تطورات حول المحادثات لإحياء الاتفاق بشأن البرنامج النووي لإيران

  • إيران تلمح إلى إجراء مباحثات مباشرة مع أمريكا
  • واشنطن تبدي استعداداتها لمباحثات من هذا القبيل

أبدت واشنطن الإثنين استعدادها لإجراء مباحثات مباشرة “عاجلة” مع طهران بشأن إحياء الاتفاق بشأن البرنامج النووي لإيران، بعد تلميح طهران لهذا الاحتمال بحال كان ضروريا لإبرام تفاهم “جيد”.

ومنذ أشهر، تخوض طهران والقوى التي لا تزال منضوية في اتفاق العام 2015، مفاوضات تهدف إلى إحياء الاتفاق الذي انسحبت منه الولايات المتحدة أحاديا في 2018، معيدة فرض عقوبات على طهران، ما دفع الأخيرة للتراجع عن التزامات أساسية كانت مدرجة فيه.

وتشارك واشنطن بشكل غير مباشر في المباحثات، ويتولى الأطراف الباقون في الاتفاق، أي روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، تنسيق المواقف بين المفاوضين الإيرانيين والأمريكيين.

ورفضت إيران مرارا إجراء مباحثات مباشرة مع الولايات المتحدة في فيينا، معللة ذلك بأن واشنطن لم تعد طرفا في الاتفاق.

وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الإثنين إن “الجانب الأمريكي يبعث برسائل بطرق مختلفة مفادها أنه يبحث عن مستوى معين من المباحثات المباشرة مع إيران”، وذلك في تصريحات متلفزة خلال مؤتمر في مقر وزارة الخارجية في طهران.

وأضاف “حاليا إيران لا تتحدث مباشرة إلى الولايات المتحدة (…) لكن إذا بلغنا خلال المفاوضات نقطة يحتاج فيها إبرام اتفاق جيد مع ضمانات قوية، إلى مستوى معين من المباحثات مع الولايات المتحدة، لن نتجاهل ذلك في جدول عملنا”.

وسارعت واشنطن لإبداء استعداداتها لمباحثات من هذا القبيل.

وقال متحدث باسم الخارجية الأمريكية لوكالة فرانس برس إنّ “الالتقاء بشكل مباشر سيسمح بتواصل أكثر فعاليةً، وهو أمر ملحّ للتوصّل سريعاً إلى تفاهم”.

وحذّر من أنّه “لم يعد لدينا وقت تقريبًا للتوصّل إلى تفاهم”.

وبدأت مباحثات فيينا في نيسان/أبريل 2021، وعلّقت في حزيران/يونيو تزامنا مع انتخاب المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي رئيسا لإيران، خلفا للمعتدل حسن روحاني الذي أبرم الاتفاق في عهده.

وعادت المباحثات واستؤنفت في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر. ويقر الأطراف المعنيون بأن التفاوض يحقق تقدما في الآونة الأخيرة، لكن تبقى نقاط عدة عالقة. كما تبادلت إيران والدول الغربية تصريحات تحمّل الآخر المسؤولية عن بطء عملية التفاوض والتقدم فيها.

وسبق لإيران أن رفضت جلوس مفاوضيها إلى الطاولة ذاتها مع المفاوضين الأمريكيين، على اعتبار أن واشنطن باتت خارج الاتفاق، ومشاركتها مباشرة في المباحثات تتطلب أولا عودتها للاتفاق واحترام مندرجاته.

وفي الآونة الأخيرة، أكد مسؤولون إيرانيون أن الجلوس إلى طاولة واحدة مع الولايات المتحدة يحتاج بداية الى “تغيير مسار” من قبل الأمريكيين.

وقال أمير عبداللهيان “مباحثاتنا المباشرة هي مع مجموعة 4+1″، أي الدول التي لا تزال في الاتفاق، مضيفا أن “مباحثتنا غير المباشرة مع الولايات المتحدة تتم (…) عبر (دبلوماسي الاتحاد الأوروبي انريكي) مورا و(دبلوماسيي) بلد أو بلدين مشاركين في مباحثات فيينا”.

وكان المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي، صاحب الكلمة الفصل في السياسات العليا، اعتبر في وقت سابق هذا الشهر أن التفاوض مع “العدو” لا يعني التسليم له.

وقال خامنئي في التاسع من كانون الثاني/يناير “لا يجب التسليم للعدو، ولا يجب أن يتم التسامح مع غطرسة العدو”، مضيفا “أن نفاوض، نناقش، أو نتفاعل أحيانا مع العدو، هو مسألة أخرى”، معتبرا أنه “لم نسلّم (للعدو) حتى اليوم، وهذا ما ستكون عليه الحال في المستقبل”.

وفسّر محلّلون في حينه هذا الموقف على أنه قد يشكّل موافقة ضمنية على إجراء مباحثات مباشرة مع الولايات المتحدة، كما كانت عليه الحال في الفترة التي سبقت إبرام الاتفاق النووي لعام 2015.

تبادل السجناء ممكن

وتشدد طهران على أولوية رفع العقوبات التي أعادت واشنطن فرضها عليها بعد انسحابها من الاتفاق، والحصول على ضمانات بعدم تكرار الانسحاب الأمريكي.

في المقابل، تركز الولايات المتحدة والأطراف الأوروبيون على عودة إيران لاحترام كامل التزاماتها النووية.

وفي وقت سابق الإثنين، تحدثت إيران عن امكانية التفاهم مع الولايات المتحدة في ملفي الاتفاق النووي والافراج المتبادل عن سجناء، وذلك تعقيبا على تصريحات أمريكية ربطت بين الأمرين.

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده إن الملفين يشكّلان “مسارين مختلفين، لكن في حال كان لدى الطرف الآخر تصميم، ثمة إمكانية للتوصل إلى اتفاق موثوق ودائم بشأنهما في أقرب وقت ممكن”.

وشدد على أن “إيران رفضت أي شرط مسبق منذ اليوم الأول للمفاوضات” النووية، معتبرا أنها “معقدة بما فيه الكفاية، ولا يجب أن يتم تعقيدها بشكل إضافي”.

وجاء ذلك تعقيبا على تصريحات أدلى بها الأحد روبرت مالي، مبعوث الإدارة الأمريكية الخاص بإيران وكبير مفاوضيها في فيينا، استبعد فيها موافقة بلاده على إحياء الاتفاق النووي ما لم تفرج طهران عن أربعة أمريكيين-إيرانيين موقوفين لديها.

من جهتها، تحتجز الولايات المتحدة على أراضيها أربعة إيرانيين أيضا.

وشدد خطيب زاده على أن الموقوفين “مسألة انسانية وكانت على جدول أعمالنا، قبل هذه المفاوضات وخلالها”.

وخلال الأعوام الماضية، أفرجت السلطات الإيرانية عن بعض الموقوفين الأجانب لديها، في خطوات تزامنت مع إطلاق سراح إيرانيين موقوفين في دول أجنبية، كان من بينهم من يمضون أحكاما بالسجن أو ينتظرون إجراءات محاكمة، أو مطلوب تسلمهم من قبل الولايات المتحدة.

وحصلت إحدى أبرز عمليات الافراج المتزامن في كانون الثاني/يناير 2016، بعد أشهر من إبرام الاتفاق النووي، وشملت الإفراج عن أربعة أميركيين موقوفين في إيران، وإعفاء واشنطن عن سبعة إيرانيين.