استقال دومينيك كامينغز مهندس حملة 2016 لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) الجمعة من منصب كبير مساعدي رئيس الوزراء بوريس جونسون.
وكان من المقرر أن يغادر كامينغز منصبه في نهاية العام، وفق ما أفادت تقارير، لكنه شوهد وهو يغادر مقر رئيس الوزراء “10 داونينغ ستريت” يوم الجمعة وهو يحمل صندوقا كرتونياً.
وأكد مصدر حكومي أن كامينغز لن يبقى في وظيفته بشكل رسمي اعتباراً من “منتصف كانون الأول/ديسمبر”.
وكان كبير مستشاري جونسون، المثير للانقسامات والذي لعب دوراً مهماً لدرجة استثنائية في الحكومة، قال لشبكة “بي بي سي” في وقت متأخّر الخميس إن التكهّنات الأخيرة التي تتحدث عن تهديده بالاستقالة “مختلقة”.
لكن في وقت خرج الصراع على السلطة في داونينغ ستريت إلى العلن هذا الأسبوع، شدد كامينغز على تصريحات وردت في مدونة في كانون الثاني/يناير وجاء فيها أنه سيكون “زائداً عن الحاجة لدرجة كبيرة” في غضون عام.
وقال كامينغز للشبكة التي نقلت عن مصدر رفيع في الحكومة قوله إنه سيغادر منصبه بحلول عيد الميلاد، “لم يتغيّر موقفي منذ نشرت مدونتي في كانون الثاني/يناير”.
وتتزامن مغادرة كامينغز منصبه مع انتهاء فترة بريكست الانتقالية عندما تبدأ بريطانيا مرحلة جديدة خارج نطاق قواعد الاتحاد الأوروبي في 1 كانون الثاني/يناير.
وقال وزير النقل غرانت شابس الجمعة “سنفتقده لكننا سننتقل إلى مرحلة مختلفة”.
وأضاف “في أي حكومة، هناك حاجة للأشخاص الذين سيغيّرون الأمور ويطرحون الأفكار، وكان هو في الواقع هذه الشخصية”.
ثمن سياسي
وتم تعيين كامينغز، الغامض والمعروف بملابسه غير التقليدية ونهجه في السياسة القائم على المواجهة، ككبير مستشاري حكومة جونسون عندما وصل الأخير إلى السلطة في تموز/يوليو 2019.
وساعد في تحقيق جونسون انتصاراً انتخابياً كبيراً في كانون الأول/ديسمبر الماضي، لكن أسلوبه الذي تشير تقارير إلى أنه متسلّط وانخراطه المتكرر في سجالات مع زملائه يتسبب بتوتر مستمر.
وأثار جدلاً واسعاً في وقت سابق هذا العام بعدما قام برحلة داخلية خلال فترة الإغلاق الرامية لاحتواء كوفيد-19 بدا أنها شكّلت خرقاً للقواعد الصارمة الذي ساهم هو نفسه في وضعها.
وقال كامينغز، الذي كان يعاني من أعراض كوفيد حينها بينما أصبيت زوجته كذلك بالفيروس، إن الجولة كانت ضرورية لضمان عثوره على خيارات مناسبة لرعاية نجلهما الأصغر.
وقوبلت خطوته بانتقادات غاضبة شعبية وسياسية لكنه رفض الاستقالة بينما وقف جونسون إلى جانبه رغم الثمن السياسي الكبير لذلك.
وساهم كامينغز مذاك في قيادة إدارة الحكومة للوباء بينما يعتقد بأنه مهندس خطة جونسون الطموحة لإجراء ملايين الفحوص يومياً للسماح للأشخاص الذين لا يعانون من كوفيد بالانتقال بحرية.
وواجهت الحكومة البريطانية انتقادات واسعة جرّاء طريقة تعاطيها بشكل مركزي مع الأزمة.
انطلاقة جديدة
وتصدى جونسون لارتفاع عدد الإصابات عبر فرض إغلاق جزئي مدته أربعة أسابيع في انكلترا، ما أثار حفيظة العديد من نواب حزبه المحافظ.
وقال النائب المحافظ برنارد جنكن إن مغادرة كامينغز ستكون فرصة لإعادة “الاحترام والنزاهة والثقة” بين النواب وداونينغ ستريت، وهو أمر “افتُقد في الأشهر الأخيرة”.
وأفاد إذاعة “بي بي سي” “إنها فرصة لإعادة إطلاق الطريقة التي تعمل من خلالها الحكومة والتأكيد على بعض القيم بشأن ما نرغب بأن نوصله كحزب محافظ في الحكومة”.
وتأتي الأنباء بعد يوم فقط على استقالة لي كاين، مدير الاتصالات لدى جونسون، والذي يعد حليفاً مقرّباً من كامينغز كان من أبرز الداعمين لبريكست في استفتاء 2016.
وعُرض على كاين، المعروف بدرجة أقل والذي كان صحافياً ارتدى في إحدى المرات زي دجاجة لاستفزاز رئيس الوزراء الأسبق ديفيد كاميرون، منصب كبير الموظفين.
لكن ردود الفعل الغاضبة في أوساط المحافظين والمقرّبين من جونسون دفعته إلى الاستقالة.
ومن شأن مغادرتهما أن تؤذن بتحوّل في مقاربة واستراتيجية حكومة جونسون.
وشبّه النائب ديفيد لامي من حزب العمال المعارض مغادرتهما بـ”بفرار جرذان من سفينة غارقة”.