دبي، 17 فبراير 2014، نهاد الجريري و بهار أحمديان، أخبار الآن –
خلال الأيام القليلة الماضية، خرج الإيرانيون في تظاهرتين فيهما من التناقض ما يعكس سياسة النظام تجاه الداخل والخارج على حد سواء.
بالكاد انتهى الإيرانيون من احتفالات الذكرى الـ35 لثورة الخميني عام 1979، حتى خرجوا مرة أخرى في تظاهرة كان مردها إلى ثورة أخرى هي الثورة الدستورية التي وقعت بدايات القرن الماضي 1905-1907.
ماذا حدث؟
تبث مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، هيئة البث الوحيدة الموجودة في إيران، مسلسلاً تاريخياً اسمه (الأرض العتيقة) أو (سرزمين كوهان). المسلسل وبحسب الشهادات الواردة ممن تابعوه يصور الإيرانيين من قبائل بختياري على أنهم لعبوا دوراً سلبياً في تاريخ إيران. في مشهد واحد على الأقل، تم تناقله في الأخبار الواردة من طهران، تمت الإشارة إلى البختياريين على أنهم كانوا “في خدمة الإنجليز؛” أي أنهم كانوا خونة.
“أكلت يوم أكل الثور الأبيض”
ستون عضوا في البرلمان قدموا عريضة احتجاج ضد التلفزيون الرسمي، مطالبين بمحاسبة منتجي المسلسل وإقالة مسؤولي التلفزيون.
وفي مدن محافظة خوزستان، جنوب غرب إيران، خرجت تظاهرات تؤيد البختياريين؛ وتطالب كذلك بإقالة ضرغامي، مدير عام مؤسسة الإذاعة والتلفزيون. لكن الأهم أن التظاهرات حذرت من التطاول على الإثنيات في إيران.
*المصدر: موقعglobalvoicesonline.org
أبرز التظاهرات كانت في مدن دزفول، إيذه، أنديمشك، والأهواز ذات الأغلبية العربية.
http://www.youtube.com/watch?v=NSZmHHUsrdA
*المصدر: قناة Freedom Messenger على يوتيوب
المتظاهرون كسروا نوافذ البنوك والبنايات الحكومية. ووردت أخبار على تويتر أن محتجين أحرقوا على الأقل محطة وقود واحدة.
قوات الأمن الإيرانية تدخلت لتطويق التظاهرات وإغلاق الشوارع لمنع انتقالها من مكان إلى آخر.
معلقون على تويتر قالوا إن الحكومة “تفاجأت” بالاحتجاجات.
القناة الثالثة في التلفزيون الإيراني كانت استقبت الاحتجاجات ببث موسيقى بختيارية في محاولة لتهدئة الأجواء.
من هم قبيلة بختياري؟
البختياريون فخذ من قبائل ألـ(لُور) ويسكنون المحافظات الجنوبية الغربية من إيران: مثل خوزستان، لورستان، إصفهان، وبوشهر. نسبة بسيطة منهم لا تزال تعيش أسلوب البداوة.
لا توجد أرقام مؤكدة حول أعداد قبيلة بختياري لكن قبائل اللور تناهز الـ 9 ملايين نسمة.
الترجمة الحرفية لـ (بختياري) في الفارسية هي (صاحب الحظ). وربما رجعت هذه التسمية إلى قدرة هذه القبيلة على تخطي الصعاب أثناء ترحالها صيفاً وشتاءً بحسب إملاءات حياة البداوة التي عاشتها.
وعُرف عن البختياريين أنهم لعبوا دوراً هاماً فيما يُعرف بالثورة الدستورية عامي 1905 و 1907 التي أسقطت محمد علي شاه قاجار. ولمع نجمهم ونفوذهم في إيران حتى عهد رضا شاه بهلوي الذي حجّمهم وقتل منهم زعماء في محاولة للاستحواذ على النفط الذي يتركز في مناطقهم.
ومن أشهر البختياريين الملكة ثريا، زوجة محمد رضا بهلوي، ابن الشاه رضا.
إيران والإثنيات: بيت من زجاج
تتنوع الإثنيات في إيران وتتركز على الأطراف. بالإضافة إلى الإثنية الفارسية، الأغلبية، هناك الأذرية، الكردية، اللورية، العربية، التركمانية، الغيلاكية، التبارية، البلوتشية، والتاليشية.
بموازاة هذا، إيران فيها تنوع ديني ومذهبي. فيها الشيعة والسنة والمسيحية واليهودية والمجوس وغيرهم؛ بالإضافة إلى المجموعات الفرعية.
اللافت في التوتر الذي ساد المحافظات الجنوبية احتجاجاً على “الأرض العتيقة” هو أن البختياريين لم يكونوا وحدهم من “انتفض” لما شعر بأنه إهانة في مشهد تلفزيوني؛ العرب أيضا شاركوهم ذلك؛ وربما إثنيات أخرى لم يصل صداهها إلى الإعلام. العرب أيضاً يشعرون بالإهانة كلما مُنعوا في الدوائر الرسمية من تسجيل مواليدهم بأسماء عربية؛ وكلما عانوا من ضعف الخدمات وترديها في مدنهم التي تنتج نفطاً لإيران كلها.
هذا التوتر الإثني يظهر حالة القلق التي تميز الفسيفساء البشرية في إيران. فهذا بلد لديه مشاكل داخلية متأصلة في صلب النسيج الديمغرافي. فقط لو أن إيران تتوقف عن التدخل في شؤون دول أخرى من سوريا إلى البحرين، لحظي حكام طهران بالطاقة والجَلَد للتعاطي مع شؤون بلدهم. فالأقربون أولى بالمعروف.