أخبار الآن | ريف دمشق – سوريا – (طارق خوام)
تعاني الغوطة الشرقية من أزمة أصبحت أحد الأسباب الرئيسية في انتشار عدد كبير من الأوبئة والأمراض بين الناس، حيث تعتبر مشكلة "تصريف القمامة والنفايات" أحدى أبرز المعضلات التي تواجه أهالي الغوطة الشرقية في ظل انعدام الوسائل التي تساعد في الحد منها جراء سياسة الحصار التي يفرضها جيش وميليشيات النظام على الغوطة منذ أكثر من عامين.
ويؤكد الطبيب "أحمد", أحد أعضاء المكتب الطبي في الغوطة الشرقية أن النفايات والقمامة التي تحرق لها دور أساسي في الإصابة بالأمراض المزمنة مثل (السرطان، وفشل الكبد، وأمراض الجهاز التنفسي، والتحجر الرئوي، وفقر الدم، والإصابة)، فيما تؤثر عملية الحرق العشوائي للنفايات على صحة الإنسان، وفي جودة الهواء، حيث تظهر أمراض مختلفة ناجمة عن تراكم النفايات كـ"الملاريا، والأمراض الجلدية، والسعال، والاضطرابات في الجهاز التنفسي".
ويضيف لـ"أخبار الآن": "كما ينجم عن تراكم النفايات في الطرقات العديد من الأمراض منها "الإسهالات، واللاشمانيا، والأمراض التنفسية، ولاسيما التهاب القصبات المزمن، وأمراض العيون التي تنتقل عن طريق الحشرات".
ويسعى المجلس المحلي في الغوطة الشرقية إلى جمع القمامة، ورميها في أماكن بعيدة عن السكن, لكن ارتفاع أسعار الوقود يعيق إزالة القمامة يومياً، بسبب قلة الدعم، والموارد المالية، والإمكانيات.
يقول أبو حمزة، أحد أعضاء المجلس المحلي في الغوطة الشرقية، لـ"أخبار الآن": "نسعى جاهدين لإزالة القمامة من الشوارع، وإبعادها عن الأماكن المكتظة بالمدنيين, ولكن تبقى إمكانياتنا محدودة، بسبب قلة الوسائل المساعدة وغلاء المحروقات, ومع ذلك نحن مستمرون في عملنا رغم كل شيء, مقابل رضا الناس وإعادة الغوطة إلى بهائها وجمالها".
يقول أحد المدنيين: "في الغوطة كل يوم يمر علينا أسوأ من اليوم الذي قبله, ولكن المشكلة الصعبة التي بدأنا نعاني منها, هي تفشي بعض الأمراض والأوبئة بسبب تراكم النفايات على الأرصفة و الطرقات"، مشيراً إلى أنه وقبل الحصار على مدن وبلدات الغوطة، كانت سيارة القمامة التابعة للبلدية تأتي يومياً لإفراغ الحاويات من قمامتها, وقد تعطلت السيارة مرات عدة بسبب الاشتباكات قصف جيش النظام للغوطة, لكن سرعان ما كان يقوم أحد العمال بإصلاحها وتعود السيارة إلى عملها كالسابق، حيث كان عمال النظافة يجمعون النفايات في السيارة، ثم ينقلونها إلى بعض المزارع البعيدة عن المناطق السكنية, ويقومون بحرقها بعيداً حتى لا تؤذي الناس برائحتها الكريهة".
وأضاف: "أما الآن, وللأسف فقد امتلأت الحاويات بالقمامة، وأصبحت الشوارع والأرصفة مكبَّاً آخر لها أصبحت رائحتها في كل مكان, ولم تعد رائحة الغوطة جميلة كما كانت, حتى منظرها البديع لم يعد كما كان, فقد أصبحت أكياس النفايات تملأ كل حي من أحيائها".
بدوره، يقول "أبو ماهر", الذي كان يقطن بالقرب من أحد مكبات القمامة: "منزلي كان قريباً من مكب للقمامة، ولم يكن يضايقني هذا الأمر لأن سيارة البلدية كانت تأتي كل صباح لنقل القمامة, أما الآن بعد أن تعطلت السيارة عن عملها أصبحت أكياس القمامة تتراكم فوق بعضها ورائحتها بدأت تعشعش في منزلي, وأصبحت تسبب أمراضا لأطفالي الصغار, ما جعلني أنتقل من منزلي إلى منزل آخر".
ويضيف: "الكثير من الكلاب المسعورة التي كنا لا نراها ولا نسمع أصواتها في أرجاء الحي إلا بعد منتصف الليل, أصبحت الآن تنتشر في وضح النهار من كثرة القمامة، والتي لازالت تتكاثر يوما بعد يوم, وهذا الموضوع خطر للغاية, فقد أصبحت النفايات مرتعا للحشرات والقوارض، وهي ناقلة للمرض، إضافة إلى الإزعاج والروائح الكريهة الناتجة عن التخمر والتعفن وتحلل النفايات الصلبة، ولاسيما النفايات العضوية، إضافة إلى انتشار الحيوانات الضالة والشاردة، وما تسببه من إزعاجات أو هجوم ونقل للأمراض والعدوى, أيضاً تصل مخاطر النفايات إلى التربة والمياه الجوفية والسطحية والهواء مع احتمال نشوب الحريق وانتشاره، خاصة أن عمليات التخمر تنتج حرارة مع لجوء البعض إلى حرق النفايات للتخلص منها ما ينشر دخاناً لأن النفايات عادة بطيئة الاحتراق بسبب الرطوبة الموجودة فيها".
وأنهى بالقول: "يجب على المجلس المحلي تدارك هذا الأمر بسرعة، ويجب على المدنيين التعاون لإيجاد حل لهذه الظاهرة، فقد أصبح كل شخص يقوم بحرق النفايات القريبة من منزله مما يزيد المشكلة أكثر، لأن الدخان الذي ينتج عن حرق النفايات ضار جداً بالصحة وفي الطبيعة".