كييف، أوكرانيا، 27 نوفمبر 2014، وكالات –
تولى ارسيني ياتسينيوك الموالي لاوروبا الحكم في اوكرانيا بعد مصادقة البرلمان بالاجماع على توليه رئيساً لحكومة الوحدة الوطنية الانتقالية.
وفي خطابه أمام البرلمان أوضح للنواب أن الخزينة العامة أصبحت فارغة بسبب سرقة كل شيء بحسب قوله وأن الدين العام للدولة بات 75 مليار دولار، وأشار الى أن الهدف الأساسي في المرحلة الحالية هو إعادة الاستقرار إلى البلاد .
وتابع ان “البطالة تسارعت كثيرا وكذلك هجرة الاستثمارات. لا حل اخر لدينا الا اتخاذ اجراءات لن تلقى شعبية من بينها تقليص البرامج الاجتماعية والمساعدات والحد من نفقات الميزانية”.
وتشهد اوكرانيا وضعا ماليا خطيرا اذ اعلن وزير ماليتها الموقت انها بحاجة الى 35 مليار دولار على عامين. وقد اعلنت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد ان الصندوق تسلم اليوم من كييف طلبا رسميا للمساعدة بعد تعيين رئيس وزراء جديد، وانه على “استعداد للاستجابة” لهذا الطلب.
وقالت لاغارد في بيان ان “السلطات الاوكرانية ابلغتني اليوم بطلبها للحصول على مساعدة صندوق النقد الدولي. نحن على استعداد للاستجابة له”، معلنة ارسال بعثة الى اوكرانيا “في الايام المقبلة”.
كما تحدث ياتسينيوك عن الوضع في جمهورية القرم التي تتمتع بحكم ذاتي جنوب اوكرانيا حيث هاجم مسلحون موالون لروسيا مبنى البرلمان. وقال ان وحدة اراضينا مهددة، نحن نشاهد بوادر انفصالية في القرم اقول للروس لا تواجهونا، فنحن اصدقاء وشركاء”.
وشبه جزيرة القرم التي تسكنها غالبية من الناطقين بالروسية في جنوب اوكرانيا، كانت جزءا من روسيا في اطار الاتحاد السوفياتي، قبل ان يتم الحاقها باوكرانيا عام 1954. وهي ما تزال تأوي الاسطول الروسي في البحر الاسود في منطقتها التاريخية، في مدينة سيباستوبول المرفئية.
وسيطر عشرات المسلحين باكرا صباح الخميس على مقري الحكومة والبرلمان في سيمفروبول في شبه جزيرة القرم الناطقة بالروسية في جنوب اوكرانيا ورفعوا فوقهما العلم الروسي مانعين الموظفين من الوصول الى المباني.
وقال النائب سيرغي كونيتسين رئيس الوزراء السابق في القرم والعضو في حزب فيتالي كليتشكو بطل العالم السابق في الملاكمة ان المسلحين “مدربون تدريبا جيدا ومجهزون ببنادق دقيقة ولديهم ذخائر تكفي لشهر كامل”، موضحا للبرلمان انه قضى الليل على الهاتف مع اقربائه في القرم.
وردت سلطات كييف الجديدة بحدة على التطورات الجديدة في جنوب البلاد. فقد حذر الرئيس الاوكراني الانتقالي اولكسندر تورتشينوف روسيا من اي محاولة لتحريك اسطولها المتمركز في مدينة سيباستوبول المجاورة.
وقال في البرلمان خلال جلسة كان من المقرر اساسا ان تخصص لتثبيت حكومة جديدة “اتوجه الى قادة اسطول البحر الاسود: على جميع العسكريين ان يلزموا المواقع المحددة في الاتفاقيات. ان اي تحركات لقوات مسلحة سيعتبر عدوانا عسكريا”.
من جهته، اعلن وزير الداخلية في الحكومة الانتقالية الاوكرانية ارسين افاكوف وضع مجمل قوات الشرطة ومن بينها القوات الخاصة في حال استنفار لتفادي وقوع “حمام دم بين السكان المدنيين” و”تطور الوضع الى مواجهات مسلحة”.
الا ان روسيا اكدت احترامها الاتفاقات الموقعة مع اوكرانيا حول الاسطول الروسي في البحر الاسود. ونقلت وكالات الانباء الروسية عن المكتب الاعلامي لوزارة الخارجية الروسية انه “في ما يتعلق بالتصريحات المتصلة بانتهاكات روسيا لاتفاقات حول الاسطول في البحر الاسود، نعلن ان الاسطول الروسي في البحر الاسود يطبق في الوقت الحالي الصعب تطبيقا صارما الاتفاقات ذات الصلة”.
واضاف ان “تحرك بعض قطع اسطول البحر الاسود جرى وفق الاتفاقات ولم يكن يحتاج الى اي موافقة”.
وعاد الرئيس السابق الذي توارى تماما عن الانظار منذ اقالته في البرلمان السبت والمطلوب في اوكرانيا بتهمة ارتكاب جرائم “قتل جماعي”، الى الظهور الخميس في روسيا ليطلب من موسكو حمايته في وجه “المتطرفين”. واعلنت موسكو استجابتها لهذا الطلب.
وقال يانوكوفيتش في تصريح “الى الشعب الاوكراني” نقلته وكالات الانباء الروسية “ما زلت اعتبر نفسي الرئيس الشرعي للدولة الاوكرانية”.
وتابع “للاسف كل ما يجري حاليا في برلمان اوكرانيا غير شرعي” مشددا على غياب العديد من نواب حزب المناطق الذي يترأسه عن البرلمان.
وقال “ارى نفسي مرغما على ان اطلب من سلطات روسيا الاتحادية ضمان حمايتي الشخصية في وجه الاعمال التي ينفذها متطرفون” مضيفا “نشهد في شوارع العديد من مدن بلادنا انفلاتا للتطرف وثمة تهديدات جسدية موجهة الي شخصيا والى انصاري”.
واضاف “بات واضحا ان الشعب في جنوب شرق (البلاد) وفي القرم لا يقبل بالفراغ في السلطة وبالاوضاع الاعتباطية المسيطرة في البلاد، حين تقوم الحشود بتعيين الوزراء في الساحات العامة”.
وتشكل هذه الاحداث تصعيدا جديدا في التوتر القائم بين سلطات كييف الجديدة المؤيدة للغرب والعناصر الموالية لروسيا في اوكرانيا.
ووجه وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي الخميس تحذيرا معتبرا ان ما يجري في القرم “لعبة بالغة الخطورة”.
وستواجه السلطات الجديدة مهمة جسيمة تقضي بمنع اوكرانيا من الافلاس واحتواء الاتجاهات الانفصالية المتصاعدة في جنوب وشرق البلاد حيث يشعر قسم كبير من السكان انه اقرب الى موسكو منه الى كييف.
وعرضت الولايات المتحدة سعيا لدعم السلطات الاوكرانية الجديدة ان تقدم ضمانة بقيمة مليار دولار في اطار قرض قد تمنحه هيئات مالية دولية لهذا البلد.