المهاجرون يواجهون العنف على أبواب أوروبا
في شمال غرب البوسنة، يقول مهاجرون يطمحون للعيش في أوروبا إن الشرطة الكرواتية تضربهم بالعصي وتهددهم بالأسلحة وتسرق ممتلكاتهم. لكن رغم الخوف من العنف، سيحاولون للمرة الألف عبور حدود كرواتيا قبل الشتاء.
يروي ابراهيم رسول الذي فر من أفغانستان قبل أربع سنوات لوكالة فرانس برس “الشرطة الكرواتية تتصرف مثل حيوانات برية، فهي تضرب الجميع، من لاجئين وأطفال ونساء وشباب ومسنين”.
مع عشرات العائلات المهاجرة، وهي أفغانية بغالبيتها، يعيش ابراهيم في مخيم موحل في قرية فيليكا كلادوسا قرب الحدود مع كرواتيا من حيث يأمل بأن يدخل الاتحاد الأوروبي.
منذ سنوات، يتّهم المدافعون الحقوقيون الشرطة الكرواتية بإبعاد المهاجرين بعنف وبشكل مذل، وقف شهادات لاجئين ومبلّغين عن مخالفات داخل الشرطة. ونفت زغرب باستمرار هذه الاتهامات.
لكن بعد نشر وسائل إعلام أوروبية أخيرا صورا تظهر رجالا مقنعين بلباس عسكري يدفعون مجموعة من اللاجئين باتجاه البوسنة بعنف، أكدت السلطات الكرواتية أن عناصر من الشرطة الخاصة ظهروا في مقاطع الفيديو.
كذلك، اتُّهمت اليونان ورومانيا عبر وسائل الإعلام هذه بسبب معاملتهما للمهاجرين.
موافقة ضمنية؟
من جانبها، طالبت بروكسل بإجراء تحقيقات. وقال أدالبرت يانز أحد الناطقين باسم المفوضية الأوروبية “ترفض المفوضية بشدة كل ممارسات الإعادة القسرية التي دائما ما كانت تقول إنها غير قانونية”.
لكن ذلك لم يكن كافيا للمدافعين الحقوقيين الذين يعتقدون أن الاتحاد الاوروبي يعطي موافقته الضمنية على أفعال مستمرة منذ فترة طويلة.
تقول ياسمين كلاريتش وهي كاتبة صحافية في موقع تلغرام الكرواتي لوكالة فرانس برس إن “تدفق المهاجرين لا يخدم مصالح أوروبا وسيقل عددهم إذا كانت عملية الردع أكثر عنفا”.
تقع كرواتيا والبوسنة على “طريق البلقان” الذي يسلكه الهاربون من الصراعات والفقر في الشرق الأوسط وآسيا وإفريقيا.
ووفقا للتقديرات البوسنية، منذ العام 2018 نجح أكثر من 80 ألف مهاجر في اجتياز أراضيها إلى كرواتيا متجهين إلى شمال الاتحاد الاوروبي.
لكن الآلاف يتم إرجاعهم وتكثر قصص عن تعرضهم للعنف.
في فيليكا كلادوسا لا ماء ولا كهرباء، تدفئ امرأة قدميها أمام نار أشعلت قرب المخيم، مع انخفاض درجات الحرارة ليلا إلى الصفر تقريبا، يعرف المهاجرون أنه لم يتبق لديهم إلا القليل من الوقت لممارسة “لعبة” جديدة، وهو الاسم الذي يطلقونه على محاولاتهم للعبور.
إذا فشلوا، سيتعين عليهم تمضية شتاء آخر في أحد مراكز الاستقبال الرسمية التي افتتحتها البوسنة والهرسك بناء على طلب المفوضية الاوروبية، وهي تتمتع بوسائل تدفئة لكنها بعيدة عن الحدود.
أعادت الشرطة الكرواتية إبراهيم رسول الذي وصل إلى البوسنة والهرسك قبل شهر بعدما أمضى ثلاث سنوات في اليونان، مرات عدة.
ويقول “أخذوا كل الهواتف منا وضربونا بالعصي، كانوا مسلحين، صوب أحدهم المسدس نحو جبهتي”.
يسافر ابراهيم مع عائلتين، 18 شخصا في المجموع بينهم أطفال، وقد رصدت المجموعة دبا ذات مرة، لكنّ هؤلاء المهاجرين يفضلون “الغابة والمواجهة المحتملة مع الحيوانات البرية لتجنب الشرطة وهي أكثر خطرا”.
يروي أمير علي ميرزاي، هو موسيقي يبلغ 24 عاما غادر أفغانستان مع عائلته قبل ثلاثة أشهر في خضم هجوم طالبان، أن الشرطة هاجمته، مضيفا “كان لدي 400 يورو أخذوها مني، بالإضافة إلى الهاتف. لم يعيدوا لي أي شيء. ضربوني وأعادونا إلى البوسنة”.
وقالت كرواتيا إن أعمال العنف الأخيرة التي صورها صحافيون كانت حالات معزولة، معلنة إيقاف ثلاثة شرطيين.
وبحسب ناشطين حقوقيين، ازدادت الانتهاكات منذ إغلاق طريق البلقان في العام 2016.
“حصن أوروبا”
تقول تيا فيدوفيتش من مركز دراسات السلام وهو منظمة غير حكومية في زغرب إن “الاهانات اللفظية وسوء المعاملة استحالتا عنفا جسديا”.
تسعى كرواتيا لدخول منطقة شنغن التي تتمتع بحرية حركة الأشخاص بين الأعضاء بحلول العام 2024 لكنها مطالبة بحماية حدودها لتحقيق ذلك.
وكتبت صحيفة فيسرنيي ليست الكرواتية أخيرا أن “بروكسل وبعض الدول منافقة، إنها تدين العنف لكنها لا تريد فتح أبوابها للمهاجرين وتصر على أن الدول الخارجية، بما فيها كرواتيا، تمنعها من دخول حصن أوروبا”.
وبحسب المجلس الدنماركي للاجئين وهو منظمة غير حكومية، منع أكثر من 30 ألف شخص من العبور من البوسنة والهرسك إلى كرواتيا منذ حزيران/يونيو 2019.
في فيليكا كلادوسا، المهاجرون مصممون على الوصول إلى الاتحاد الأوروبي قبل الشتاء حين تكون الأنهار متضخمة بسبب الأمطار.
ويوضح ظاهر بناهي الذي غادر كابول قبل عامين “الجو بارد هنا”. ومع زوجته وأبنائه الأربعة، يستعد بناهي ل”لعبته” التاسعة والعشرين.