أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة ( Poynter)
لا مزيد من الخوف ، لا مزيد من الإحراج والخجل ، لا مزيد من الصمت على كل سنوات الإساءة والضعف ـ الصحفية البريطانية “هانا ستورم” نشرت في مقال مطول على موقع بوينتر قصتها عندما دخلت مجال الصحافة لتوثق من خلالها ما تتعرض له النساء في سلك الصحافة عالمياً من تحرش واستغلال .
تبدأ ستورم في حادثة أولى عندما خرجت من المصعد في الطابق الخطأ ، لتمشي في ممرات الفندق الذي تقيم فيه أثناء تغطيتها لمباراة ودية للبرازيل في هايتي ، فقالت:
” أخرج من المصعد في الطابق الخطأ. جميع الممرات في هذا الفندق الدولي العام تبدو مماثلة. الأضواء منخفضة ، الهواء رطب وحار.
لقد أمضيت المساء مع زملائي الصحفيين الذين تمت دعوتهم لمرافقة بطل كأس العالم في البرازيل للعب “مباراة ودية ” في هايتي. سنسافر مع فريق كرة القدم إلى بورت أو برنس في اليوم التالي من جمهورية الدومينيكان ، لكن بالنسبة إلى هذه الليلة أشعر بشيء من التعب . أنا الصحافية الوحيدة ، الأصغر سنا في المجموعة ،بين مجموع الصحفيين الذكور .
عادةً ما أقيم في أمريكا اللاتينية ، وهي منطقة لها فكرها التقليدي المؤطر للمرأة وعملها ، لذا فأنا على دراية بالقول بأن النساء يجب ألا يغطين الرياضة أو الأعمال أو السياسة. أنا على دراية بالحكم على مظهري و على قدراتي. أنا على دراية بالضحك الذي يحدث عندما أدير ظهري، أنا على دراية بكوني امرأة في عالم الرجال.
يتبعني رجل يرتدي زي الرياضيين فجأة ليحاصرني على الحائط قبل أن أدرك ما يحدث. يجرّني إلى زاوية مظلمة ، ابتعد عني وأنا أتعرض للصدمة. أنا متأكدة من أنه أحد لاعبي كرة القدم ، ولكن في الظلام لا أستطيع أن أرى جيداً ولا أحد يسمعني وأنا أستغيث .
بعد الحادثة البشعة كان هناك شخص واحد اعتقدت أنه يمكنني الوثوق به. يعمل مع الفريق بصفة داعم. لكن عندما أخبرته بما حدث ، اقترح أن أظل صامتة .
في تلك اللحظة ، أصبحت صوتًا صامتًا آخر في الإعلام. الآن تظهر الأبحاث ، أن العنف والمضايقات منتشرة ضد الصحفيات ، على الرغم من أن معظم من يختبرنه لا يبلغن عنه.
عندما كنت فتاة صغيرة ، كنت أحلم بأن أكون صحفية ، و في سن العاشرة ، عندما كان آخرون في عمري يلعبون مع دماهم ، كنت أتظاهر بأنني مراسلة أجنبية. منذ سن الـ 14 ، عملت كمتدربة كل صيف. أولاً في وسائل الإعلام الإقليمية ثم الوطنية ، كنت عادة الشخص المبتدئ في غرفة الأخبار ، التي يسيطر عليها الرجال في المناصب العليا.
خلال السنوات القليلة الأولى التي أمضيتها كصحفية ، تعرّضت لسلوك جعلني أشعر بعدم الأمان والخجل. لكنني لم أتحدث عنه أبداً ، لأنني كنت أعتقد أنه جزء لا يتجزأ من التقدم الوظيفي.
لقد شعرت بأنني أرغم على مقابلة الرجال لاحتساء الشراب، وضغطوا علي من أجل الانضمام إلى زملائي الذكور في النوادي لإثبات أنني “واحد من هؤلاء الرجال”، وكانوا يجرونني إلى العلاقات التي اعتقدت أنهم من خلالها يريدون أن يرشدوني، لكن في النهاية كان يتضح أنهم يريدون أن يشبعوا غرائزهم لا أكثر.
كان من الصعب بما فيه الكفاية أن أكون امرأة شابة تعمل في مؤسسة إعلامية في المملكة المتحدة ، لكنني كنت أظن أنني إذا ما أصبحت صحافية مستقلة في الخارج سيتغير واقعي .
“انتقلت إلى أمريكا اللاتينية في عام 2003. هناك ، واجهت التعليقات حول مظهري. في الاجتماعات كنت أتعرض باستمرار للمضايقات ، للتحرش من تحت الطاولة من قبل سياسيين ومدراء تحرير وصحفيين ظنوا أن مراتبهم العالية وشهرتهم تعطيهم الخط الأخضر ليصلوا لأي أنثى يرغبونها .
كنت مراسلة أجنبية مستقلة لأعوام عندما تعرضت لاعتداء من قبل لاعب كرة القدم في الفندق.
كان زميله ، الرجل الذي طلب مني الصمت ، قد اتصل بي في مكالمة مهنية للحديث عن فرصة عمل ذهبية .
رتب لي لمقابلة مدرب منتخب البرازيل بطل كأس العالم ،اقتنصت الفرصة وقبلت بالعرض على الفور. شعرت بسعادة غامرة عندما دعاني المدرب لاحقاً للانضمام إلى مجموعة من الصحفيين الآخرين المسافرين مع المنتخب البرازيلي إلى هايتي.
على الرغم من أن لدي بعض المؤسسات العادية التي عملت بها ، إلا أنني كنت لا أزال مستقلة، لم اكن أعمل لحساب أي أحد ، لم أكن مرتبطة بساعات دوام محددة ـ لهذا لم أخبر أحدًا عن فرصتي القادمة حتى لا أخسرها إذا ما طمع أحد من زملائي بها .
ظللت على اتصال مع هذا المصدر ، على الرغم من نصيحته سيئة النية بأن أحافظ على الهدوء. دعاني إلى مسقط رأسه ، وهي عاصمة أمريكية لاتينية كنت أرغب دائماً في رؤيتها، ووافقت ، لكن حال وصولي إلى المدينة شعرت بأن شيئاً ما مريب يحدث .
كنت حريصة على رؤية المدينة. وكان حريصا على المجيء إلى فندقي. على الفور جعلني أشعر بعدم الارتياح والضعف.
أخبرني أنني لن أكون بأمان كسيدة أجنبية بمفردي في مدينته ، وعرض أن يعتني بي. هذه كانت لعبته ليشعرني بقوته وضعفي ليجرني بعدها لعلاقة خاطئة .
بعد فترة اعترف بأنه كان لديه صديقة ، ولأنه يزعم أنها كانت مشهورة ، كان لا بد أن نظهر معاً على العلن حتى لا تلتقطنا العدسات ، كان يستغلني جنسياً وكنت أشعر بأنني بلا حيلة ، كانت له على الدوام حججه ليبرر أفعاله المشينة بحجة رعايتي وخوفه علي من المدينة الأجنبية التي قال بأنها خطيرة ، شعرت بألم شديد وخجل.
مع قرب نهاية اقامتي في المدينة ، ذهبت معه ومع بعض أصدقائه إلى مطعم في منطقة بعيدة. قضى أحد أصدقائه معظم الوقت يحدق في وجهي. كنت أرغب في مغادرة المطعم ، ولكن بسبب تحذيرات صديقي ، كان لا بد أن أنتظره لإعادتي إلى المنزل بأمان.
توقفنا في شقته في طريق العودة إلى فندقي بحجة أنه يريد إحضار شيء ما ، ولأنه من غير الآمن أن أنتظر في الشارع وحدي ، دعاني للدخول إلى شقته ، وهناك كنت فريسته السهلة .
عدت أخيراً إلى فندقي بعد أن انتهت ليلتي البشعة ، ولم يكن أي ماء يغسل الألم والعار الذي شعرت به.
لقد مرت 13 سنة تقريبا على هذه الحادثة وحتى وقت قريب كنت قد دفنت هذه التجربة في أعماقي ولم أخبر أحداً عنها.
لكن ما حدث في تلك المدينة ، إلى جانب الأحداث في الفندق ، أثر على قدرتي على تكوين علاقات صحية لوقت طويل .
في عام 2010 ، بدأت العمل مع المعهد الدولي للسلامة الإخبارية، في تقديم المشورة وتدريب الصحفيين ليكونوا آمنين في الأماكن الخطرة. لم أقم أبداً بالربط بين خبراتي والعمل الذي كنت أقوم به لدعم الصحفيين الذين كانوا ضعفاء ومهمشين.
لكن عنما اكتسبت حركة #metoo زخما ، كانت هناك أوقات فكرت في أن أصرخ أنا أيضاً .لكنني بقيت مترددة .
على مدى سنوات ،كنت عندما أنصح الأخريات بعدم الصمت والتحدث إذا ما تعرضن لتحرش ، كنت في داخلي أشعر بالخجل ، لأنني أنا نفسي لم أكن قادرة على الافصاح عما تعرضت له ، كنت أخاف من ان يلقى اللوم علي على الرغم من أني كنت ضحية .
ولكن بعد العمل مع مجموعة من الصحفيات في المملكة المتحدة وبتبادل الحديث ، شعرت بالقوة لأخرج عن صمتي ، علّني بهذا أشجع الأخريات على الخروج من ظلام الصمت .
ما كان مفقودا بالنسبة لي في ذلك الوقت لا يزال مفقودا لكثير من النساء في الصحافة. من الأهمية بمكان ما أن تتمكن جميع النساء – وخاصة الأكثر ضعفاً – من العثور على من يعطيهن الثقة للتحدث. إنهن بحاجة إلى معرفة حقوقهمن والعثور على داعمين لتعلوا أصواتهن في وجه المتحرشين
بعد أن تعرضت للاعتداء ، فكرت في ترك الصحافة. لكن هذه مهنة أظل شغوفة بها. إنها واحدة من المجالات التي نتحمل فيها مسؤولية تسليط ضوء على الزوايا المظلمة ، وإعطاء صوت لمن لا صوت لهم .
لكن هذا مستحيل ما لم يشعر الناس من جميع الأجناس بالأمان ، وأولئك الذين تعرضوا للمضايقات أو الاعتداءات عليهم أن يشعروا بالأمان ليتحدثوا دون أن يخافوا من تأثر مستقبلهم الوظيفي
لا يمكننا أن ننجح في إيصال رسالة الإعلام التي تدعو لكشف الحقيقة دوماً ما لم نكشف الحقيقة في صناعتنا نفسها”.
اقرأ أيضأ :
ترامب يرحب “بالاتفاق التجاري الجديد الرائع” مع المكسيك وكندا
ترامب يقول إنه وكيم جونغ أون “وقعا في الحب”