أخبار الآن | موسكو – روسيا (صحف)
ضمن سياسية تكميم الأفواه التي اشتهرت بها روسيا وخاصة في عصر الرئيس فلاديمير بوتين، تحدث الصحفي العسكري السابق “إيفان سافرونوف” أمام حشود من مؤيديه، بجملة اقتصرت على كلمتين فقط وقال: “لست مذنباً”.
تهمة جاهزة لصقت بـ المراسل الحربي السابق والمستشار لدى وكالة الفضاء الروسية “روسكوسموس”، بنيت على أحداث دراماتيكية، تتمحور عن عملية تجسس قام بها سافرونوف لصالح إحدى دول الناتو، في حين أن الحقيقة التي يؤكدها مناصرو المتهم، أن ذلك لا يعدو أن يكون تهمة ملفقة، لشخص اشتهر بكتابة مقالات جريئة في زمن بوتين، صاحب القبضة الحديدية والتفكير الاستخباراتي في التعاطي مع الأحداث.
وكان جهاز الأمن الوطني في روسيا، ألقى القبض الأسبوع الماضي، على سافرونوف بتهمة الخيانة العظمى لصالح دولة أجنبية، وهي تهمة يمكن أن تزج بالصحفي خلف غياهب السجون مدة تصل إلى عشرين عاماً.
عملية توقيف سافرونوف آثارت غضب الصحفيين في روسيا، حيث تجمع بعضهم أمام مقر الاستخبارات الروسية احتجاجاً على اعتقاله.
الضغوط التي تعرضت لها الحكومة جراء عمليات الاعتقال، والتنديد الواسع بتلك العملية، دفعت أجهزة الأمن لإطلاق سراحه، ولو بشكل مشروط ومؤقت.
كما أفادت منظمة “أو في دي انفو” غير الحكومية بتوقيف عشرين شخصاً معظمهم من الصحافيين على خلفية الاحتجاج على اعتقال سافرونوف.
سيرة ذاتية تكشف أسباب الاعتقال
يصنف الصحفيون في روسيا، إيفان سافرونوف على أنه أحد أفضل الصحافيين في البلاد وخاصة فيما يتعلق بالشؤون العسكرية.
الصحفي المخضرم عمل لحساب الصحيفتين الروسيتين الشهيرتين، “فيدوموستي” و”كوميرسنت” وكتب مقالات محرجة بالنسبة للجيش الروسي في السنوات الأخيرة.
واللافت في السيرة الذاتية للصحفي الحربي، أنه عام 2019، حذفت صحيفة “كوميرسنت” أحد مقالات سافرونوف بعد اتهامات بالكشف عن أسرار دولة، وفُتح تحقيق آنذاك بتهمة “استغلال حرية الصحافة”. بعد ذلك أجبر سافرونوف على الاستقالة من “كوميرسنت” و أصبح لاحقاً مستشاراً لمدير “روسكوسموس”، ديمتري روغوزين.
ومن تقاريره الشهيرة التي أحرجت الجيش الروسي، تقرير نشره عن حادث غواصة سرية في القطب الشمالي، والحريق على متن حاملة الطائرات الروسية الوحيدة، والحرائق أثناء تدريبات عسكرية تمت تحت إشراف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وعن تحطم أول مقاتلة حديثة من طراز “سو-57”.
السيرة الذاتية ربما تكشف بعض الغموض عن اعتقال سافرونوف، وهو الأمر الذي دفع صحيفة “كوميرسنت” للتعليق على عملية الاعتقال، وكتبت في أحد التقارير التي نشرت مؤخرا: ” من الصعب جداً بالنسبة للأشخاص المتهمين بخيانة عظمى أن يخضعوا لتحقيق عادل ومحاكمة شفافة…. الجمهور مُرغم على الاعتماد فقط على تصريحات الأجهزة المختصة، التي يطرح عملها أكثر فأكثر أسئلة كل سنة”.
كما ونشر فريق تحرير صحيفة “كوميرسنت” أيضاً رسالة دعم له مندداً باتهامات “عبثية” بحقه. وأشاد بـ”أحد أفضل الصحافيين في البلاد” واصفاً إياه بأنه “مهني” و”وطني”.
وقبل أيام قلائل حكم على صحافية روسية بدفع غرامة باهظة بتهمة “تبرير الإرهاب” بسبب مقال عن هجوم انتحاري استهدف أجهزة الاستخبارات الروسية، في قضية ندد بها المدافعون عن حقوق الإنسان.
مخاوف
تصاعدت المخاوف بعد اعتقال سافرونوف من تصاعد عمليات الاعتقال ضد الصحفيين وكتاب الرأي العام، بالتزامن مع إحكام بوتين قبضته على الحكم في روسيا بعد أن وقع على التعديلات الدستورية الأخيرة التي تخوله مدة أطول في الحكم.
محللون يرون أن قضية سافرونوف وتبعاتها، ما هي إلا استعراض للقوة من قبل جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، وسط تصاعد في عمليات الاعتقال بتهمة الخيانة والتجسس لدرجة أن تلك التهمة أصبحت جاهزة لكل من يقول لا لبويتن أو حكومته.
موقع الـ “بي بي سي” نقل عن “غريغوري باسكو” وهو صحفي لوحق قضائيا عام 1997 بتهمة الخيانة، بعد أن كتب بشكل مكثف عن الانتهاكات البيئية من قبل البحرية الروسية، وحكم عليه بالسجن مدة أربع سنوات، قوله: “الآن أصبح فلاديمير بوتين في السلطة لمدة 20 عامًا ولا يهتم بما يفكر فيه أي شخص… لا توجد قيود، يمكنهم أن يفعلوا ما يريدون”.
وعلى الرغم من الإصرار الرسمي على أن قضية سافرونوف ليست مرتبطة ببعمله الصحفي، يشك غريغوري باسكو في أنه تم القبض عليه سبب تناوله الكثير من الموضوعات الحساسة، وقال: “إنه بمثابة تحذير للصحفيين بعد دس أنوفهم في مواضيع حساسة”.
أقرأ أيضا: