“هذا المؤتمر الصحفي هو آخر كلام لنا مع الصحافة، فنحن بحاجة لمزيد من الوقت للتركيز على عملنا في كشف فساد جديد له عبر فيلم وثائقي جديد علينا العمل عليه والانتهاء منه”
هكذا أتت كلمات الشاب العشريني استبان بوتسيلا قوية، مدوية في آذان النظام الحاكم في بيلاروسيا والداعمين له في روسيا، لتعد الصحفيين وتتوعد النظام الحاكم في بيلاروسيا بالمزيد من العمل على كشف الفساد، فلا مجال لمؤتمرات صحفية أخرى ولكن المزيد من العمل .
من العاصمة البولندية وارسو أقيم المؤتمر الصحفي المشترك بين والدي الصحفي البيلاروسي المختطف رومان بروتاسيفيتش وصديقه وشريكه المؤسس لموقع وقناة نيكستا استبان بوتسيلا، وبدعوات خاصة للصحفيين كانت “أخبار الآن” حاضرة هناك ، وردا على سؤالنا حول حالة رومان الحالية في ظل اعتقاله، قال استبان بوتسيلا شريك رومان في تأسيس قناة نيكستا “:
“للأسف، ليس لدينا المزيد من المعلومات في الوقت الحالي حول ما يحدث مع رومان. كل المعلومات التي نعرفها هي تلك المتوفرة على الإنترنت. كل ما نعرفه هو أنه يتعرض للتعذيب، وأنه يتعرض حالياً لضغوط باستمرار من قبل النظام”
استبان بوتسيلا: هناك مواطنون معتقلون في سجون لوكاشينكو منذ 18 عاما
وردا على سؤال لـ”أخبار الآن” حول الدور الذي قام به رومان بروتاسيفيتش في المعارضة ببيلاروسيا وعن معلومات جديدة حول القبض عليه وحالته داخل مسجنه أجاب شريكه استبان بوتسيلا: “بالطبع يمثل القبض على رومان أهمية كبيرة فهو يقود المعارضة ضد النظام على نطاق واسع، وهو مؤسس أكبر قنوات الإعلام المستقل التي تابعها الناس ووثقوا بها، وهذا جعله عدواً شخصياً للوكاشينكو، مما لا شك فيه أن الطائرة قد هبطت عنوةً باستخدام طائرات عسكرية بهدف اعتقال رومان بروتاسيفيتش. نحن، رومان وأنا، العدوّان الأساسيّان للدكتاتوري لأننا ندير إحدى أكبر القنوات المستقلّة في بيلاروسيا، وهي قناة “تليغرام“. إنها القوة التي دفعت إلى الثورة البلاروسيّة وتشجّع الناس على التظاهر. لا يستطيع الدكتاتور أن يحظر أو أن يمنع هذه القنوات. لا يستطيع أن يمنعها أو أن يحظرها، لكن لحسن الحظ لا يستطيع أن يعتقلنا. كنا أحد أوّل من أطلق عليه الإرهابي . بحسب المعلومات التي حصلنا عليها من الناس في بلاروسيا، هذه المعلومات داخلية عن اعتقال أفراد لمدة 18 سنة، الأمر الذي لا يمكن تصوّره”.
ناتاليا بروتاسيفيتش: ابني تعرض لضرب مبرح وأعتقد ان أنفه قد كسر
كأي أم على وجه الأرض تستطيع أن تعرف ما يعاني ولدها رغم خروجه في فيديو مريب ليخبر العالم أنه بخير ، بينما كانت والدته تعلم أن أنفه ربما يكون مكسوراً وأنه بحاجة إلى طبيب وبحاجة إلى ملابس، صرخت الأم وهي تتوسل لصحفيي العالم أن يقفوا بجانب ابنها ويستمروا في الكتابة عنه تقول ناتاليا بروتاسيفيتش”كما رأيتم في الفيديو الذي أُعدّ من قبل قوى الشرطة البيلاروسيّة، كان ابني رومان قد تعرّض بشكل واضح للضرب. أعرف ابني وأعرف ملامحه. طبعًا، لست جرّاحة أو طبيبة لأتحدث عن حالته، لكن يمكنني أن أرى أنه على الرغم من كل الماكياج الذي قاموا به على وجهه، إلا أن أنفه انكسر وثمّة جرح على رقبته. يبدو وجهه وكأنه تعرض للتعذيب لمدة طويلة لا نعلم أين هو. تتطلب حالته الاستشفاء العاجل، لكن لا يسمحون للأطباء المستقلّين بزيارته. لا يمكننا أن ننقل له المزيد من الثياب أو أن نمنحه نوعًا من الدعم أو أي أمر آخر. لذا حالته سيئة.”
وتوسلت نتاليا لكل الصحفيين المستقلين حول العالم أن يدعموا رومان حيث قالت بما أننا أهله، نطلب من الأشخاص والصحافيّين والطلاب الأعزاء والحكومات العزيزة أن يمارسوا نوعًا من التأثير على نظام لوكاشينكو حتى أن يوقفوا تعذيب الصحفي الشاب الرائع وأن يوقفوا الترهيب الذي ينفذونه حاليًّا رجاءً أدركوا أن كل يوم ننتظر فيه هو يوم مهمّ، فالمزيد من الأشخاص والأرواح البريئة تُعتقل. رجاء أنقذوا ابني والأشخاص الآخرين الذين يتعرّضون للتعذيب
بدا ديمتري بروتاسيفيتش والد رومان بروتاسيفيتش أكثر تماسكا ورباطة جأش كي يدعم الأم الملهوفة على طفلها فمازالت تناديه ب”طفلي” و”حبة قلبي” ، نداءات لمنظمات عديدة وجهها الأب للبحث في تعرض ابنه للتعذيب
حيث قال ديمتري “نحن نفكر في خيار الحصول على مؤسسات حقوق الإنسان وحسب علمي فإن مؤسسة حقوق الإنسان ضد التعذيب قد أبلغت بالفعل الأمم المتحدة بالقضية. يسعدنا طبعًا لو عرف العالم كله ما يحدث واتخذت جميع الدول الإجراءات لمساعدة ابننا ومعتقلين سياسيين آخرين”.
شريك رومان يتوعد الرئيس لوكاشينكو بوثائقي جديد يكشف عن قضايا فساد كبرى له
السبب الثاني هو أن رومان تحت ضغط نفسي كبير وكذلك نحن وصحافيين مستقلين آخرين. لا أرى أي تفسير آخر لما قد احتجز وأبقيت معلومات احتجازه سرًا. هذا ضد الدستور وحقوق الإنسان ولا يوجد تفسير لما يقومون به. “
تهديدات جديدة من النظام لأصدقاء بروتاسيفيتش في دول إقامتهم
تنتهي الأم من كلامها ليبدأ استبان بوتسيلا الصديق العشريني الذي بدأ رحلة كشف الفساد عن قصر الرئاسة ببيلاروسيا مع صديقه رومان بروتاسيفيتش بشرح وضع الصحافة في بيلاروسيا الآن فيقول ” إن الوضع بالنسبة لوسائل الإعلام المستقل حرج للغاية، حيث يتم الآن حظر أكبر قنوات المعارضة، وهناك أمثلة حديثة على واحدة من أكبر القنوات الإعلامية التي تم حظرها، وتم إيقاف خدماتها ومسح أرشيفها. بالإضافة لذلك، يتم اعتقال العديد من الصحفيين المستقلين بشكل مستمر. كل يوم نرى صحفيين جدد محتجزين في بيلاروسيا، ليس أمامهم أي خيار الآن سوى مغادرة البلاد، لذلك فهم مجبرون على المغادرة. كل ذلك يدل على أن حرية التعبير في وضع حرج للغاية، وحتى مؤسسو قنوات المعارضة على يوتيوب وتيليغرام في خطر حالياً.”
وعن موقف رومان وهل كان يتوقع أن يثير القبض عليه كل هذه الضجة الدولية يقول بوتسيلا “لا أعتقد أنه كان يتوقع هذه الاستجابة السريعة، أظن أنه كان يعتقد بأن الجميع سيعتقد أن هذه مجرد مصادفة، فلم يكن يتوقع مثل هذا الرد من رئيس الولايات المتحدة، وبالطبع قامت القنوات الدعائية في بيلاروسيا بتغطية هذه الأحداث بشكل مستمر وسيء لصالح النظام في بيلاروسيا، لذلك نعم لم يكن يتوقع ذلك.”
ليس رومان وحده المعرض للخطر اليوم ولكن شركاء حلمه بدحض الفساد المتراكم في بيلاروسيا منذ 27 عاما هي مدة حكم الرئيس لوكاشينكو حيث يقول بوتسيلا “نحن الآن بدأنا نتلقى تهديدات أكثر من المعتاد، وقمنا بطلب حراسة أمنية إضافية، لأنه أصبح من الواضح أن ما نقوم به خطير، حيث أن النظام مستعد لفعل أي شيء وكل شيء لمنعنا من التحدث ولكننا سنستمر في كشف الفساد .”
وبذلك فتح الرئيس لوكاشينكو مزيدا من النار عليه بخطفه طائرة ريان إير والقبض على الصحفي رومان بروتاسيفيتش فهو الآن بانتظار وثائقي جديد من زملاء رومان يكشف عن مزيد من الفساد والتورط في جرائم عديدة منها غسيل الأموال .