرب على شركات الإنتاج والمزارعين الأوكرانيين الذين لن يتمكنوا من التواجد بحقولهم نتيجة إستمرار تأزم الأوضاع، تضاعفت بذلك مخاوف المغاربة من تسجيل القمح زيادات غير مسبوقة. وحول هذه المخاوف، قال حسام مواطن مصري مقيم بالمغرب ومالك مصنع حلويات شرقية بمدينة الدار البيضاء، أن الحرب الروسية ضد أوكرانيا وتطور الأوضاع يوما عن يوم، دفعته نهاية شهر فبراير المنصرم إلى شراء خمسة أطنان من الدقيق دفعة واحدة بحكم اعتماد مصنعة بشكل أساسي على الدقيق. موضحا أنه كان قبل الحرب الحالية يكتفي بشراء طن واحد في الشهر، لكنه ولتجنب أية تطورات مفاجئة اضطر إلى شراء كميات كبيرة من المعتاد ليبقي وضعه التجاري آمنا.
تداعيات الحرب الروسية ضد أوكرانيا لا تتوقف على المستهلك المغربي فقط، وإنما امتدت لتجار القمح أيضا، الذين تأثروا بارتفاع الأسعار وتقلصت نسبة مبيعاتهم، وهذا ما كشف عنه مصطفى الكورش، تاجر متخصص في بيع القمح والذرة والشعير والقطاني بحي أناسي بمدينة الدار البيضاء. مصطفى الكورش، قال إن إرتفاع أسعار القمح خلال الفترة الأخيرة يدفع بزبنائه إلى شراء نصف الكمية التي كانوا يشترونها من قبل. موضحاً أن ثمن ربع طن واحد من القمح انتقل من 9,25 دولاراً إلى 11,82 دولار، بينما أصبح ثمن دقيق القمح يسجل 12,33 دولارا.
التاجر مصطفى ذكر أن الحرب القائمة حاليا بالأراضي الأوكرانية قد يكون لها تأثيرات على المخزون الوطني من القمح، وستضاعف معاناة المستهلك المغربي وتجار القمح على حد سواء. المتحدث أشار كذلك إلى أن سوق الجملة سجلت هذه السنة ارتفاعاً ملحوظاً، حيث أصبح تجار القمح ملزمين بدفع ضعف المبلغ لشراء نفس الكمية التي كانوا يشترونها من قبل بأثمنة مناسبة.
تراجع حجم المبيعات وتقلص المداخيل اليومية، يقول مصطفى، بات يمارس ضغطا غير مسبوق عليه وعلى زملائه التجار، في ظل ارتفاع باقي أسعار المواد الغذائية وفاتورة الإيجار والاحتياجات اليومية للأسرة. مبديا قلقه مما ستسفر عنه الأيام المقبلة في حال استمرار الحرب بأوكرانيا.
تجدر الإشارة إلى أن الناطق الرسمي بإسم الحكومة المغربية، مصطفى بايتاس، كان قد أشار في تصريح يوم الخميس 24 فبراير المنصرم إلى أن الحرب الروسية ضد أوكرانيا ستكون لها تداعيات كبيرة على مستوى العلاقات الاقتصادية والتجارية، وتأثير على الإقتصاد الوطني المغربي بما في ذلك إرتفاع الأسعار، مقدما كدليل ارتفاع أسعار النفط خلال اليوم الأول من الغزو الروسي لأوكرانيا.