أخبار الآن | دبي – الامارات العربية المتحدة
هل فعلا تتقدم ايران نحو اتجاه إيجابي؟ لماذا تمعن ايران في نشاطاتها المؤذية في عدة مواقع في المنطقة في وقت مضت بتوقيع صفقة تاريخية مع الدول الكبرى؟ من يتحدث باسم ايران ؟ ما هي خلفية زيارات المسؤولين الى ايران الواحد تلو الاخر ؟ وبالتزامن مع هذا الانفتاح الايراني، هل ستكون الدول العربية بمنأى عن هذه الفرصة فيما تغدق ايران بفوائدها الإقتصادية على الدول الأخرى ؟ كيف يمكن لمسار التغيير في إيران ان يؤثر على المنطقة؟
الجواب المختصر على هذه التساؤلات هو ان ايران تخوض غمار مرحلة تقدمية غير مضمونة النتائج على المدى الطويل، اما الاجوبة التفصيلية عن هذه التساؤلات تأتيكم في التحليل التالي :
هل يتعلق الامر حصرا ببرنامج ايران النووي ؟ سؤال محير في الاغلب. من المؤكد ان الاتفاقية الشاملة للبرنامج النووي الايراني تتعلق ببرنامجها النووي و لكن لا يمثل صفقة فعلية بين ايران و الدول الغربية. و مع ذلك فان هذا الإتفاق يمثل فرصة نادرة لايران للتعاطي بمسؤولية اكبر في كل ناحية من نواحي برنامجها النووي باتجاه الامن الاقليمي.
ماذا لو كانت ايران تخادع ؟ الاتفاقية الشاملة للبرنامج النووي الايراني هي نتاج سنوات من الدبلوماسية المضنية التي خطتها الدول الخمس الكبرى مع ادارة الرئيس روحاني الإصلاحية . و هناك عدة اسباب تدفع للإعتقاد بأن الرئيس روحاني و وزير خارجيته محمد ظريف قد شاركا باخلاص في حركة دبلوماسية و على اعلى مستوى لإساتبدال سياسة المواجهة بالدبلوماسية البناءة . و على حد قول احد الدبلوماسيين العرب " ان الاتفاقية الشاملة للاتفاق النووي الايراني اظهرت قدرة ايران على التغير".
هل يحكم روحاني السيطرة على كل المفاصل في ايران؟ ان القيادة الايرانية غير متجانسة، هناك اصلاحيون بقيادة روحاني و هناك المتشددون و هم االمسؤولون الى حد كبير عن تراجع ايران و استخدام مواردها في قمع شعبها و الحاق الضرر و الأذى بالعديد من دول المنطقة, و اكثر من يتبادر الى الاذهان في هذا الإطار هو الحرس الثوري الايراني و فيلق القدس اللذان يحتلان مقدمة المتشددين في ايران.
أي نوع من الشرعية يمتلكها روحاني؟ نعم، ان القيادة الايرانية غير متجانسة غير ان ما يميز روحاني و فريقه هو صفته الشرعية .و في اطار الصراع المستمر بين الاصلاحيين و المتشددين الايرانيين فان فريق روحاني يمتلك ميزة قوية، الشعب الايراني يطمح للتغيير و قد منحوا ثقتهم لروحاني لانجاز هذا التغيير المنشود.
ماذا سيجني المواطنون العاديون في ايران من ذلك؟ الكثير، نعم ان التحسن الاقتصادي سيأخذ وقتا لينعكس على مستوى معيشة الشعب. و لكن بالفعل بدأت ايران بعملية التطبيع، فقد بدأ الكثير من مواطنيها يرون تحسنا ملحوظا من التجارة الى السياحة. خارج ايران بدأ الطلاب الايرانيون يشعرون بمعاملة افضل. و ايضا, بدأ العلماء الايرانيون بنشر اعمالهم في الصحف الدولية…. المنظمات النسائية بدأت تستعيد نشاطها. و اضف الى ذلك فان الصحافة بدأت تتجرع حرية اكبر بقليل . و الجانب الاكثر ايجابية في ذلك هو ان القوى التقدمية في ايران بدأت تستعيد ثقتها داخل المجتمع الايراني.
ماذا لو عززت عملية التغيير من نفوذ المتشديين؟ مع او من دون عملية التغيير, هناك احتمال بان تؤدي عملية التغيير الى المزيد من نفوذ المتشددين داخل ايران و هذا الشي هو الذي يجعل روحاني يسعى للحصول على دعم الدول المجاورة و دول العالم بحيث لا يسمح للمتشددين بالسيطرة على القرار داخل ايران من جديد. مع العلم انه و عبر السنوات السابقة فان عزلة ايران لم تكن نافعة في اضعاف قوة المتشددين فيها . لا بل بالعكس , فان عزلة ايران قد مكنت المتشديين فيها من بناء نفوذ اقتصادي و سياسي و عسكري . اي شئ يمكن ان يغير في هذا الواقع الحالي فانه سيكون ايجابيا كمشاركة الاصلاحيين في عملية تغييرهم المشودة .
هل ايران قادرة على ان تصبح شريكا اعتياديا؟؟ سيعتمد ذلك على أمرين مهمين: كيف ستتصرف ايران خلال السنوات المقبلة و كيف ستدعم الدول المجاورة الإصلاحيين في ايران. عامة الناس و صناع القرار ليسوا بساذجين، هم يراقبون النشاطات اللااخلاقية للمتشددين الايرانيين من سوريا الى العراق بالاضافة الى البحرين و اليمن. و بنفس الوقت فان المشاكل في المنطقة ترخي بثقلها و تعقيداتها . فالقتال ضد داعش مثلا و الرغبة في الحد من اعتماد الإقتصاد الكبير على النفط يمكن التعامل معهما بشكل افضل بمشاركة الاصلاحيين كبديل عن مسار المواجهة الذي تنتهجه ايران في الوقت الراهن, وهذا بحد ذاته يعتبر فرصة للحد من المشاكل الاقليمية التي تسبب بها المتشددون .
ما نوع المشاركة الايجابية الممكنة ؟؟ هناك العديد من سبل التعاون و المشاركة لمساعدة ايران في ان تتحول الى دولة اعتيادية في المنطقة و تتصرف بمسؤولية اكبر. في مقدمة ذلك تاتي التجارة و التعاون الاقتصادي. فمستوى التجارة الايرانية مع جيرانها متدن جدا, و اذا ما حدث اي تغييرفي ذلك فان الفائدة ستطال الطرفين فالسياحة و الثقافة و العلوم كقنوات تعاون مفيدة لكلا الطرفين . بالإضافة الى القضايا الدولية العالقة الكبرى كالبيئة و الاتجار بالبشر, ما سينعكس بفائدة كبيرة اذا ما تحققت المشاركة الشراكة البناءة.
هل يمكن للامور ان تتخذ منعطفا سلبيا؟؟ نعم يمكن، اذا صدرت تصريحات سلبية من قبل ايران او الدول الكبرى ، واذا لم تمتثل ايران لاتفاقها، و اذا تم منع مفتشي الوكالة الدولية من ممارسة اعمالهم، فكل هذاه الافعال قد تؤدي الى انتكاسات من شأنها ادراج ايران في نفس مكانة كوريا الشمالية، ستكون ضربة قاضية للاصلاحيين الايرانيين وللناخبين الذين اوصلوهم الى السلطة.
كم سيستغرق ذلك من الوقت ؟ هو مسار طويل وتدريجي اما أفق تنفيذه قد يمتد على سنوات من 10 الى 15 الى 25 عاما و باختصار هي مرحلة تقدمية في ايران و ستحتاج لسنوات عديدة لتتضح نتائجها. النتيجة النهائية ستعتمد على المزيد من الخطوات الايجابية من قبل الاصلاحيين الايرانيين و على الدعم الذي سيحصلون عليه من شركائهم الاقليميين.
للمزيد : #إيران_في_المرحلة_التقدمية