دبي, الامارات العربية المتحدة, 25 مارس 2014, ايلاف –
حاول عدد من النقاد العراقيين والمتابعين لبرنامج (The Voice) قراءة أداء المطرب العراقي كاظم الساهر أثناء تواجده في حلقات البرنامج كأحد مدربيه، وخلصت غالبيتهم الى أنه قلق ومرتبك ولا يتعامل بعفوية ولا يريد خسارة معجباته.
تباينت قراءات وتفسيرات سلوك الفنان كاظم الساهر أثناء ظهوره ضمن مجموعة المدربين في برنامج (The Voice) ، فهناك يرى أنه يتحامل على نفسه في اظهار صورة مغايرة عن حقيقته، ويحاول قدر الامكان أن يتميّز عن الآخرين بأن لا يبدو عفوياً، ويرى آخرون أن سلوكه صحيح كونه كان يترقب بحرص ما يقدمه المتسابقون كي لا ينحاز لأحد ، فيما رأى البعض أنه يفعل ذلك كي لا يخرج عن الصورة التي رسمها له معجبوه وبالاخص معجباته فيريد أن يظل بنظرهن جاداً و (ثقيلاً) .
فقد اكد الناقد الدكتور محمد أبو خضير أن الساهر إنساق الى ثقافة التقاليد العربية المتمثلة بالمكان الذي يجتمع فيه الرجال (المضيف)، فقال: من خلال برنامح (The Voice) وعبر حلقاته السابقة يمكن قراءة اداء الشخصية العراقية ممثلة بالفنان الساهر، فهو مثال للشخصية التي تفرط بكل خصوصيتها الذاتية من أجل ثقافة المجموع سواء من خلال إنتقاء الكلام ولغة الجسد، وطريقة الجلوس، فالذات العراقية تظل في موضع التوتر لإستشعارها بأنها مراقبة من (آخر) حاضر أو غائب، مما يفوت فرص الاداء الذاتي والحرية الشخصية في أبسط مقوماتها، وهي الكلام، لتبدو هذه الذات وهي منحنية للاخر وتمحو كل خصوصيتها، وهو ما خضع له الفنان الساهر الذي ظل متوترًا ومتشنجاً ومتقنعاً طوال حلقات البرنامج، ومبرر ذلك هو أوهام ثقافة المجموع ممثلة بكونه صاحب لقب( قيصر / فحل شرقي / مثال جنسي/ عراقي اصيل )، وهو ما حتم عليه ان يبدو في موضع ( الرصانة / الثقل العراقي / اكثر اتزانًا من الاخرين / اكثر هماً ) وهي سمات فرط عبرها بحريته ومارس عليها عنفاً ذاتياً قامعًا لنفسه من أن تكون على سجيتها، فكان مختاراً لـ (عنف رمزي )، والذي يعرفه عالم الاجتماع (بورديو) بأنه (يتمثل في الضغط أو القسر أو التأثير الذي تمارسه الدولة أو المجتمع على الافراد أو الجماعات بالتواطؤ منهم ). وأضاف: برامج مثل تلفزيون الواقع أو البرامج التفاعلية وجدت للكشف عن الذات والتعامل بحرية واسعة للذات، وهي بالحتم غير ثقافة ( المضيف) التي تؤكد على الكلام وحدوده وعلى عكس اعضاء اللجنة، بدا الساهر ماحيًا لكل ذاتية، فكانت (شيرين) في اقصى درجات التلقائية والشفافية ومن خلال رقصها وايماءاتها وتواضعها كما في استقبالها لـ (العراقي) عامر توفيق ليكون لها أبًا (بابا عامر) معبرة عن كامل ذاتيتها وكذلك (عاصي) و (صابر) في مزاحهما الثنائي وكأنهما في بيتيهما أو في جلسة خاصة، وهم بذلك اقرب الى فهم الواقع الصوري ومدركين للعبة الميديوية، في وقت انشغل الساهر بالتحذلق اللفظي.
ورغم مكوثه لاكثر من عشرين سنة في محافل فنية وثقافية متنوعة ومنفتحة، الا انه يظل في صراع لم تتخلص منه الشخصية العراقية كونها (خائفة من الحرية) . أما الموسيقار سامي نسيم فوجد أن الساهر كان قلقًا لأسباب حقيقية ، وقال: شعرت أن الفنان المبدع كاظم الساهر يترقب بحرص وخوف شديدين لمشاركة العراقيين في البرنامج كونهم أبناء بلده، و كبر المسؤولية الملقاة على عاتقه، والمتخصصون يتابعون بذات الطريقة التي ينتهجها، وعدم عفوية الساهر بمحلها، ولكن كان إداؤه كمدرب مرتبكًا، وغير متقن في مواضع كثيرة، و شعر الجميع بذلك وحتى بعض إختياراته للأغاني والطبقات كان غير موفق، وأدى ذلك لخروج من هم محترفون ويستحقون الإستمرار لفترة أطول مبكراً.. و أظن أن الفنان كاظم الساهر قلق لهذه الأسباب حصراً.وأضاف: أما من ناحية أن بقية المدربين يتعاملون مع المتسابقين العراقيين بمحبة زائدة هو لا يحرك ساكناً، هذا لأنه يريد أن يرى أبناء بلده كباراً بنظر الآخرين حتى لا يحسب أنه يتحيز لهم دون سواهم، و مجاملة الساهر لا تنفع في الفن كون الفن فيه الموهبة والأداء والمران هو السند الأكبر للمتقدمين للتنافس، وبالنسبة لي شخصيًا غير راضٍ عن أداء البعض منهم أو أكثرهم ينقصهم الركوز و السيطرة على الأنفعال.
وتحدث لنا استاذ في كلية ابن رشد / جامعة بغداد ، عن ذلك قائلاً : يبدو الفنان كاظم الساهر شخصية حذرة في تعاملها في البرنامج، فهو يتصرف وفق جوانب عدة اولها تعامله الجدي مع المواهب، وحرصه على تقمص دور الحكم بما لا ينعكس سلباً على المشاركين، وهو بذلك يعوض الصعوبات التي تلقاها عندما كان طالبًا في معهد الفنون الجميلة، و صرامة اساتذته تجاهه، فضلاً عمّا مرّ به من نقد في برنامج اصوات شابة الذي كان يعرض في تلفزيون بغداد.وأضاف: الأمر الآخر أن كاظم الساهر يبدو حريصاً على عدم الإخلال بصورته في الخيال الجمعي العربي بوصفه فناناً ملتزماً وهي صفة لازمته، و قادت الى اطلاق لقب القيصر عليه، وهو ما يعتبره الساهر مدعاة للفخر والإتزان، إن العارف لشخصية كاظم الساهر سيدرك أنه لا يتصنع في البرنامج بالقدر الذي يحرص على أن يكون حذراً وعادلاً وموضوعياً وهو أمر ينال إعجاب جمهوره و لاسيما من النساء، فكارزيما الرجل المهيب مازالت تستحضرها المرأة العربية، وهو ليس عيبًا، ربما يعتقد منتقدوه أنه يتصنع ذلك لكن الرجل الذي لم يمثل إلا في مسلسل (المسافر) وقرر بعدها ترك التمثيل لا يحظى بكاريزما العاشق ذي المحيا الباسم، بل بصورة العاشق الحزين، وهو نتاج موضوعي للساهر العراقي نتاج سلالات الحروب والحصار وإن هرب من ذلك الى شخصية أخرى.اما الفنان فاضل عباس فقال: في كل مرة يخرج الساهر في فضاء تلفازي مبرمج ..لا يعطينا فسحة مريحة للتطابق معه …للتجانس .. ثمة شعور طاغٍ يأخذنا أنه متكلف مراعٍ للمحيط بما لايستوجب هذه الحساسية المفرطة في إطلاق الإشارة ..لفظاً أو إيماءة …وبالتالي هو يكرر نفسه ..أو يؤكد كليشيه حاضرة يتلبسها .. فتختنق النكتة في حنجرته .. و يموت حس الفكاهة ..و ليس للمفارقة وسرعة البديهة مكان في حديثه، ولهذا بتقديري المتواضع ..نحن لانقدر على التماهي معه .