أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (بيانات تحليلية – سانيا رحمان)
في 24 سبتمبر / أيلول 2020 ، نشر معهد السياسة الإستراتيجية الأسترالي (ASPI) مجموعة ضخمة من البيانات تظهر حوالي 380 مركز احتجاز في شينجيانغ في الصين. وتذكر ASPI أيضا بشكل صادم ، أن أكثر من 16000 مسجد في شينجيانغ دمرها الحزب الشيوعي الصيني كليًا أو جزئيًا .
إثر ذلك قمنا في أخبار الآن بالتعمق أكثر في تلك البيانات, ويمكنكم متابعة القراءة لمعرفة كل التفاصيل.
في أوائل عام 2017 ، قام مسؤولو وزارة العدل في شينجيانغ بجولة في جنوب الإقليم للإبلاغ عن احتجاز الآلاف من الأيغور والكازاخستانيين وغيرهم من الأقليات المسلمة من دون مجاكمة في معسكرات إعادة التعليم.
وهكذا بدأ الاعتقال الجماعي لأكثر من 1.5 مليون من الأيغور ، وهم أقلية عرقية في الصين كانت لعقود على خلاف مع الحزب الشيوعي الصيني.
في الواقع ، كانت النفقات الأمنية للحزب الشيوعي الصيني في شينجيانغ أعلى بكثير من المعدل الوطني للصين . ويوضح الجدول أدناه تعزيز الأمن الداخلي في شينجيانغ مقارنة ببقية الصين ، وقد تم إعادة إنتاجه من الرسم البياني الذي أنشأه الباحث إدريان زنز.
منذ عام 2017 ، استمرت التقارير عن مراكز الاحتجاز هذه في الظهور ، لكن الحكومة الصينية لم تعترف أبدًا بأن هذه المعسكرات هي في الواقع مراكز احتجاز. وتستمر الصين في وصف مراكز الاعتقال هذه بعبارات ملطفة مثل “مركز إعادة تأهيل” أو “مركز تدريب مهني”.
وبسبب التنظيم الصارم المفروض على الإنترنت في الصين ، لا تظهر هذه المعسكرات على أي خريطة. وتوجد المخيمات على شكل مربعات فارغة على خدمات الخرائط ، غير مرئية مثل الأشخاص الذين يعيشون بداخلها على مضض.
Examples of masked tiles in Baidu Maps. Each tile shown masks out a large internment camp. pic.twitter.com/l1wdejZTgS
— Adrian Zenz (@adrianzenz) August 27, 2020
لكن النشطاء المتيقظين حاولوا تحديد مكان تلك المعسكرات باستخدام صور الأقمار الصناعية ، والتي كانت المصدر الأساسي لكل التحقيقات . وهذا بالضبط ما فعله معهد السياسة الإستراتيجية الأسترالي بقيادة الباحث ” ناثان روسر”.
وقد نشر المعهد الأسترالي مجموعة بيانات ضخمة تحتوي على العديد من التفاصيل المتعلقة بالمعسكرات . قامت أخبار الآن بتحليل تلك البيانات وهذا ما وجدناه :
يبدو أن جميع أنواع الأراضي في شينجيانغ قد تم تحويلها إلى معسكرات اعتقال : أراض فارغة ، وصحاري ، ومصانع ، ومباني قديمة ، ومشاريع سكنية مهجورة ، ومناطق صناعية ، وحدائق ، وسجون ، وحتى مدارس ومنشآت رياضية.
في الواقع ، من عام 2017 إلى عام 2020 ، زادت معظم المعسكرات فقط في عدد المباني التي تأوي محتجزي الأيغور. وفي الواقع ، فإن معدل ازدياد عدد تلك المباني مذهل للغاية.
دعونا نلقي نظرة على منشأة ” دابانتشينغ” في ” أوروميتشي” على سبيل المثال:
في عام 2017 ، لا يمكننا الجزم بعدد المباني التي كانت الموجودة ، ولكن فجاة في عام 2018 كان هناك 40 مبنى في المعسكر . في العام 2019 ، ارتفع العدد إلى 68 والآن هناك 92 مبنى .
وتشير البيانات الى أن ” دابانتشنغ “هو أكبر معسكر من حيث عدد المباني.
يقع المخيم الأكبر التالي في ” كاشغر ” ويضم إجمالي 55 مبنى. لكن قصة ” كاشغر ” مقلقة أكثر ، لأن هذه المقاطعة فيها أكبر عدد من المعسكرات في أي مكان في شينجيانغ.
ومنطقة ” كاشغر” التي تحوي ما يصل إلى 73 معسكرا ، لا مثيل لها في أي مكان آخر في شينجيانغ .
ويقول الباحث ناثان روسر “يعيش في منطقة ” كاشغر” في شينجيانغ عدد كبير من الإيغور ، وهي أيضا تعتبر المركز الثقافي والديني للإيغور ، كل هذه الأمور تعتبرها الحكومة الصينية بمثابة تهديدات ، وبالتالي ومن وجهة نظر الحكومة المشوهة للمن القومي, تستوجب زيادة في إنشاء مراكز احتجاز من اي مكان آخر” .
يوجد ما لا يقل عن 74 معسكراً ذات مراقبة أمنية مشددة : أبراج المراقبة ، والأسوار الداخلية ، والجدران الخارجية. هذا ما يقرب من 20٪ من جميع معسكرات إعادة التأهيل .
أما البقية فليست فيها كل تلك التفاصيل , ما يثبت أن هذه ليست “معاهد تدريب” ولكنها بالأحرى سجن لإعادة التأهيل القسري للأقلية العرقية الأيغورية.
علاوة على ذلك ، فإن كل منشأة تقع بالقرب من منطقة صناعية. وتشير البيانات إلى أن معظم هذه المعسكرات تقع ضمن دائرة قطرها 10 كيلومترات من منطقة صناعية . ويقع عدد كبير من المخيمات بالقرب من مصنع أو يوجد بداخلها مصانع.
وهذا الأمر يشير الى حقيقة بشعة إذ إن الذين دخلوا الى المعسكر , سينتهي بهم الأمر بطريقة ما بالعمل في مصنع قريب. وفي الواقع ، قام الحزب الشيوعي الصيني ببناء 31 مصنعًا بالقرب من معسكر في ” أتوش” . ولم يتمكن البعض حتى من مغادرة العسكر لأنه تم بناء المصانع داخله .
يعتقد ” روسر” أيضًا أن أولئك الذين تم إطلاق سراحهم من المعسكرات وجدوا أنفسهم تحت أشكال مختلفة من العمل القسري.
أضاف أن لديهم صورًا تظهر “أشخاصًا يصطفون خارج المعسكر للدخول في حافلة ، والحافلة نفسها موجودة في مصنع قريب.
وأشار ” روسر” الى أنه من الصعب ربط كل معسكر بمصنع ، أضاف “لكن يمكننا القول إن هناك حملة منهجية للغاية لبرنامج العمل الجبري في شينجيانغ الذي يعتمد على القوى العاملة التي تخرج من هذه المعسكرات”.
ماذا حدث للمساجد والمواقع الثقافية الأويغورية؟
قال عابيد عباس ، الذي أدلى بشهادته للعالم الأيغوري بهرام سينطاش في عام 2019:
“… لقد وجدت بالصدفة صورة تُظهر محيط المسجد الكبير في مسقط رأسي في ” شيكسو” . ومن الصورة يظهر جليا أنه تم هدمه بالكامل . لم يعد بالإمكان رؤية مآذن المسجد التي كانت مشهورة . لم أصدق عيني ، لذلك واصلت النظر الى الصورة مرارا وتكرارا . كان هناك محلين معروفين بجوار المسجد وقد بقيا كما هما, لكن المسجد نفسه لم يعد موجودا “.
أضاف عباس “إن رؤية صورة كهذه يشبه الشعور الذي ينتاب المرء عندما يفقد أمه ، وهو أمر مأساوي للغاية ، ومؤلم للغاية . هل أقبل أو أرفض هذه الحقيقة التي أراها أمام عينيّ ؟ لم اعد أشعر بنفسي. بكيت وأنا أنظر إلى الصورة “الخالية من المساجد” التي لها تاريخ يمتد لأكثر من مائة عام. ظهر الأمر وكأن المسجد لم يبن من قبل . الآن تم محوه , لم اكن أدرك قيمة هذا المسجد حتى أخذ مني . الإختلاف في الصور كان هائلا . لم أستطع التحكم بنفسي وسقط هاتفي من يدي ”
كاشغر هي أيضًا المقاطعة التي تضم أكبر عدد من المساجد والمواقع الثقافية الأيغورية المدمرة ، والتي تقدر البيانات عددها بـ 255.
ولكن من المهم أن نتذكر أن معهد السياسة الإستراتيجية الأسترالي قد قدر العدد الإجمالي للانتهاكات الدينية بأكثر من 16000 ، ولكن لغرض هذه البيانات تم تحليل حوالي 1000 فقط. وهذا أقل من عُشر العدد الإجمالي . ما يعني أن روح ” كاشغر ” الدينية تضررت أكثر من عشرة أضعاف.
حددت البيانات الوضع الحالي لنحو 955 من تلك المواقع ، التي تشمل مساجد وأماكن دينية أخرى. تم تدمير حوالي 355 منها تمامًا ، و 300 آخرين لم يمسها أحد حتى الآن.
والأمر المؤلم أكثر, هو ما فعله الحزب الشيوعي الصيني بعد تدمير المسجد, لقد شيدوا فوقها مبان ومواقف للسيارات, كما تم تحويل القليل منها إلى أراضٍ زراعية ، وترك البعض الآخر قاحلاً . لقد أختفت المساجد والمزارات وكأنها لم تكن موجودة من قبل.
يوضح الرسم البياني أدناه كيف ارتفع عدد المساجد في شينجيانغ خلال أواخر الثمانينيات ، ثم توقف الأمر بعد ذلك. ولكن في عام 2013 عندما تولى ” شي جينبينغ ” مقاليد الحزب الشيوعي ، بدأ عدد المساجد فجأة في الانخفاض بمعدل سريع . ويُظهر الخط البرتقالي المساجد التي تضررت لكنها لم تدمر بالكامل.
لكن ماذا عن المساجد التي لم تهدم ؟ البعض منها تضرر الى حد كبير, والبعض الآخر تعرض لتغييرات جذرية. دعونا نلقي نظرة على ” مسجد كارجيليك الكبير” الذي يشكل أهمية تاريخية للإيغور وقد تم بناؤه عام 1540.
حرك شريط التمرير للمقارنة بين الصورتين. الصورة الأولى حيث تظهر قبة خضراء تم التقاطها خلال عام 2010 . أما الصورة الثانية فتظهر أنه تمت إعادة بناء المسجد على نطاق أصغر بكثير في عام 2019., وقد أزيلت منه القبة . يشار الى ان معهد السياسة الإستراتيجية الأسترالي هو الذي وفّر هاتين الصورتين.