يمثل مشروع طريق الحرير الجديد في الصين حجر الزاوية في استراتيجية الرئيس الصيني “شي جين بينغ” لممارسة بلاده دوراً قيادياً على الساحة الدولية، لكن جائحة كورونا جاءت بما لا تشتهي طموحات بكين وتوقفت مشاريع الطريق حول العالم.
وبلغت المشروعات التي واجهت مشاكل خلال العام الماضي، 15 مشروعًا ضمن مبادرة الحزام والطريق الصينية بقيمة تزيد عن 2.4 مليار دولار، وفقًا لتقرير مركز أبحاث مقره لندن.
وفي تقرير بعنوان “الصين تبحر في تعافيها من كوفيد- 19 – شهية الاستثمار الخارجي وآثاره على البلدان النامية” قال معهد التنمية الخارجية إن الرقم الإجمالي يمكن أن يكون أعلى من جميع النكسات للتأخيرات الناجمة عن وباء كورونا.
و ذكرت صحيفة “ساوث تشاينا مورنينغ بوست” وفقا للتقرير أن المؤسسة الصينية للتأمين على الصادرات والائتمان (sinosure) أصيبت بـ”خيبة أمل كبيرة” بسبب فشل زيمبابوي في دفع 10 ملايين دولار أمريكي كرسوم التزام لمشروع كهرباء سد “غوانزو”، المتعاقدة عليه مع شركة “سينوهيدرو”.
وقال التقرير إن من المفهوم أن حكومة زيمبابوي مدينة بالفعل بدين كبير للشركة الصينية.
الصين.. العديد من المشاريع تأثرت سبب جائحة كوفيد-19
علاوة على ذلك، تتبعت الدراسة مشاريع “مبادرة الحزام والطريق” بين يناير ونوفمبر من العام الماضي، ووجدت العديد من المشاريع المتأثرة بالتأخير، بسبب جائحة كوفيد-19 حيث أغلقت ميانمار ونيجيريا حدودهما في وقت مبكر لاحتواء الفيروس، نتيجة لقيود التنقل بسبب أعداد عالية من الإصابات.
وقالت صحيفة “ساوث تشاينا مورنينغ بوست” أيضا في التقرير إن المشاريع الأخرى فشلت في جمع التمويل أو الدعم الضروري.
وتقول ريبيكا نادين، مديرة قسم المخاطر العالمية والمرونة، إحدى مؤلفي التقرير، إن “المخاطر السياسية المرتبطة بمشاريع البنية التحتية واسعة النطاق تشكل خطرًا كبيرًا على المستثمرين الصينيين مثل الآخرين”، كما ذكرت أن بعض المشاريع البارزة في تنزانيا ونيجيريا قد توقفت أو تم إلغاؤها لأسباب تقليدية أكثر تتعلق بالمخاطر السياسية، مثل الفساد والاضطرابات.
كما وجدت الدراسة كذلك أن المشاريع التي تم حظرها لأسباب تتعلق بالأمن الوطني أو لاعتبارات جيوسياسية في البلدان التي تعاني من توتر العلاقات مع الصين.
أحد المشاريع ألغيت بسبب الاحتجاجات في قيرغيزستان، حيث إن تصورات الصين مالت إلى أن الاستثمارات قد تكون سلبية، وفق صحيفة “ساوث تشاينا مورنينغ بوست”.
استثمارات “الحزام والطريق” في أدنى مستوياتها في أستراليا بسبب كورونا
في أستراليا، منع مجلس مراجعة الاستثمار الأجنبي استثمارًا من قبل شركة فرعية أسترالية تابعة لمجموعة Baotou Iron and Steel Group بهدف “حماية المصلحة الوطنية”.
ويقول يو كاو، كبير الباحثين في معهد التنمية الخارجية، إن وباء كورونا كان سيزيد من تكاليف المشاريع التي حققت إغلاقًا ماليًا أو بدأت في التنفيذ بسبب قيود التنقل والتأخير.
ووجدت الدراسة أيضا أن المشاريع العملاقة كانت في أدنى مستوى لها منذ بداية خطة مبادرة الحزام والطريق في عام 2020.
كانت جائحة فيروس كورونا علامة على كبح التقدم في مبادرة “الحزام والطريق” (BRI) الصينية، أو المعروفة باسم “طريق الحرير الجديد”، وهو مشروع قدَّمه الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى العلن في عام 2013. المشروع عبارة عن بنية تحتية عالمية من الطرق والسكك الحديدية والمطارات والموانئ المصممة لربط التجارة بين آسيا وأوروبا وإفريقيا.
كما تعمل الصين بجد على إرسال إشارات واضحة على قوتها وصمودها رغم جائحة فيروس كورونا، ففي منتصف مارس/آذار، أعلن الرئيس شي أنه لن تكون هناك “تغييرات جوهرية” فيما يتعلق بمبادرة الحزام والطريق.
والواقع أن بكين مضت قدماً بالفعل في توقيع عدد من الاتفاقيات الجديدة، كما حاولت استغلال الوباء بصورة دبلوماسية، بإقرار اثنين من اللقاحات في مواجهته فضلا، عن مساعيها في مساعدة الدول في البلدان النامية، لمواجهة الجائحة التي يلقى باللوم على الصين في انتشارها منذ البداية،السؤال الذي يطرج نفسه هل تستطيع الصين إيجاد التوازن بين مواصلة مشاريعها وحاجة المواطنين الصينيين أيضاً إلى المساعدة، ربما هذا هو التحدي الأكبر أمام بكين في ضوء تراجع مشروعها الأهم بفعل الوباء الذي عملت بكين على استغلاله بشتى السبل.