أخبار الآن | باريس – فرنسا

لم تجزم أوروبا، مواقفها النهائية بشأن عودة عائلات المقاتلين الأجانب في تنظيم داعش الإرهابي ممن يحملون جنسيات دولها.
فأوروبا – إزاء هذا الموقف – تواجه معضلة مُركبة؛ تتمثل في تخوفاتها الكبيرة من عمليات إرهابية قد تُنفذ على أراضيها، إلى جانب الضغوط القانونية، والحقوقية بشأن إعادة هؤلاء لإدماجهم في المجتمع الأوروبي، على ما يؤكد خبراء لـ “أخبار الآن”.
وتنطلق تخوفات أوروبا من أن إعادة هذه العائلات يمكن أن تؤثر سلبا في حال تطبيق عقوبات قانونية على المحكوم عليهم أصلاً في مراكز الإصلاح، والسجون، وتغذيتهم بأفكار إرهابية قد تسهم في خلق إرهابيين مُحتملين جُدد على الأراضي الأوروبية.
لكن ورغم كل ذلك، إلا أن الحيز الإنساني خصوصاً للأطفال، الذين كانوا ينتمون إلى تنظيم داعش الإرهابي، ما يزال حاضراً في المنطق الأوروبي؛ حيث تقبل معظم الدول الأوروبية مساعدة هؤلاء الأطفال من خلال إعادة إصلاحهم وتأهيلهم، وفق ما يؤكد الخبراء.
وعلى الرغم من شدة العقوبات التي تفرضها الدول الأوروبية على المنتمين إلى التنظيمات الإرهابية، إلا أن تخوفاتها من ارتكاب جرائم إرهابية على أراضيها يبدو أنه الأكثر أولوية لحماية سكانها وأراضيها، خصوصاً مع عودة التنظيم الإرهابي مجدداً إلى محاولة النشاط خصوصاً في دول أفريقيا التي تمثل بيئة خصبة لأفكار التنظيم.
وقال الخبير العسكري عبدالرحمن مكاوي من فرنسا لـ”أخبار الآن”: “الدول الأوروبية قررت في التعامل مع هؤلاء الإرهابيين دراسة كل حالة بمفردها”، مشيراً إلى أن أن القضاء الأوروبي أصدر العديد من الأحكام القضائية القاسية لمعاقبتهم على ما قاموا به”.
وأوضح مكاوي أنه على الرغم من محاولة بعض هؤلاء الإرهابيين من العودة إلى دولهم إلا أن الخطر ما زال قائما من قبل هؤلاء لإمكانية تأثيرهم على المجتمعات التي سوف يعيشون فيها أو يتعاملون معها”.
ووفق مكاوي، فإن السلطات الأوروبية تتمتع بقدر عال من الحذر واليقظة بشأن عودة هؤلاء الأشخاص المغرر بهم إلى الدول التي يحملون جنسيتها، لا سيما وأنهم إذا ما خضعوا لأحكام قضائية فإنهم قد يختلطون بسجناء يمكن بسهولة التأثير على أفكارهم ليصبحوا مشاريع إرهابيين محتملين جاهزين للانفجار في أي وقت في المجتمع الأوروبي.
من جهته، قال الخبير الأمني محمد عبدالله أسلم من نواكشوط لـ “أخبار الآن”:أوروبا تواجه ضغوطاً قانونية وحقوقية بشأن عودة هؤلاء الإرهابيين، ومن ذلك فإنها لم تتخذ قراراً حاسما بعد بشان عودتهم.
وأضاف: “أوروبا ما زالت تُخضع حتى من عادوا إلى الرقابة الصارمة”، مشيراً إلى أن “هناك تخوفات كبيرة من أن يكون طلب المنتمين إلى داعش بالعودة آنياً”.
يشار إلى أنه بعد اعتماد قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2178 في سبتمبر من العام 2014، والذي طالب الدول بسن قوانين لقمع المقاتلين الأجانب، أصبح لدى معظم الدول الأوروبية تشريعات تسمح بمحاكمة العائدين بتهمة الانتماء إلى جماعة إرهابية أو دعمها.
وبجانب اللجوء لخيار المحاكمات القضائية، ألغت بعض الدول اللجوء لتجريد المجاهدين الأوروبيين من الجنسية؛ حيث ألغت المملكة المتحدة جنسية العديد من المواطنين البريطانيين الذين سافروا للانضمام إلى داعش في الشرق الأوسط.
وكانت القضية الأكثر شهرة هي قضية شميمة بيغوم، التي سافرت للانضمام إلى داعش عندما كانت تبلغ من العمر 15 عامًا في عام 2015، ورغم أن بيغوم ليس لديها جنسية أخرى، لكن الحكومة البريطانية قالت إنها عملت بموجب تعديل عام 2006 لقانون عام 1981 الذي يقضي بحرمان أي شخص من الجنسية إذا كان ذلك يخدم المصلحة العامة.
كما سحبت المملكة المتحدة جنسية جاك ليتس، وهو مسلم تحول إلى داعش من بريطانيا عام 2014 ويحمل الجنسية الكندية من خلال والده، وفي عام 2018، سحبت بريطانيا جنسية ألكساندا كوتي والشافي الشيخ.
كما شرعت ألمانيا في أبريل 2019 قانونا يسمح لها بإلغاء جنسية البالغين الذين يحملون جنسية ثانية والذين يشاركون في العمليات القتالية لميليشيا إرهابية.