ما زال فيروس كورونا يخيّمُ بظلاله على العالم، علماً أنّ كثيراً من الدول بدأت في حملات التلقيح مع ترخيص عدد من اللقاحات. وتيرة المخاوف تصاعدت مع إعلان منظمة الصحة العالمية أنّ سلالة جديدة ظهرت بشكل فعلي في عدد من الدول، وسط حديث أن هذه السلالة ستكون أشد فتكاً عن النسخة الأصلية للمرض، كونها تنتشر بسهولة أكبر.
وبحسب تصريحات رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون، فإنّ السلالة الجديدة قد تكون أكثر قابلية للانتقال، بنسبة سبعين في المئة. وقال جونسون في خطاب متلفز إن الحكومة ستعيد “فرض الحجر المنزلي اعتبارا من الأحد في لندن وجنوب شرقي البلاد”. وذكر أن العلماء اكتشفوا سلالة جديدة من فيروس كورونا المستجد تنتشر “بسهولة أكبر بكثير”، مضيفاً أن النسخة الجديدة “قد تكون أكثر قابلية للانتقال بنسبة تصل إلى 70 في المئة عن البديل القديم، النسخة الأصلية للمرض”.
وأوضح انه نظرا للأدلة التي نملكها عن السلالة الجديدة: “يؤسفني القول إنه لن نخفف القيود في أعياد الميلاد، بينما لن تتمكن العائلات من الخروج في المنطقة الرابعة في لندن، بينما سنقيد الحركة والاجتماعات”
ومن جهته، أكّد وزير الصحة البريطاني مات هانكوك أنّ سلالة كورونا الجديدة ، خرجت بالفعل عن السيطرة في بريطانيا. وقال: “سيكون من الصعب السيطرة على السلالة الجديدة لكورونا قبل توزيع اللقاحات على مستوى كبير”.
وأضاف المسؤول البريطاني: “نريد أن نضع حدّاً لتفشي السلالة الجديدة من الفيروس من خلال إجراءات التباعد الاجتماعي”. وتابع قائلاً: “خطتنا أن ننتهي من تلقيح مليون شخص خلال أيام”، لافتاً إلى قرار إعادة فرض الحجر الصحي في لندن وجنوب شرق إنكلترا.
ويقول كبير المسؤولين الطبيين في إنجلترا، البروفيسور كريس ويتي، إن هناك ثلاثةً وعشرين تغيراً مختلفاً مع هذه السلالة الجديدة. ويضيف البروفيسور ويتي، فلا يوجد دليل حالي يشير إلى أنّ السلالة الجديدة تتسبب في ارتفاع معدل الوفيات، أو أنّها تؤثر على اللقاحات والعلاجات.
وتأتي هذه التصريحات، بينما أعلن رئيس الوزراء البريطاني، السبت، إعادة فرض الإغلاق في لندن وجنوب شرق إنجلترا اعتبارا من الأحد، ما يعني عدم إمكانية اجتماع العائلات خلال عيد الميلاد.
دول أوروبية وعربية تعلّق الرحلات الجوية من بريطانيا
وبعد ساعات قليلة من إعلان الحكومة البريطانية إعادة فرض حجر في لندن وجنوب شرق إنكلترا، أعلنت ألمانيا حظر الرحلات الجوية من بريطانيا وجنوب أفريقيا، وذلك لمنع انتشار سلالة جديدة من فيروس كورونا، وفق ما قال مصدر حكومي الأحد لوكالة فرانس برس. وأوضح المصدر أنّه على غرار هولندا حيث دخل حظر على كل الرحلات الآتية من المملكة المتحدة حيز التنفيذ الأحد، تدرس الحكومة الألمانية اتخاذ خطوة مماثلة “كخيار جاد” بالنسبة إلى الرحلات الجوية من بريطانيا وجنوب إفريقيا.
ومن جانبها، ستعلّق بلجيكا الرحلات الجوية وحركة القطارات القادمة من بريطانيا اعتباراً من منتصف ليل الأحد، بعد اكتشاف سلالة جديدة من فيروس كورونا المستجد تنتشر في جزء من الأراضي البريطانية، وفق ما أفاد مسؤول حكومي وكالة فرانس برس. وأوضح رئيس الوزراء الكسندر دو كرو في تصريح للتلفزيون البلجيكي “في ار تي”، أنّ مدة التعليق ستكون 24 ساعة على الأقل.
وفي الشأن ذاته، أعلنت إيطاليا، الأحد، أن الرحلات الجوية مع المملكة المتحدة بعد اكتشاف سلالة جديدة من فيروس كورونا المستجد يشتبه بأنها معدية أكثر، في جزء من الأراضي البريطانية، على ما أعلن وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو، الذي كتب على حسابه في فيسبوك “أطلقت المملكة المتحدة تحذيراً يتعلق بشكل جديد من كوفيد هو نتيجة تحوّل للفيروس. ونحن كحكومة، من واجبنا حماية الإيطاليين ولذلك (…) سنوقع، مع وزير الصحة، مرسوماً يقضي بتعليق الرحلات مع بريطانيا”، لكن لم يحدد موعد بدء تنفيذ هذا الإجراء.
أمّا عربياً، فقد أوضحت هيئة الطيران المدني الكويتية، أنّ قرار حظر الطيران القادم من المملكة المتحدة، تم اتخاذه “بناء على تعليمات السلطات الصحية”.
هل تستجيب السلالة الجديدة للقاح؟
يقول الخبراء إنّ العلاجات التي يجري تطويرها حالياً، بما فيها اللقاحات، قد تكون فعالة ضدّ كل سلالات الفيروس التاجي، فيما تقول هيئة “علم الجينوم” البريطانية إنه يصعب التنبؤ فيما إذا كانت أي طفرة معينة تستجيب، عند ظهورها لأوّل مرة، للقاح، إلّا أنّ الخوف يكمن في أن تؤدّي أيّ تغييرات إلى زيادة حالات إعادة العدوى أو فشل اللقاح.
منظمة الصحة العالمية
إلى ذلك، دعت منظمة الصحية العالمية أعضاءها في أوروبا إلى “تعزيز قيودهم” على خلفية ظهور سلالة جديدة من فيروس كورونا، كما أفاد الفرع الأوروبي للمنظمة وكالة فرانس برس الأحد. وتحدثت المنظمة عن “مؤشرات أوّلية تفيد بأنّ عدوى السلالة قد تكون أكبر”، فضلاً عن انها “قد تؤثر في فاعلية بعض أساليب التشخيص”. وأوضحت أن “لا دليل على تبدل في خطورة المرض” رغم ان هذا الموضوع لا يزال موضع ابحاث.
وقالت متحدثة باسم فرع المنظمة في أوروبا لـ”فرانس برس” إنّ المنظمة ستدلي بمزيد من المعلومات “حين يكون لديها رؤية أكثر وضوحاً عن صفات هذه السلالة”. وقالت المنظمة أيضاً: “في أنحاء أوروبا، حيث تنتقل العدوى بشدة وعلى نطاق واسع، يتعيّن على الدول مضاعفة قيودها وإجراءاتها الوقائية”.
وعلى الصعيد العالمي، أوصت المنظمة “كل الدول بتعزيز قدراتها على تحديد سلالات فيروس سارس-كوف-2 حين يكون ذلك ممكنا وتقاسم المعلومات على الصعيد الدولي، وخصوصا اذا تم تحديد الطفرات الاشكالية نفسها”.