يتململ المجتمع الأوروبي من احتضان العديد من حكوماته لجماعات متطرفة داخل البلاد؛ خصوصاً وأن العديد من الهجمات الإرهابية وقعت على أراضيه وألحقت العديد من القتلى والجرحى في العديد من الدول ومنها فرنسا، والنمسا، وألمانيا، وهولندا.
وتشكل هذه الهجمات الإرهابية تحولاً في المواقف لدى المجتمع الأوروبي تجاه هذه الجماعات والمنظمات الإرهابية التي تروج للأفكار المؤدية للعنف وتجنيد الإرهابيين من أجل إرسالهم كمشاريع مجرمين إلى الدول التي تنشط فيها التنظيمات الإرهابية؛ كتنظيم داعش الإرهابي، وغيره من التنظيمات الإرهابية والمتطرفة، كان آخرها الحوادث التي وقعت في فرنسا والتي أدت إلى مقتل مدرس تاريخ بعد حادثة شارل إيبدو.
وعلى الرغم من تأكيدات المسؤولين الأوروبيين أنهم يواجهون الإرهاب من خلال إجراءات صارمة، إلا أن المواطنين في المجتمع الأوروبي ينتقدون بشكل لافت التراخي الأوروبي الرسمي في التعامل مع الإرهابيين.
ودعا المواطنون في المجتمع الأوروبي إلى مواجهة هذا الإرهاب المتنامي، ومواجهته بصورة أكثر شدة لا سيما وأن الكثير من المواطنين الأوروبيين، أصبحوا اليوم أعضاء في تنظيمات متطرفة، ويقاتلون في المناطق التي ينشط فيها التنظيم وفق تسميات مختلفة وهم إذا ما قرروا العودة إلى بلادهم فإن البلاد قد تواجه خطرا كبيرا باعتبارهم مشاريع إرهابيين أو خلايا إرهابية تنشط في المجتمع.
تراخٍ أوروبي
وقال تقرير أصدره معهد “غينستون” البحثي إن “موجة الأعمال الإرهابية المتأثرة بأفكار الإسلاميين، والتي ضربت المجتمع الأوروبي في الآونة الأخيرة، كشفت أوجه القصور المؤسفة في قدرة أجهزة الأمن الأوروبية على توفير الحماية الكافية لمواطنيها؛ ففي الحالات الثلاث جميعا – الهجمات التي شهدتها باريس ونيس وفيينا – ظهر واضحاً أنَ المسؤولين عن ارتكاب هذه الهجمات لهم صلات بالشبكات الجهادية العالمية التي أخفق مسؤولو الأمن الأوروبيون في اكتشافها”.
وأشار التقرير إلى قدرة بعض المتورطين في هذه الهجمات على السفر بسهولة عبر القارة الأوروبية والتغلغل في المجتمع الأوروبي ما يعني وجود ضوابط متراخية مُطبَّقة على الحدود في أوروبا، على النحو المحدَّد في اتفاق شنغن الخاصة بالاتحاد الأوروبي، وقدرة الجهاديين المتطرفين على استغلالها.
وقال التقرير إنه “وفي الهجمة الأخيرة التي شهدتها العاصمة النمساوية فيينا في 2 نوفمبر الماضي، تبيَّن أنَّ المسلَّح البالغ من العمر 20 عاماً، والذي قتل أربعة أشخاص، وأصاب 22 آخرين بجراح قبل أن تُرديه رصاصات رجال الشرطة، قد سافر إلى سلوفاكيا المجاورة في يوليو لشراء الذخيرة”.
أولى الهجرات
ويعاني المجتمع الأوروبي منذ فترة طويلة من التطرف؛ حيث بدأت عمليات الهجرة الإسلاماوية المتطرفة إلى أوروبا في مرحلة ما بعد الاستعمار كأيد عاملة مهاجرة، وفق ما أوردته الباحثة في شؤون التفاهم الإسلامي المسيحي في جامعة جورج تاون في واشنطن شيرين هنتر، في كتابها “الإسلام: الدين الثاني في أوروبا”.
وقالت هنتر: “الإسلام بدأ يشكل ظاهرة في المجتمع الأوروبي، لا سيما من قبل المسلمين الذين فكّر عدد منهم بالبحث عن جذوره الإسلامية، أو البحث عن إطار مرجعي لهويته، وسرعان ما تشكلت تكتلات واضحة للمسلمين في المجتمع الأوروبي من خلال جمعيات ومؤسسات إسلامية مختلفة التوجهات، منها ما شجع التعايش، ومنها ما دعم الثقافة الإسلامية كموروث تراثي داخل المجتمعات المضيفة”.
وأضافت “كان لافتاً أن لبعض تلك المؤسسات التي اعتنت بما يسمى الإسلام السياسي أثراً مختلفاً في المجتمع الأوروبي”. وتدريجيا بدأت الطقوس الخاصة بالمسلمين تظهر إلى العلن على الرغم من رفض المجتمع الأوربي عموماً، والعقوبات القانونية المفروضة على ذلك خصوصاً.
ووفق الأرقام الرسمية، فإن عدد سكان الجاليات المسلمة في المجتمع الأوروبي تصل إلى نحو 5% فقط، وفق مركز بيو الأمريكي للأبحاث، ويزداد عددهم في كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، وإسبانيا وبلجيكيا.
أبوهنية: دول الاتحاد الأوروبي لا تمتلك استراتيجية مشتركة تجاه الإرهاب
وقال الباحث في مجال الفلسفة السياسية، والخبير في مجال الحركات الإسلامية حسن أبو هنية لـ “أخبار الآن” : “الجماعات المتطرفة لم تظهر إلا بعد التسعينيات، وبرزت بعد ظهور تنظيمات القاعدة وداعش، وحدثت العديد من الهجمات في فرنسا وأعقبتها في العديد من دول الاتحاد الأوروبي”.
وأضاف لـ “أخبار الآن“: “كانت دول الاتحاد الأوروبي ترعى حالة الإسلام السياسي، وبعد تعرض أوروبا لهجمات إرهابية أصبح هناك التفات لهذا الخطر، علماً بأن المجتمع الأرووبي لم يكن يتوافق على تعريفات محددة للإرهاب فضلا عن عدم وجود استراتيجية محددة أو سياسة موحدة في التعامل مع الإرهاب”.