زيادة الحرارة والجفاف واجتياح الحشرات وزيادة حرائق الغابات وانخفاض إمدادات المياه وانخفاض المحاصيل الزراعية والآثار الصحية بسبب زيادة الحرارة والفيضانات، كلها أشياء مرتبطة جميعا بتغير المناخ.

“التغير المناخي يؤثر على الأعاصير بطرق مختلفة، يبدو وكأنه يمدد موسم الأعاصير بسبب درجات الحرارة التي أصبحت أدفأ في المحيط الأطلنطي لمدة أطول، وذلك بسبب زيادة غازات الاحتباس الحراري”. – جافين شميدت كبير مستشاري ناسا للمناخ.

أولا ما هو التغيّر المناخي؟

التغير المناخي هي عملية تغيير طويلة المدى في متوسط أنماط الطقس، وأصبحت تحدد مناخ الأرض المحلي والإقليمي والعالمي، هذه التغييرات لها مجموعة واسعة من الآثار المرصودة التي ترادف المصطلح نفسه.

وفقا لوكالة ناسا، فهناك تغيرات ملحوظة في مناخ الأرض منذ أوائل القرن الـ20 مدفوعة في المقام الأول بالأنشطة البشرية وخاصة حرق الوقود الأحفوري، ما يزيد من مستويات الغازات الدفئية التي تحتجز الحرارة في الغلاف الجوي للأرض، ما يرفع متوسط درجة حرارة سطح الأرض.

يشار عادة إلى تلك الزيادات في درجة الحرارة الناتجة عن النشاط البشري باسم “الاحتباس الحراري”، يمكن أن تسهم العمليات الطبيعية في تغيير المناخ أحيانا مثل عمليات التقلب الداخلي (الأنماط الدورية للمحيطات)، والتغييرات الخارجية مثل البراكين والتغيرات في إنتاج الطاقة الشمسية ومدار الأرض.

تغير المناخ - كوينزلاند أستراليا

تغير المناخ – كوينزلاند أستراليا

كيف يدرسه ويلاحظه العلماء؟

يستخدم العلماء عمليات الرصد من الأرض والجو والفضاء إلى جانب النماذج النظرية، لرصد ودراسة تغير المناخ في الماضي والحاضر والمستقبل، توفر سجلات البيانات المناخية أدلة على المؤشرات الرئيسية لتغير المناخ، مثل ارتفاع درجة حرارة الأرض والمحيطات على الصعيد العالمي.

بجانب ارتفاع مستوى سطح البحر وفقدان الجليد عند قطبي الأرض وفي الأنهار الجليدية الجبلية.

وكذلك تواتر وشدة التغيرات في الأحوال الجوية البالغة الشدة مثل الأعاصير وموجات الحر وحرائق الغابات وحالات الجفاف والفيضانات وتغيرات السحاب والغطاء النباتي.

تأثير التغيّر المناخي

التغييرات تحدث في الوقت الحالي وستستمر لما هو أبعد من زيادة درجة الحرارة والتأثير على النظام البيئي والمجتمعات.

يعد التأثير الأكبر الذي سيعاني منه البشر مع التغييرات المناخية هي تغير موارد المياه والتي قد تؤثر بشكل كبير على أشكال الحياة، فمثلا في بعض المناطق في الولايات المتحدة الأمريكية شهدت جفاف موارد المياه.

“نرى حدة كبيرة في التغييرات والترسيب، مثلا حينما تمطر، فهي تمطر كثيرا، ونرى الآن بعض العلامات على أن الأعاصير الأرضية تتباطأ، ما يعني أن أمطارها تتساقط في منطقة أكثر تركيزا، وهذا يسبب مشاكل كبيرة، مثلا في حالة إعصار هارفي على هيوستن قبل عامين”. – جافين شميدت كبير مستشاري ناسا للمناخ.

كما أن التغيير المناخي يؤثر على حرائق الغابات بعدة طرق، فالأول هو أنه يجفف الأرض، لذلك يصبح هناك وقودا لإحراقه فتصبح الأرض أكثر قابلية للاشتعال.

 

نظرة استكشافية على أسباب تغيّر المناخ وآثاره

لم تشهد سانت فنسنت وجزر غرينادين، التي يبلغ عدد سكانها ما يزيد قليلاً عن 100000 نسمة، نشاطًا بركانيًا منذ عام 1979، عندما تسبب ثوران بركاني في خسائر تقدر بنحو 100 مليون دولار.

ما أدلة التغيّر المناخي؟

الأقمار الصناعية التي تدور حول الأرض وغيرها من التطورات التكنولوجية مكنت العلماء من  رؤية الصورة الكاملة لعملية التغير المناخي، وجمع أنواع مختلفة من المعلومات عن كوكب الأرض ومناخه على نطاق عالمي، هذه المجموعة من البيانات والتي جمعت على مدى سنوات عديدة تكشف عن علامات تغير المناخ.

أدلة التغيّر السريع وفقا لناسا

ارتفع متوسط درجة حرارة سطح كوكب الأرض بنحو 2.12 درجة فهرنهايت (1.18 درجة مئوية) منذ أواخر القرن الـ19، وهو التغير الذي يرجع إلى حد كبير لزيادة انبعاث ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي والأنشطة البشرية الأخرى.

معظم أحداث الاحتباس الحراري جاءت في آخر 40 عاما، والسنوات السبع الأخيرة الأكثر دفئا في الطقس، وتعادل عامي 2016 و2020 كأدفأ عامين مسجلين في متوسط درجات الطقس.

امتصت المحيطات الكثير من هذه الحرارة المتزايدة، إذ أظهر أعلى 100 متر من المحيط ارتفاعا في درجة الحرارة بأكثر من 0.33 درجة مئوية منذ عام 1969، وتخزن الأرض ٩٠٪  من الطاقة الإضافية في المحيط.

بجانب درجات الحرارة، فقد تقلصت الشرائح الجليدية في جرينلاد والمنطقة القطبية الجنوبية بشكل كبير، البيانات أوضحت أن جرينلاد خسرت متوسط 279 طن من الجليد في الفترة من 1993-2019 في حين أن المنطقة القطبية الجنوبية تخسر 148 طن جليدي في العام.

كما تراجعت الأنهار الجليدية في كل مكان تقريبا في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك جبال الألب والهيمالايا والأنديز وروكي وألاسكا وأفريقيا.

هناك دلائل أخرى مثل زيادة مستوى البحار عالميا بـ20 سنتيمتر في القرن الأخير، وتضاعف الرقم في آخر عقدين من الزمان، وارتفاع درجات الحرارة أكثر من معدلاتها الطبيعية. بجانب حمضية المحيطات، إذ أنه منذ بداية الثورة الصناعية، زادت حموضة مياه المحيطات السطحية بنحو 30%.

يقول جافين شميدت كبير مستشاري ناسا للمناخ: “التغير المناخي يؤثر على البحار بمستويات وطرق مختلفة، الأولى والأسهل للفهم هو أنه مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب، يمتص المحيط تلك الحرارة، ما يتسبب في تمدد المحيط”.

وواصل “ما يعني ملأ الأحواض أكثر فأكثر، لكن بالطبع بينما نحن ندفئ فنحن نذيب الجليد في المناطق الجليدية، وتتراجع الأنهار الجليدية، كلتلك المياه فعليا تنتهي في المحيط”.

وأردف “نحن نذيب الجليد في جرينلاند وبالتحديد في غرب القارة القطبية الجنوبية، وتلك تغييرات في كتلة الجليد على الأرض، والذي يذهب للمحيط، ما يرفع مستوى سطح البحر أيضا”.

أضاف “معدل تغير مستوى سطح البحر الذي رأيناه على مدى الـ100 عام الماضية يتسار بسبب هذه الجوانب الإضافية لتغير المناخ”.

 

 

تغير المناخ - كوينز لاند أستراليا

تغير المناخ – كوينز لاند أستراليا

ما هي أسباب التغيّر المناخي؟

 

  • بخار الماء هو العامل الأول، إذ أنه أحد أكثر الغازات الدفيئة وفرة، ولكن الأهم أنه يعمل كرد فعل للمناخ ويزداد مع ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي للأرض.
  • غاز ثاني أكسيد الكربون، يعد عنصرا ثانويا لكنه مهم للغاية في الغلاف الجوي من خلال العمليات الطبيعية مثل التنفس وثوران البراكين ومن خلال الأنشطة البشرية مثل إزالة الغابات وتغيرات استخدام الأراضي وحرق الوقود الأحفوري، زاد البشر من تركيز الغاز في الغلاف الجوي بنسبة 47% منذ بداية الثورة الصناعية، ويعد هو أهم تأثير طويل الأمد لتغير المناخ.
  • الميثان، وهو غاز هيدروكربوني ينتج من المصادر الطبيعية والأنشطة البشرية على حد سواء، بما في ذلك تحلل النفايات في مدافن القمامة والزراعة وغيرها من المصادر، الميثان يعتبر غاز دفيء أكثر نشاطا من ثاني أكسيد الكربون، لكنه أقل وفرة بكثير في الغلاف الجوي.
  • أكسيد النيتروز أحد الغازات الدفيئة القوية ناتج عن ممارسات زراعة التربة، خاصة استخدام الأسمدة التجارية والعضوية، واحتراق الوقود الأحفوري وإنتاج حمض النيتريك وحرق الكتلة الحيوية.
  • مركبات الكلوروفلوروكربون وهي صناعية بالكامل تستخدم في عدد من التطبيقات المختلفة، لكن تم تقليل استخدامها بموجب اتفاق دولي بسبب قدرتها على تدمير طبقة الأوزون، كما أنها من غازات الاحتباس الحراري (الدفيئة)

 

ما هو التأثير المستقبلي للتغيّرات المناخية؟

يثق العلماء أن درجات الحرارة ستستمر في الارتفاع على مستوى العالم لعقود قادمة، يرجع ذلك إلى حد كبير إلى غازات الاحتباس الحراري (الدفيئة) الناتجة عن النشاط البشري. وتتنبأ اللجنة الدولية للتغيرات المناخية والذي يضم أكثر من 1300 عالم من دول مختلفة، بارتفاع درجات الحرارة يتراوح بين 2.5-10 درجات فهرنهايت خلال القرن المقبل.

وفقا للجنة الدولية للتغيرات المناخية، فإن مدى آثار تغير المناخ على كل منطقة من المناطق سيختلف مع مرور الوقت، ومع قدرة مختلف النظم المجتمعية والبيئية على التخفيف من حدة التغير أو التكيف معه.

ولأن الاحتباس الحراري الناتج عن أنشطة بشرية يتم فرضه على مناخ يتغير بشكل طبيعي، فالارتفاع في درجات الحرارة لم ولن يكون منتظما أو سلسا في مختلف أنحاء البلاد أو بمرور الوقت.

أصبحت هناك ظواهر مناخية حادة للغاية قد تزداد حدة مع التغير المناخي، أصبحت الأمطار الغزيرة وغيرها من الظواهر الجوية المتطرفة أكثر تواترا، قد يؤدي ذلك للمزيد من الفيضانات وانخفاض نوعية المياه وانخفاض توافر الموارد المائية في بعض المناطق.

“على حد علمنا فإن رؤية كم أن نظام الأرض معقد ومتفرد في الكون كان أمرا مهما للغاية لكثير من العلماء العاملين في هذا المجال، لكن وجهة النظر الإضافية شيء، قد يغير وجهة نظرك حرفيا لكل شيء”. – جافين شميدت كبير مستشاري ناسا للمناخ.