كثّفت الدول الأوروبية استعداداتها السبت لإطلاق أولى حملات التلقيح ضد كوفيد-19 رغم ظهور سلالة متحوّرة لفيروس كورونا في عدد من أرجاء العالم، يعتقد بأنها أسرع انتشارا وأجبرت بعض الدول على تشديد تدابير الإغلاق.
وعززت حملات التلقيح الوشيكة الآمال بأن العام 2021 قد يجلب فترة راحة من الوباء الذي أودى بحياة أكثر من 1,7 مليون شخص منذ ظهوره في الصين أواخر العام الماضي.
وصباح السبت، وصلت الجرعات الأولى من لقاح “فايزر-بايونتيك” إلى إيطاليا وإسبانيا وفرنسا، وهي أكثر الدول الأوروبية تضررا بالوباء، وهي جاهزة للتوزيع على مرافق رعاية المسنين وطواقم العاملين الصحيين.
وقال وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو فيما حضّ الإيطاليين على تلقي اللقاح “سنستعيد حرّيتنا وسنكون قادرين على أن نتعانق مرة أخرى”.
لكن استطلاعات الرأي تظهر أن 57 في المئة فقط من الإيطاليين يعتزمون الحصول على اللقاح فيما يقدر العلماء أن “مناعة القطيع” لا يمكن بلوغها إلا إذا حصل عليها 75 إلى 80 في المئة من السكان.
انطلاق حملات التطعيم في أوروبا
ومن المقرر أن تبدأ حملات التطعيم في جميع دول الاتحاد الأوروبي الـ27 الأحد، بعدما أقرّت الجهات المنظمة لقاح فايزر-بايونتيك في 21 كانون الأول (ديسمبر).
وسجّلت دول عدة من بينها فرنسا وإسبانيا واليابان والدنمارك ولبنان وألمانيا وأستراليا وهولندا وإيطاليا إصابات بالسلالة الجديدة، ما يثير قلق الهيئات الصحية التي تعاني أساسا من الضغط.
وتم تسجيل أكثر من 25 مليون إصابة في أوروبا حسب تعداد أجرته وكالة فرانس برس الجمعة، كما أعلنت روسيا السبت أنها تجاوزت عتبة ثلاثة ملايين إصابة بالفيروس.
وتخطت المملكة المتحدة عتبة 70 ألف وفاة بسبب كورونا المستجد الجمعة وتواجه البلاد ارتفاعا متزايدا في عدد الإصابات بالسلالة المتحوّرة للفيروس.
وفرضت تدابير العزل على ستة ملايين شخص في جنوب البلاد وشرقها اعتبارا من السبت ليصبح مجموع السكان الخاضعين لهذه التدابير التقييدية، 24 مليونا على مستوى البلاد.
كذلك، فرضت النمسا تدابير إغلاق على مستوى البلاد في 26 كانون الأول (ديسمبر) للمرة الثالثة منذ بدء تفشي الفيروس، مع إغلاق كل المتاجر غير الأساسية، إلا أن محطات التزلج بقيت مفتوحة.
ومن المفترض أن يستمر منع التجول وتدابير الإغلاق حتى 24 كانون الثاني (يناير).
– سلالة متحوّرة –
واكتُشفت أول إصابة في فرنسا بسلالة متحوّرة لفيروس كورونا المستجد لدى مواطن مقيم في بريطانيا وصل من لندن في 19 كانون الأول (ديسمبر)، بحسب وزارة الصحة الفرنسية.
ولم تظهر عليه أي أعراض بينما عزل نفسه في منزله في تور (وسط فرنسا)، في حين تمت عملية تعقب للموظفين الصحيين الذين خالطوه.
وفي إسبانيا، تم تأكيد أربع إصابات بالسلالة الجديدة في مدريد يوم السبت.
وقال المسؤول الثاني في سلطات المنطقة الصحية أنتونيو زاباتيرو للصحافيين إن “المرضى ليسوا في حالة صحية حرجة، نعلم أن هذه السلالة معدية أكثر، لكنها لا تتسبب بأعراض أكثر خطورة … لا داعي للهلع”.
ودفعت هذه السلالة المتحوّرة أكثر من 50 بلدا إلى فرض قيود على السفر من المملكة المتحدة حيث ظهرت لأول مرة.
وانحسرت الاختناقات المرورية التي شكلتها طوابير الشاحنات في جنوب إنكلترا السبت، بعدما رفعت فرنسا حظر الدخول لمدة 48 ساعة للسائقين الذين خضعوا لاختبار كورونا المستجد وأتت نتائجها سلبية، وأبقت ميناء كاليه مفتوحا يوم عيد الميلاد.
كما اكتشفت جنوب إفريقيا طفرة مماثلة لدى بعض المصابين، لكنها نفت الجمعة التصريحات الصادرة من بريطانيا التي أفادت بأن سلالتها أخطر ومعدية أكثر من تلك المكتشفة في المملكة المتحدة.
– نجاح “استثنائي للغاية” –
تباهى قادة الحزب الشيوعي الحاكم في الصين بنجاحهم الذي وصفوه بـ”الاستثنائي للغاية” في التعامل مع أزمة تفشي كوفيد-19 داخليا، قبيل تحقيق مرتقب لمنظمة الصحة العالمية في مصدر المرض.
وأفاد المكتب السياسي الذي يعد أعلى هيئة صنع قرار في الحزب الشيوعي، في وقت متأخر الجمعة، أن قيادة الحزب “لعبت دورا حاسما في قيادة.. الصين للتغلب على المخاطر والتحديات النادرة من نوعها هذا العام”.
ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة عن بيان صدر بعد الاجتماع الذي دام ليومين أنّه “في لحظة حرجة.. تبنت اللجنة المركزية للحزب رؤية بعيدة الأمد.. فحققت مجدا استثنائيا للغاية في هذا العام غير التقليدي بدرجة كبيرة”.
وسجلت طوكيو عددا قياسيا من الإصابات اليومية بلغ 949 كما تجاوزت اليابان العدد اليومي الذي سجلته أخيرا وهو ثلاثة آلاف إصابة.
وشهدت تايلاند أيضا تفشيا جديدا للوباء مرتبطا بسوق للمأكولات البحرية قرب بانكوك أصاب ما يقرب من 1500 شخص.
وغابت مظاهر الازدحام المعهودة في الأسواق لمناسبة “بوكسينغ داي” (اليوم الذي يلي عيد الميلاد ويشهد تنزيلات) عن شوارع سيدني السبت، إذ التزم معظم السكان بدعوات رئيس الوزراء ملازمة منازلهم في ظل اكتشاف مجموعة إصابات جديدة.
وقالت المتسوّقة ليا غوناوان لصحيفة “ذي سيدني مورنينغ هيرالد”، “حتى عندما دخلنا المتجر، كان هناك أقل من عشرة أشخاص”.
وفي أنحاء العالم، دعي السكان لاحترام إرشادات التباعد الاجتماعي بينما حضّت منظمة الصحة العالمية على عدم “إضاعة” ما وصفتها بـ”التضحيات المؤلمة” التي تم تقديمها لإنقاذ حياة الناس.
وفي وقت يبدأ إطلاق اللقاحات في أنحاء العالم، كان مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس قد حذّر الجمعة بأن “اللقاحات توفر مخرجا للعالم من هذه المأساة، لكن تطعيم العالم بأسره سيستغرق وقتا”.
– لقاحات للجميع-
كما تطرّق البابا فرنسيس في رسالته لمناسبة عيد الميلاد إلى الأمر داعيا إلى تأمين ” لقاحات للجميع، وخاصة للفئات الأكثر ضعفاً وحاجة” مشيراً إلى أن “قوانين السوق وبراءات الاختراع” يجب ألا تكون “فوق قوانين الحب والصحة والبشريّة”.
وفي تركمانستان حيث تقول الحكومة إنه لم يتم اكتشاف أي إصابات بكورونا المستجد، زعم الرئيس قربان قولي بردي محمدوف أن جذر عرق السوس يمكن أن يعالج كوفيد-19.A