أفصح كولونيل كوري شمالي، أمضى عقدين من الزمن في التسوّق في أوروبا لحكام بلاده، كوريا الشمالية، أنّ الديكتاتور كيم إيل سونغ، والد زعيم كوريا الشمالية الحالي كيم جونغ أون، كان يعيش في رفاهية بينما كان الكثير من الناس يكافحون للبقاء على قيد الحياة في دولته الشيوعية الفقيرة.
رفاهية قائد.. وعوز شعب
الكولونيل المنشق، كيم جونغ إيول، الذي قضى 16 عاماً متخفياً في النمسا، تحدّث كيف أنفق “القائد العظيم” وابنه وخليفته الملايين مقابل التمتع بالسلع الغربية، من السيارات الفاخرة والسجاد ومختلف الأشياء والمقتنيات، هذا عدا عن المسدسات المطلية بالذهب.
تُظهر رواية العقيد، في كتاب من تأليف الصحافيين النمساويين إنغريد شتاينر-غاشي وداردان غاشي، الانقسام العميق بين أنماط حياة القيادة الكورية الشمالية ومواطنيها، الذين يتعين عليهم أحياناً العيش من خلال أكل لحاء الشجر، مع العلم أنّه سيتمّ إرسالهم للمعتقلات إذا انتقدوا الحكومة على أفعالها.
منازل تتحدى الهجوم النووية!
وقال كيم جونغ اريول إنّ الديكتاتور الراحل كان لديه عشرات الفلل المترامية الأطراف، بعضها مبني تحت الأرض، مليئة بالثريات الكريستالية وورق الحائط الحريري والأثاث الثمين. وفي بعض الفلل، قام كيم الذي درس الهندسة الميكانيكية في ألمانيا الشرقية السابقة، بتطوير أنظمة تهوية خاصة، والتي تؤدي وظيفة مختلفة في حال وقوع هجوم نووي، على حدّ قول العقيد.
وفي هذه المنازل الفخمة، كان كيم إيل سونغ وعائلته يتغذون على مجموعة هائلة من أنواع الأطعمة الفاخرة، بما في ذلك الأكلات النمساوية. وأضاف العقيد أنّه “كان يأكل الطعام الأجنبي فقط”، وأردف قائلاً إنّ صديقه اشترى طعاماً أجنبياً خاصاً لـ “الديكتاتور”. كما أدى شغف كيم إيل سونغ ذات مرة إلى إرسال وفد من الطهاة إلى النمسا لزيارة مدارس الطهي الشهيرة وبعض أفضل المطاعم في البلاد لجمع الوصفات.
جدير بالذكر أنّ كيم إيل سونغ، قرر في عام 1994، بعد رعاية ابنه لسنوات أن يحل محله، ومع عدم وجود تغيير في قيادة كوريا الشمالية، قرّر الكولونيل أن يروي قصته، وقال لوكالة أسوشيتيد برس: “من دون كتابة هذا الكتاب، لم أكن أريد أن أموت، الآن يمكنني أن أموت بضمير مرتاح”.
ويعرف كيم، الذي ترك زوجة وطفلين في كوريا الشمالية ولم يطلب اللجوء بعد في النمسا، أنّه يخاطر بحياته من خلال الكشف عن مكانه. وقال: “أنا خائف للغاية، ربّما أتعرض للقتل بالرصاص في الأيام القليلة المقبلة”.
سيارات وأسلحة وأجهزة مراقبة
كما قال الكولونيل المنشق إنّ كيم إيل سونغ، الذي كان يهوى ركوب السيارات الرياضية السريعة، وبالتالي كان يمتلك مجموعة واسعة من السيارات الفخمة التي تضمنت مرسيدس، لينكولنس، فورد، كاديلاك وسيتروين، بينما كان يدين “الانحطاط الغربي والإمبريالية” علانيةً.
وفي أوائل التسعينيات، أمر الحاكم المهووس بالسيارات ببناء نسخة كورية شمالية من مرسيدس 200، وقال المنشق إنّه عند صنعها، تمّ تقديمها إلى جمهور كوريا الشمالية ببهجة ووسط ضجة كبيرة، وبمساعدة الوسطاء المتحمسين لكسب المال، تمّ بسهولة تعقّب العناصر التي طلبها كيم إيل سونغ وابنه، الذي وصفها العقيد بـ “الديكتاتور الصغير”.
وعلى سبيل المثال أيضاً، ساعد عميل سري روماني ثري تمّ تحديده في الكتاب فقط باسم Valeriu U، الذي كان يدير شركة وهمية في فيينا، من بين أمور أخرى، في تأمين أسلحة صيد خاصة وحتى طائرة خفيفة من طراز سيسنا.
ومع استعداد كوريا الشمالية لدفع 30٪ أكثر من السعر المطلوب للسلع المحظورة، كان النمساويون وغيرهم حريصين أيضاً على المشاركة، وبهذه الطريقة، وجدت أجهزة الكشف عن المعادن والأسلحة المتخصصة والأجهزة التي يمكنها قراءة بصمات الأصابع وغيرها من المنتجات، التي غالباً ما تكون محظورة، طريقها إلى البلد المعزول.
وتابع العقيد أنّ هذا الظلم هو الذي دفعه في أكتوبر 1994 لتزييف وفاته في نهاية إحدى رحلاته وبدء حياة سرية جديدة في النمسا على أمل أن ينهار النظام القمعي في غضون سنوات. وقد عمل العقيد كمترجم إذ كان يتحدث الألمانية بطلاقة، وقال المنشق: “تعلموا كلّ شيء، هذا ما قيل لهم”، كما سمع الديكتاتوريين “المجانين” كما وصفهم، شائعات مفادها أنّ المطبخ النمساوي مشهور عالمياً ولهذا السبب أرادوا أن يأتي الطهاة إلى هناك.