"رجل خمسيني يجلس على كرسي خشبي بمدخل أحد المحلات ويدور برأسة يمنيا ويسارا وكأنه يبحث عن شخصه بعينه، وما هي إلا دقائق، حيث يصل شخص، ويتبادلان أطراف الحديث والنقود في حركة سريعة" هذا مشهد غير مفهوم لكثيرين، لكنه اعتيادي بالنسبة لمهاجرين سنغاليين يعيشون في الدار البيضاء، وخاصة المقيمين بشكل غير قانوني، حيث يلجأون إلى خدمات حلاق من نفس جنسيتهم، يدعى رشيد نداو، لإرسال أموالهم إلى السنغال، بدلا من شركات تحويل الأموال، حسب ما عاينه مراسل "الأناضول".
أبراهام مودي، بائع متجول، يرافقه مراسل الأناضول، خلال زيارته لمحل نداو، وما أن وصل إلى الرجل، حتى ألقى عليه التحية وتبعها مباشرة طلب إرسال مبلغ مالي إلى أسرته في داكار،سأله الحلاق عن الشخص الذي سيستلم المبلغ ومكان اقامته مفصلا، وهو ما رد عليه مودي سريعا، قبل أن يقول نداو: "سوف أتسلم منك الأموال هنا وسأتصل بشريكي في دكار ليسلم قريبك المبلغ، لكن نأخذ 100 درهم (11 دولار أمريكي عن كل 1800 درهم (207 دولار أمريكي)" وحسب مراسل الأناضول، أنهى الطرفان الاتفاق قبل أن يخرج نداو دفترا صغيرا من جيبه ويكتب فيه شيئا ثم يعيده إلى جيبه مرة أخرى.
وقال مودي لوكالة "الأناضول" إنه يلجأ إلى "الحلاق"، مثله مثل المئات من السنغاليين نظرا لوضعيتهم غير القانونية بالمغرب أسطا طراوري، شابة سينغالية، تعمل كمربية أطفال لدى أسرة مغربية بالدار البيضاء، قصدت محل الحلاقة ذاته، وقالت لـ"الأناضول" إنها "اعتادت أن ترسل، بين الفينة والأخرى، مبالغ مالية إلى عائلتها بالسنغال عن طريق هذا الشخص"، ورغم عدم توافر أي ضمانات قانونية لالتزام نداو باتفاقهما، قالت طراوري إنها "واثقة تماما في هذا الشخص، وسبق لها أن أرسلت عبره مبالغ تجاوزت عشرة آلاف درهم (حوالي 1300 دولار)"، وأضافت أن ما يجعلها تختار هذه الطريقة لإرسال الأموال عوضا عن الوكالات المختصة في ذلك، هو الفرق في التكلفة بين الطريقتين، الذي قد يصل إلى خمسين درهم (نحو 6 دولارات) عن كل ألف درهم (115 دولارا).