استمرار الانتهاكات بحق الرياضيين في إيران
في وقت كانت فيه سميرة الزرقري تمني النفس بالسفر إلى إيطاليا للمشاركة في بطولة العالم للتزلج على الجليد، كمديرة فنية لمنتخب بلادها، جاءها قرار زوجها بمنعها من السفر خارج البلاد، منهيا بذلك حلمها الطويل في المشاركة ببطولة العالم.
وحاول أعضاء الاتحاد الإيراني من حل المسألة، لكن خلافا عائليا حمل الزوج على رفض سفر زوجته، مستغلا بذلك حقا قانونيا يمنع النساء من السفر خارج البلاد إلا بموافقة الزوج.
لم تجد سميرة وسيلة للاحتجاج على الأمر، غير موقع التواصل الاجتماعي تويتر فكتبت:”منعني زوجي من مغادرة إيران، الأمر ليس مجرد مسألة شخصية، ألمي هو ألم كل الإيرانيات”.
معاناة الرياضيين في إيران
قصة سميرة هي واحدة بين قائمة طويلة من معاناة الرياضيين في إيران، مع استمرار قمع السلطات التي تخلط بشكل واضح بين السياسة، والرياضة.
وتسببت تلك التجاوزات بحق الرياضيين على حمل أبطال كثر على ترك البلاد، خاصة بين صفوف الإناث، خشية الملاحقة من جهة، واحتجاجا على الظلم الواقع على المرأة من جهة أخرى.
كيميا علي زادة.. أوقفوا النفاق
مطلع يناير/كانون الثاني الماضي، أعلنت كيميا علي زاده، الإيرانية الوحيدة الحاصلة على ميدالية أولمبية، أنها تركت بلدها هربا من “الظلم والنفاق”.
وقالت اللاعبة، التي يبلغ عمرها 22 عاما، إنها غادرت البلاد، لأنها لا تريد أن تكون جزءا من “النفاق، والكذب، والظلم، والتملق”.
ووصفت زاده نفسها بأنها “واحدة من ملايين النساء المضطهدات في إيران”.
وقالت زاده عبر إنستغرام إن السلطات الإيرانية قد “استخدمت” نجاحها الرياضي “كأداة للترويج والدعاية” لسياساتها.
كيميا علي زاده كانت حققت إنجازا تاريخيا لإيران، حين فازت بالميدالية البرونزية في رياضة التايكوندو في دورة الألعاب الأولمبية التي عقدت في ريو دي جانيرو البرازيلية عام 2016.
نويد أفكاري.. بطل تحت مقصلة الإعدام
في سبتمبر أيلول الماضي، ذهبت إيران إلى أبعد من مجرد الاستغلال أو الظلم لتعلن إعدام لاعب المصارعة الشاب نويد أفكاري، بعد إدانته بتهمة القتل، بحسب وسائل إعلام رسمية، على الرغم من النداءات الدولية الداعية إلى وقف إعدامه.
وحُكم على أفكاري، 27 عاما، بالإعدام لقتله حارس أمن خلال موجة احتجاجات مناهضة للحكومة في عام 2018.
وقال أفكاري إن الاعترافات انتزعت منه تحت وطأة التعذيب.
وكان اتحاد اللاعبين العالميين من بين الذين طالبوا بوقف الإعدام.
وقال الاتحاد، الذي يمثل 85000 رياضي في جميع أنحاء العالم، إن أفكاري استُهدف “ظلما” لمشاركته في الاحتجاجات، ودعا إلى طرد إيران من جميع الأحداث الرياضة العالمية إذا مضت قدما في تنفيذ حكم الإعدام.
ووصفت اللجنة الأولمبية الدولية إعدام أفكاري بأنه “خبر محزن للغاية”، وقالت إن قلوبنا مع أسرته وأصدقائه.
مهدي علي.. بطل آخر تحت “المشنقة”
أواخر يناير الماضي، أعدمت السلطات الإيرانية المصارع مهدي علي حسيني، الذي اعتقل، في عام 2015، بمزاعم ارتكابه جريمة القتل العمد، أثناء قتال جماعي.
وكانت لجنة الرياضة التابعة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، قد دعت في 14 يناير / كانون الثاني، المجتمع الدولي، وخاصة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة واللجنة الأولمبية الدولية، إلى اتخاذ إجراءات فورية لإنقاذ حياة مهدي علي حسيني، ولكن السلطات الإيرانية لم تستجب لكل تلك الدعوات.
قتل المطيري.. لكمة في عين العدالة
بعد أيام من مقتل مهدي علي، أعلنت السلطات الإيرانية، تنفيذ حكم الإعدام ضد الملاكم الأهوازي علي المطيري في سجن شيبان بالأهواز، بتهمة قتل اثنين من عناصر ميليشيات الباسيج التابعة للحرس الثوري قبل عامين.
وقالت وسائل إعلام ايرانية إن المطيري اعتقل عام 2018 وحكم عليه بالإعدام من قبل محكمة الثورة الإيرانية في الأهواز بتهمة قتل اثنين من عناصر الباسيج في بلدة شيبان.
لكن منظمة حقوق الإنسان الأهوازية أوضحت في بيان أن المحكمة لم تسمح له بمحامين مستقلين ولا يعرف أي شيء عن تفاصيل المحاكمة.
كما نقلت المنظمة عن أقربائه أن المطيري اعترف تحت التعذيب لعدة أشهر في زنازين الاستخبارات الإيرانية بالاتهام الموجه إليه.
ووجهت السلطات الايرانية إلى علي المطيري، تهمة الانتماء إلى تنظيم “داعش” الإرهابي بسبب تغيير مذهبه من التشيع إلى التسنن، وهي تهمة عادة ما توجهها أجهزة الاستخبارات الإيرانية للمتحولين إلى السنة في الأهواز وسائر الأقاليم ما ينافي مبادئ حرية المعتقد، وفقا لمنظمة حقوق الإنسان الأهوازية.
تنديد دولي ومطالب باستبعاد إيران من دورة الألعاب الأوليمبية
على وقع تلك الانتهاكات بحق الرياضة والرياضيين، آثارت طهران غضب منظمات حقوقية ودولية دولية، فدعت Global Athlete، وهي مجموعة مناصرة دولية للرياضيين الأولمبيين، دعت اللجنة الأوليمبية الدولية، إلى استبعاد إيران من المشاركة في دورة الألعاب الأوليمبية المقبلة.
فيما قال روب كوهلر، المدير العام لـ Global Athlete ، وهي مجموعة دولية للدفاع عن الرياضيين الأولمبيين، “يجب على اللجنة الأولمبية الدولية أن تتحرك الآن، صمتهم يجعلهم متواطئين”.
وأكد كوهلر “المطيري هو ثالث رياضي تقتله الحكومة الإيرانية خلال أربعة أشهر”.
ودعا كوهلر اللجنة الأولمبية الدولية إلى تعليق عمل اللجنة الأولمبية الوطنية الإيرانية إذ لم يعد بإمكانهم إهمال واجب الرعاية، لأن “حياة الرياضيين على المحك”.
في السياق ذاته حثت الرابطة الألمانية للدفاع عن الألعاب الرياضية، Athleten Deutschland ، اللجنة الأولمبية الدولية على منع النظام الإيراني من المشاركة في دولة الألعاب الأوليمبية.
وقالت المنظمة في بيانها الذي جاء بعد إعدام نويد أفكاري إنه يتعين فرض عقوبات على إيران، مشيرة إلى أن إعدامه لا يمكن أن يمر بدون عواقب.
وقال المتحدث باسم المنظمة ماكسيميليان كلاين، إن Athleten Deutschland راقبت وضع الرياضيين في إيران، لفترة طويلة، وتوصلت إلى استنتاج مفاده أنه “يجب أن تكون هناك عقوبات ضد النظام الإيراني”.
وأضاف كلاين أنه يجب منع النظام الإيراني من المنافسة الرياضية الدولية، ولكن بشرط السماح للرياضيين الإيرانيين بالمنافسة تحت علم محايد وليس علم إيران.