روسيا تسعى لضم 4 مناطق أوكرانية
- المناطق الأوكرانية تمثل 20% من الأراضي الأوكرانية
في الوقت الذي تتطور فيه الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، على خلفية سعي موسكو لضم 4 مناطق أوكرانية، في قرار يستعد مجلس الأمن الدولي لإدانته رسميًا، استحضر الرئيس الأوكراني في خطاب له؛ الإمام شامل، أسطورة القوقاز المناهضة لروسيا، والذي كان يحظى باحترام كبير حتى من قبل أعدائه لشجاعته في مقاومة الاحتلال الروسي في وقته.
استحضار زيلينسكي للإمام شامل، جاء في الوقت الذي كان يخاطب فيه شعب منطقة القوقاز متعددة الأعراق في روسيا.
واتهم زيلينسكي روسيا بجلب الموت والتعذيب والاغتصاب والدمار، قائلا: “يمكن وقف ما يحدث، لكن ينبغي على المواطنين “النهوض والقتال”.
كما امتدح الرئيس الأوكراني المقاومة في روسيا للعملية التي يقوم بها الكرملين للتعبئة الجزئية لجنود الاحتياط بالجيش.
وقال زيلينسكي إن 58 ألف روسي قتلوا في أوكرانيا.
وأضاف أن العديد من الجنود الروس سيرسلون إلى القتال دون شارات أو وثائق حتى لا يتم التعرف عليهم ونصح أولئك الذين تم استدعاؤهم بوشم أسمائهم على أجسادهم حتى يمكن إعادة جثثهم إلى أقاربهم.
الرئيس الأوكراني مخاطبا شعب القوقاز مستحضرا مسيرة الإمام شامل
لكن.. من هو الإمام شامل؟
الإمام شامل هو أحد أشهر المقاومين للوجود الروسي في القوقاز، كما كان قائدًا سياسيًّا ودينيًّا، قاد المقاومة ضدَّ الروس خلال حروب القوقاز، وهو ثالث أئمة الشيشان وداغستان من عام 1834م إلى عام 1859م. ولُقبَ بأسد القفقاس وصقر الجبال.
نشأة الإمام شامل
وُلد الإمام شامل في قرية غيمري في داغستان عام 1797م، وهو آفاري الأصل. كان اسمه في الأصل علي، وأُطلق عليه اسم شامل حسب العادة القوقازية؛ باعتباره كان كثيرَ المرض، وتغيير الاسم كان لإبعادِ الأرواح الشريرة؛ فلقِب بشامل.
وحسب بعض الروايات التاريخية، فقد تميَّز الإمام شامل، بلبس أبيض وأسود مع معطف فضفاض، أمَّا رايته فكانت سوداء اللون.
درس العربية والفلسفة والفقه والأدب العربي، على يد أستاذه جمال الدين وتعمق في الصوفية.
وما زالت ذكرى الإمام شامل تعيش في وجدان وذاكرة الداغساتانيين، فلا يخلو مكان من صوره، ويُسَمُّون كثيرًا من أبنائهم باسمه تيمُّنًا به حتى اليوم؛ فهم يعتبرونه بطلاً قوميًّا خاض محاولة بَدَتْ مستحيلة لوقف الزحف الروسي على أراضي مسلمي القوقاز.
ولم يُولَد محمد شامل لأسرة معدمة فقيرة؛ حتى يُفَسِّر البعض قتاله من أجل الحرية بأنه قتال الفقراء ضدَّ الأغنياء؛ فقد كان ملايين الفلاحين الروس يُعانون في نهاية القرن الثامن عشر الميلادي في روسيا من استعباد الإقطاعيين لهم؛ بينما كان علي بن دينغو والد الإمام شامل فلاحًا من الأحرار، أمَّا أُمُّه فهي ابنة سيد الآفار.
ويجمع الباحثون في سيرة الإمام شامل على عبقريته العسكرية، التي استخدمها في محاربة الإمبراطورية الروسية على امتداد 25 عاما خلال القرن 19.
بينما تمكنت روسيا من غزو الشيشان وداغستان في سلسلة من الغزوات الدموية، كان لدى الروس احترام كبير لشامل. حيث أعرب القيصر ألكسندر الثاني ملك روسيا علانية عن إعجابه بمقاومته، وبالتالي في الجزء الأخير من حياته، سمحت السلطات الروسية لشامل بالحج.
مكافأة مقابل رأس الإمام شامل
رصدت روسيا 45 ألف روبل للإيقاع بالإمام شامل، وهو ما دفع شامل لكتابة خطاب إلى الجنرال الروسي على خط المواجهة، يقول فيه: “كم كانت سعادتي حين علمت أن رأسي تساوي هذا الثمن الضخم، ولكنك لن تكون سعيدًا حينما أُخبرك أنَّ رأسك بل رأس القيصر ذاته لا تُساوي لديَّ كوبيكًا واحدًا (الروبل يساوي 100 كوبيك)”.
بداية السقوط
أوكلت مهمَّة الإيقاع بالإمام شامل إلى الجنرال الشاب أليكساندر إيفانوفيتش بارياتنسكي في وقت كان فيه قد تخطَّى شامل من عمره الستين، وعكف بارياتنسكي على دراسة الجغرافيا العسكرية لمعارك الإمام شامل، وخَلُص إلى أنَّ أهمَّ الانتصارات التي حَقَّقها لم تكن في أرض مفتوحة؛ بل حينما كان يحتمي بالغابة والجبل.
ضغط بارياتنسكي على قوات شامل حتى لجأ الأخير إلى الاحتماء بالغابات، وهنا سخَّر فرقة عسكرية بأكملها لقطع أشجار الغابات، وبعمل دءوب، وبجنود حملوا الفئوس بدلًا من السلاح أزال بارياتنسكي مساحات واسعة من غابات داغستان والشيشان، وذلك على طول الطرق بين القلاع والحصون الروسية.
فشل جيش شامل في مهاجمة القلاع الروسية، التي صارت أكثر حذرًا تحت أعين بارياتنسكي الساهرة، وزحفت قوات بارياتنسكي على المناطق الخاضعة لشامل، واستمال الروس عشرات القبائل التي أنهكتها الحرب، وبدأت في لوم شامل على ما أصابهم من فقر وتشرُّد.
استسلام الإمام شامل
في خطأ قاتل، ركن الإمام شامل إلى توقع الهجوم الروسي من مصدر محدَّد في وقتٍ تمسَّك الروس فيه بسِرِّيَّة المعلومات، وحركوا جزءًا من جيشهم أوهم شامل أنهم ما زالوا في منتصف الطريق، بينما انقضُّوا عليه من اتجاه آخر بحرب خاطفة، وخدعوا الرجل الذي كان بارعًا في هذا النوع من الهجوم، وحدث ما كان متوَقَّعًا فقد أُسِرَ الإمام شامل، وتمَّ نقله في رحلة طويلة إلى موسكو في موكب بدا وكأنه استعراض عسكري بالبطل الذي سقط أخيرًا، وطالب المحاربون القدامى على طول الطريق من ستافربول إلى موسكو بأن يتحدثوا إلى ذلك العدوّ المهيب.