مرتزقة “الفاغنر” يعذبون ويقتلون الناس في إفريقيا.. شهادات تفضح الجرائم البشعة
نشر موقع “vice” تقريراً جديداً استعرض فيه شهادات تكشف الجرائم التي ارتكبها مرتزقة “الفاغنر” الروس بحق الكثير من الأشخاص في إفريقيا.
ويُظهر التقرير حجم الانتهاكات التي نفذتها روسيا، وهو الأمر الذي أدى إلى مقتل الكثيرين على يد أولئك المرتزقة.
وتقول شابة تدعى زارا أنها تعرضت لانتهاكات مرتزقة “الفاغنر” في جمهورية إفريقيا الوسطى، وتضيف: “كنت أسير على طول الطريق الرئيسي المؤدي إلى العاصمة بانغي، وذلك عندما ألقت الوحدة العسكرية الروسية القبض عليّ”.
وذكرت زارا أنه جرى استجوابها من قبل محققين عسكريين، وقد لفقوا إليها تهمة الارتباط بالمتمردين في البلاد، وزعموا أنها جاءت للتجسس على مواقع الروس ونقل المعلومات إلى الجهة التي تعمل معها.
ووفقاً لزارا، فإنها نفت هذه الاتهامات الموجهة إليها، لكن المحققين أصروا على مضمونها.
وجاءت حادثة اعتقال زارا بعد أيام من محاولة الانقلاب التي شهدتها البلاد خلال شهر يناير/كانون الثاني الماضي، للاطاحة بالحكومة. وحينها، أعلنت جمهورية أفريقيا الوسطى حال الطوارئ، وقد حاول الجيش وقوات الأمم المتحدة صد الجماعات المتمردة.
وحاصر المقاتلون المناهضون للحكومة العاصمة بانغي، علماً أنهم كانوا يشككون في صحة إعادة انتخاب الرئيس فوستين أرشان تواديرا، في انتخابات كانون الأول/ديسمبر 2020.
وفي الواقع، فقد كانت جمهورية أفريقيا الوسطى واحدة من المسارح الرئيسية لمرتزقة “فاغنر”، وهي غنية بالموارد الطبيعية، وغير مستقرة سياسياً.
ولفتت زارا إلى أنها كانت في طريقها لطمأنة عائلتها بانها آمنة رغم الوضع، إلا أنه جرى اعتقالها من قبل الجنود الروس، وتقول: “كان بعض الجنود وراء الأشجار، لقد فوجئت بهم، إذ خرجوا وأخذوني إلى منزل مهدّم. قيدوني وقالوا إنني سأقتل إذا لم أخبرهم الحقيقة.
تتذكر زارا أن 4 رجال أجانب قيدوا يديها إلى الكرسي وعادوا بعد ساعات، وقال أحدهم: “عدنا إليك.. أخبرينا بالحقيقة الآن”. وهنا، قام هذا الشخص مع الجنود الآخرين بإجبار زارا على القيام بتصرفات سيئة معهم. وبعد ذلك، تمّت إعادة الشابة إلى منزل عائلتها.
الاغتصاب والتعذيب.. عنوان لجرائم “الفاغنر”
من جهتها، تروي شابة أخرى تدعى عابدة معاناتها مع الاعتقال من قبل مرتزقة “الفاغنر”، وتشير إلى أنه بعد فقدانها لبطاقة هويتها أثناء فرارها من هجوم للمتمردين في بانغي، جرى اعتقالها من قبل الجنود الروس. وبعدها، تم اخذها إلى منطقة خارج بانغي، وجرى تلفيق تهمة إليها باقامة علاقة مع زعيم المتمردين.
وإثر ذلك، جرى سلب عابدة شريحة الخط الهاتفي الخاص بها، إذ خضعت للفحص على جهاز كمبيوتر لمعرفة ما إذا كانت قد اتصلت بالمتمردين، وتبين أن معظم مكالماتها كانت مع عائلتها.
وعلى الرّغم من عدم وجود أي دليل على ارتباط عابدة بالمتمردين، إلا أن الانتهاكات استمرت، وكشفت أنها تعرّضت للاغتصاب من قبل جنود “الفاغنر”.
وبحسب “vice”، فقد جرى القاء عابدة خلف ملعب في بانغي، وقد شقت طريقها إلى المنزل، وتقول: “لم أستطع المشي أبداً. كذلك، لقد شاهدت أكواماً من الجثث خلال السير خصوصاً ضمن المنطقة التي أخذوني إليها. أنا لا أشعر بالسلام، وعقلي لا يعمل بشكل جيد”.
ووسط ذلك، فقد سلط “vice” الضوء على قضية شاب يدعى عبدالله تعرض للتعذيب على يد “الفاغنر” ثم جرى قتله في بامباري (مسقط رأسه)، حيث توجد قاعدة عسكرية روسية.
وبحسب الموقع، فإنّ عبدالله كان بائعاً متجولاً وجرى القبض عليه واقتيد إلى مركز عسكري روسي، وقد تعرض للتعذيب بشكل قاسٍ.
ويقول بشير شقيق عبدالله إن الأخير قتل على يد مجرمين محليين في ضربة مزعومة أمر بها القادة الروس في بانغي، ويضيف: “لقد عذبه الروس وقطعوا اصبعه الأوسط أثناء التعذيب”.
وعندما جرى اطلاق سراح عبدالله بعد 3 أيام من الاعتقال، نُقل إلى مستشفى في بانغي وأصبحت حالته معروفة على نطاق واسع. وبحثاً عن العدالة، أبلغ زعيم سياسي محلي بالتعذيب.
وقال بشير: “عندما عاد إلى بامباري، استأنف حياته. ذات يوم، كان عبدالله عائداً إلى المنزل من الصلاة، وقد تبعه بعض الأشخاص وأطلقوا النار عليه وهربوا”.
وتم إلقاء اللوم في حادثة وفاة عبدالله على المتمردين لكن والده ذهب إلى قادتهم المحليين للحصول على تفسير. ومع هذا، يصر بشير على أن “الروس دفعوا ثمن قتل عبدالله لاسكاته”.
“الفاغنر” تسعى لتلميع صورتها
ووسط كل هذه الشهادات والأحداث، فإن مرتزقة “الفاغنر” يسعون إلى تلميح صورتهم بشكل كبير.
ومؤخراً، حضر أكثر من 10 آلاف شخص في بانغي عرض فيلم يعد أحد أكبر أعمال الدعاية الروسية لـ”مرتزقة فاغنر” في أفريقيا.
ويحمل الفيلم اسم “سائح” ويمجد مهمة ما يسمى بـ “المدربين العسكريين” في جمهورية أفريقيا الوسطى.
ووفقاً لشبكة “CNN” الأمريكية، فإنّ “سائح” هو أكثر من مجرد فيلم يحتوي على الانفجارات الصاخبة والبنادق الكبيرة ويعرض لقطات جميلة من الغابات الأفريقية، بل هو فيلم يلخص بدقة كيف اجتمعت مختلف فروع النفوذ الروسي في جميع أنحاء القارة الأفريقية بشكل غريب.
وهؤلاء “المدربون العسكريون” الروس هم في الواقع جزء من مجموعة المرتزقة “فاغنر” التي يمولها رجل الأعمال الروسي، يفغيني بريغوجين، وهو من القلة المقربة من الكرملين ويعرف باسم “طاهي” الرئيس فلاديمير بوتين.
وبحسب “CNN”، فإنّ الفيلم يفتتح بمشهد للمرتزقة الروس يتعرضون لهجوم عنيف من مجموعة من المتمردين في وسط أفريقيا.
ويصوّر الفيلم المتمردين على أنهم عصابة من قطاع الطرق يخرجون من الأدغال على دراجات نارية لإطلاق النار على السكان المحليين ونهب مراكز الشرطة.
وفي تناقض صارخ، يظهر الفيلم الروس على أنهم المدافعون عن الشعب، ويقاتلون ببسالة ضد كل الصعاب.
ويحاول “سائح” إعطاء صورة ملونة للمشاهدين عن عمل الروس في الجمهورية لصد هجمات المتمردين، وكيف يعملون جنباً إلى جنب مع شركائهم في الجيش المحلي، ويعملون على إحباط خطة المتمردين لاقتحام بانغي وإعادة الرئيس السابق فرانسوا بوزيز إلى منصبه.
ويقول التقرير إنه من المفترض أن يكون “المدربون” الروس في جمهورية أفريقيا الوسطى لأغراض التدريب، بدلا من القتال في الخطوط الأمامية، لكنهم يقومون على ما يبدو بالقتال أكثر بكثير من التدريب.