الإغلاق في الصين.. قطاعات الأعمال تصارع من أجل البقاء
- شهر ديسمبر ويناير ذروة فترة التسوق في الصين للحصول على هدايا السنة
- مخاوف متزايدة داخل الصين بشأن تكلفة الحفاظ على مثل هذه الإجراءات التقييدية للسيطرة على فيروس كورونا
- تعتمد سياسة الصين الصارمة القائمة على عدم السماح بأي وجود لكورونا على فرض فحوص جماعية وإغلاقات قاسية
كان من المفترض أن يكون هذا أفضل وقت في العام بالنسبة لتجار التجزئة في الصين، فمع اقتراب رأس السنة الصينية وفق التقويم الصيني ينشغل مئات الملايين من الصينيين بالبحث عن هدايا السنة القمرية الجديدة، ويبلغ التسوق ذروته في شهري ديسمبر ويناير عادة، لكن أشهرا من الإغلاق والشكوك بشأن مستقبل الأعمال في البلاد بسبب كورونا، “شلت الاستهلاك المحلي” بحسب موقع موقع “ ساوث تشاينا مورنينغ“الإخباري المخصص لقضايا الصين.
تحرص الصين على استمرار استراتجيتها “صفر كوفيد” في البلاد، لكن التبعات الاقتصادية لذلك تكبر مع الوقت ويقول الموقع إن الشركات الصغيرة في الصين، وهي عصب مهم في الاقتصاد العملاق لهذا البلد “تغلق بوتيرة قياسية”.
وتصارع تلك الشركات وأصحابها “للبقاء حية” بحسب الموقع.
ويندرج ضمن فئة الشركات الصغيرة في الصين، الشركات التي توظف أقل من 300 موظف، وتحقق مكاسب أقل من 20 مليون يوان (نحو 3.1) مليون دولار سنويا.
وتترك التحديات التي سببها فيروس كورونا وإجراءات الإغلاق الباعة وأصحاب المصالح الصغيرة في الصين حيارى.
ورغم الدعوات الداخلية لرفع إجراءات الإغلاق، تضغط الصين على شعبها من أجل الإبقاء على الفيروس تحت السيطرة.
وفيما يحل العام القمري الجديد خلال شهر، أغلق بعض أصحاب محال الملابس والهدايا محالهم، فيما كان يعتبر عادة فترة الذروة للتسوق في البلاد.
وقال أحدهم للموقع إنه لا يحصل على أرباح تكفي حتى لشراء وجبات الطعام.
ويقول إن هذه أصبحت حالة شبه عامة.
تعتمد سياسة الصين الصارمة بمكافحة كورونا على فرض فحوص جماعية وإغلاقات قاسية
وينقل الموقع عن صاحب محل آخر قوله إن هذا الموسم المضطرب يأتي بعد فترات إغلاق متقطعة دام بعضها لنحو شهر.
ويضطر أصحاب المحال الصغيرة إلى دفع فواتير الرهن العقاري والفواتير الأخرى، حتى لو كانوا بفترة إغلاق.
وتعتمد سياسة الصين الصارمة القائمة على عدم السماح بأي وجود لكورونا على فرض فحوص جماعية وإغلاقات قاسية.
وقد ساعدت هذه التدابير الاقتصاد الوطني على التعافي بسرعة، على الرغم من الاضطرابات القصيرة الأجل، ولكن هناك مخاوف متزايدة بشأن تكلفة الحفاظ على مثل هذه السياسات التقييدية، حيث من المتوقع أن يتباطأ النمو الاقتصادي في الصين في العام المقبل.
وفي الوقت نفسه، تتطلع البلاد إلى البقاء في حالة تأهب قصوى لحالات الفيروس التاجي في الفترة التي تسبق دورة الألعاب الأولمبية الشتوية 2022 في فبراير.
وقد تحول العديد من العملاء الأوروبيين والأمريكيين إلى كوريا الجنوبية أو أوروبا للحصول على مشترياتهم، وليس إلى الصين بعد الآن.
ونقل الموقع عن أصحاب معامل كبيرة ومتوسطة قولهم إن أسعار المواد الخام المستوردة “ارتفعت ارتفاعا هائلا”، كما ارتفعت كلف النقل أيضا، وبإضافة كلف الإغلاقات فإن “معظم الأرباح تتآكل”.
ونقل الموقع عن مدير في مصنع للسيارات قوله إن “عدد العاملين في الشركة انخفض من أكثر من 9 آلاف قبل ثلاث سنوات إلى نحو 4 آلاف”.
الشركات العالمية في الصين لم تسلم من تأثير الإجراءات المتبعة من السلطات لمكافحة فيروس كورونا
وحتى الشركات العالمية التي تعمل في الصين، مثل سامسونغ التي تمتلك معملا في مدينة شيان الصينية، فإن الإغلاقات المتكررة تؤثر عليها بشدة.
ويقول الموقع إن مصنع سامسونغ في المدينة، وتكلفته 26 مليار دولار، يواجه “شكوكا تشغيلية” بعد أن شددت المدينة إجراءات الإغلاق الشهر الماضي.
وبالإضافة إلى الشلل الذي تسببه القيود على الاقتصاد المحلي، فإن الموظفين الصينيين المغتربين – أو الكثير منهم على الأقل – لم يتمكنوا من العودة إلى البلاد، مما أضاف تحديا آخر أمام الاستهلاك المحلي.
ووفقا لدراسة استقصائية نشرتها غرفة التجارة الأمريكية في شنغهاي في سبتمبر، قالت 53.4 في المئة من الشركات إن القيود المفروضة على السفر فيما يتعلق بكورونا أضرت بقدرتها على اجتذاب المواهب الأجنبية والاحتفاظ بها.
وفي الوقت نفسه، قال 45.1 في المائة من المشاركين إن القيود المتعلقة بكورونا أثرت سلبا على عملياتهم، في حين قال 35.9 في المائة إنها تضر بعدد موظفيهم، وأبلغ 33.8 في المئة عن فقدان الإيرادات.
وأظهر مسح آخر أجرته غرفة التجارة البريطانية وصدر الشهر الماضي أن 41 في المئة من الشركات البريطانية العاملة فى الصين تتوقع مغادرة عدد كبير من موظفيها الأجانب إلى أجل غير مسمى هذا العام.
وشملت أسباب ترك العمل “الخسائر العاطفية المرتبطة بالانفصال عن الأصدقاء والعائلة، والصعوبة المحتملة للعودة إلى الصين بعد مغادرتهم”.
وقالت واحدة من كل أربع شركات إن متطلبات السفر، والخدمات اللوجستية للعودة إلى الصين، وتكاليف العودة إلى الوطن تمثل جميعها تحديات كبيرة.
وعلى الرغم من تضاؤل طلب المستهلكين وتعطل الأعمال التجارية، يتوقع العديد من المحللين أن تستمر الحكومة الصينية في نهجها القاسي تجاه الفيروس التاجي.
والشهر المقبل، ستستضيف بكين دورة الألعاب الأولمبية الشتوية، ورغم المقاطعة الدبلوماسية من بعض القوى الغربية، لا ترغب السلطات في تحويل الحدث إلى تهديد لإجراءاتها.
ويرى الحزب الشيوعي في عودة انتشار كورونا أزمة تهدد الاستقرار الاجتماعي، رغم أن الخبراء يقولون إن التكاليف السياسية ستكون مرتفعة في وقت يتعلم باقي العالم كيفية العيش في ظل وجود الفيروس.