في الثامن عشر من مايو 2022، تقدمت كل من السويد وفنلندا بطلبين رسميين للإنضمام الى حلف الشمال الأطلسي “الناتو” في المقر العام للمنظمة في العاصمة البلجيكية بروكسيل، وذلك عبر سفيريهما لدى “الناتو”، لتنتهي بتلك الخطوة سياسة الحياد العسكري التي انتهجتها كل من السويد وفنلندا لعقود.
- بعد تقديم طلب الإنضمام إلى الناتو السويد تكشف لأخبار الآن عن خطر روسي محتمل
- تأييد سويدي واسع لخطوة الإنضمام الحكومة لحماية السويد من أي خطر عسكري روسي
- تسعى الحكومة السويدية لتذليل كل العقبات التي تحول دون إنضمامها السريع للناتو
- النائب توبياس أندرسون في لقاء خاص مع أخبار الآن: التهديد الروسي للسويد موجود دائماً
- أندرسون: من المحتمل أن تقوم روسيا بعمليات تخريب وعلينا أن نتحضّر لأيّ سيناريو محتمل
في سعيها للإنضمام إلى حف شمال الأطلسي تكسر السويد سياسة الحياد مع روسيا والتي انتهجتها عل مدى عقود
تلك الخطوة يصفها متابعون بالجريئة لاسيّما بالنسبة لستوكهلم التي انتهجت خيار الحياد العسكري منذ العام 1949، وبقيت طوال فترة الحرب الباردة التي شهدت الكثير من الأخذ والرد بين المعسكرين الأمريكي والسوفياتي.
السويد خرقت اليوم ذلك القرار التاريخي في السياسة الخارجية والدفاعية للدولة على وقع الحرب الروسية على أوكرانيا، التي خلطت الأوراق ودفعت العديد من دول “عدم الإنحياز” لأي معسكر، إلى معاودة التفكير بحسابات مرتبطة بالجهوزية العسكرية والأمن القومي والإستقرار، لاسيّما الدول الإسكندنافية التي يراها مراقبون واقعة بين مطرقة روسيا وسندان دول الغرب.
يعود ملف انضمام السويد إلى حلف “الناتو” لعقود إلى الوراء، إذ يُعتبر ذلك الخيار مطلب الحزب الليبرالي السويدي المعارض منذ أكثر من عشرين عاماً، إلى جانب الأحزاب اليمينية في البلاد، إلّا أنّه لطالما كان موضع رفض لدى الحزب الإجتماعي الديمقراطي الحاكم في البلاد، وكل من حزب الخضر السويدي وحزب اليسار بالإضافة إلى القوميين السويديين الديمقراطيين، الذين اعتبروا أنّ سياسة عدم الإنحياز كفيلة لحماية البلاد من أيّ عدوان، وبالتالي يشهد ذلك الملف انقساماً تاريخياً بين اليمين السويدي واليسار.
عام 2013 أفاد حلف الناتو بأنّ روسيا قامت بمحاكاة هجوم نووي على السويد العام 2012، ما رفع أصوات الأحزاب والقوى المطالبة بالإنضمام إلى الناتو، وبدَّل إستطلاعات الرأي الشعبية لصالح الإنضمام.
واليوم على وقع الحرب الروسية على أوكرانيا، تبدلت تدريجياً مواقف الأحزاب المعارضة للإنضمام، وهي الحاكمة. وفي أبريل العام 2022، على وقع المحادثات بين وزراء خارجية الدول الأعضاء للحلف مع ممثلين عن السويد وفنلندا، تبدّل قرار الحكومة السويدية التي يقودها الحزب الإجتماعي الديمقراطي، والتي أعلنت رئيستها ماجدالينا أندرسون قبل يومين من تقديم السويد طلب الإنتساب الرسمي للناتو، أنّ “هناك أغلبية واسعة في برلمان السويد مؤيّدة للإنضمام لحلف الشمال الإطلسي”، وذلك بعد تبدل مواقف معظم الأحزاب لاسيّما الحزب الحاكم.
في ذلك السياق، أجرت “أخبار الآن” لقاءً خاصاً مع النائب في البرلمان السويدي عن حزب ديمقراطيي السويد المشارك في الحكم والناطق الرسمي باسم منظمة الشباب السويدي الديمقراطي، “Tobias Andersson” توبياس أندرسون، لاستضاح موقف السويد لاسيّما على وقع المخاوف من ردود الفعل الروسية على ذلك القرار، الذي نسف سنوات من عدم الانحياز، ووضع البلاد في حقبة جديدة عسكرية ودفاعية.
تجدر الإشارة إلى أنّ السويد كانت دعمت أوكرانيا عسكرياً بقيمة 1.4 مليار كرونة سويدي، أي ما يساوي 141 مليون دولار أميريكي، كناية عن أسلحة دفاعية وعسكرية ومبلغ من المال في فبراير الماضي لدعم مقاومتها للغزو الروسي.
“الحرب الروسية على أوكرانيا سبب رئيسي في خطوة الإنضمام للناتو”
النائب السويدي أكّد لـ”أخبار الآن” أنّ الغزو الروسي على أوكرانيا هو السبب الرئيسي لانضمام بلاده إلى حلف الناتو، قائلاً: “غزو روسيا لأوكرانيا كان السبب الأوّل، لكن ما حدث بعد ذلك عندما بدأت فنلندا تتحدث عن تقديم طلب الانضمام إلى الناتو، وأنا أعتقد أنّ تلك الخطوة بحدّ ذاتها هي من تبعات الهجوم على أوكرانيا، شكّلت سبباً إضافياً للسويد لتنضم إلى الناتو. لطالما كان هناك تعاون عسكري بيننا وبين فنلندا والحزب الديمقراطي الذي أنتمي إليه، لم يكن يرغب بتقديم طلب الإنضمام إلى الناتو قبل أن تقوم فنلندا بذلك، إذًا ذلك كلّه هو ما دفع بالسياسيين السويدين لتقديم طلب الإنضمام إلى الناتو الآن”.
وأكّد أندرسون المخاوف السويدية من عدوان روسي أو حرب روسية محتملة على السويد، إذ قال إنّ “التهديد كانت تواجهه السويد قبل اتخاذ ذلك القرار، فقد كان هناك تحليق للطائرات الحربية الروسية في سماء السويد، وتمّ تداول شائعات عن وجود غواصات روسية في المياه الإقليمية السويدية”.
وأضاف: “التهديد الروسي للسويد موجود دائماً وتاريخه قديم، فقد حصلت حروب بين بلدينا لكنّني لا أرى أيّ تهديد عسكري واضح تجاه السويد اليوم، ومن المحتمل حصول عمليات تخريب أو ما شابه في ما يتعلق بالكهرباء أو الماء إذا ما قرّرت مهاجمة السويد، لكن لا أنا ولا المسؤول العسكري السويدي نستشعر بوجود تهديد مباشر كناية عن هجوم”.
مشاهدة الأوكرانيين يقاتلون بشراسة والتقدم الذي يحرزونه، هو درس كبير للسويد وغيرها من الدول
توبياس أندرسون
وتحدّث أندرسون لـ”أخبار الآن” عن الدروس التي تستخلصها بلاده من الحرب الروسية على أوكرانيا، مؤكّداً أنّ “تقوية الجيش أمر مهم جدّاً إلّا انّه لا يكفي إنْ لم يترافق مع تدريب المدنيين حول سبل المقاومة، إذ أوضح قائلاً: “يجب على المدنيين أن يعرفوا كيف يتصرفون في حال وقعت الحرب، وكيف يخزنون الطعام وأين يختبئون، وإلى أين يلتجئون، كلّ تلك الأمور المدنية الضرورية يجب تدريب السويديين عليها من جديد”.
وأضاف أنّ “مشاهدة الأوكرانيين يقاتلون بشراسة والتقدم الذي يحرزونه، هو درس كبير للسويد وغيرها من الدول، إذ يجب أن يكون لدينا ذلك النوع من الإستعدادات إذا ما تعرّضت السويد لهجوم مماثل”.
هل السويد حاهزة لصدّ أيّ هجوم روسي محتمل؟
سألنا أندرسون عن التجهيزات العسكرية في السويد لردّ أيّ هجوم روسي محتمل، لاسيما وأنّه اعتبر أنّ تلك المخاوف لطالما كانت موجودة في بلاده بصرف النظر عن قرار الإنضمام. وفي السياق أوضح أنّ “كلّ الأحزاب في البرلمان اليوم تريد رفع ميزانية الدولة العسكرية بنسبة 2 % لتتطابق وشروط حلف الناتو، وقال: “ذلك ما سيحدث وذلك ما ندفع باتجاهه وقد بدأ الإستثمار بالفعل”.
وحول المدّة المتوقعة لانضمام السويد إلى حلف الناتو، قال النائب السويدي لـ “أخبار الآن”: “عادة تلك العملية تستغرق عدة سنوات لتكتمل لكنّ حلف الناتو قالت إنّه مستعد لتسريع العملية، إذ بعد تقديم الطلب قد تستغرق العملية بضعة أشهر، لكن في البداية أن نجد حلّاً لاعتراض تركيا على العضوية”.
على أوروبا التنبه لخطر روسيا والصين معاً
في الختام، وجّه النائب توبياس أندرسون نداءً عبر “أخبار الآن” للحكومات في أوروبا والعالم، مفاده التنبّه لما تقوم به “روسيا والصين اللتان يستثمران منذ مدّة بكثرة في اوروبا في محاولة للحصول على مزيد من التأثير وعلى المزيد من النفوذ السياسي والاقتصادي”.
وأضاف “علينا أن نعلم أنّ التأثير الروسي و الصيني لن يكون جيّداً، وندرك أنّ ذلك من المحتمل أن يشكل تهديداً وقد يحدّ من الإستثمارات في المستقبل”، متابعاً أنّ “الصين تراقب ما تفعله روسيا وتتعلم منها، والصين وروسيا تستثمران منذ مدة بكثرة في أوروبا في محاولة للحصول على مزيد من التأثير وعلى المزيد من النفوذ السياسي والاقتصادي”.
وأردف قائلاً: “علينا أن نحاول أن نستثمر أكثر في أوروبا، وأن نقوم بأعمال تجارية أكثر مع أوروبا بدل الإعتماد على المنتجات الصينية”، آملاً أن “يكون هناك تغيير نحو نظام تحالف غربي أقوى يكون بديلاً عن الإعتماد على روسيا والصين، وأن تصبح أوروبا أقوى في قيمها وتعاونها، وأن ندرك أنّنا لدينا الكثير من القواسم المشتركة بيننا وبين حلفائنا الأوروبيين كأوكرانيا حتى، وإنْ كانت ليست عضواً في الإتحاد الأوروبي، فذلك ليس مهمّاً فهم إخوتنا في الإنسانية، وقد جعلتنا ندرك مدى التهديد الروسي والصيني”.
شاهدوا أيضاً: نائبة فنلندية تشرح لأخبار الآن أسباب تقدم بلادها بطلب رسمي للإنضمام للناتو