جمهورية مولدوفا هي دولة أوروبية ذات نظام جمهوري، تقع شرق أوروبا وبين كلّ من أوكرانيا و‌رومانيا. مع انطلاق الغزو الروسي، وجدت تلك الدولة نفسها على خط المواجهة في أزمة اللاجئين، وبعد أيّام من الهجوم، طلبت عضوية الإتحاد الأوروبي.

تقول رئيسة وزراء مولدوفا ناتاليا غافريليتسا، في تصريح صحافي، إنّ بلادها تقع في منطقة معقدة فيها قضايا أمنية عدة، بعضها يتعلق بمولدوفا أيضاً كقضية ترانسنيستريا والمنطقة الانفصالية، مضيفةً: “لكننا حالياً لا نشهد أيّ خطر ممتد إلى منطقة ترانسنيستريا، ونحن مستمرون بالإلتزام بالصيغ التفاوضية، ومولدوفا بلد محايد. حيادها مكرس في الدستور ونتوقع من الجميع التصرف وفقاً لهذا المبدأ”.

نحن لسنا ببلد كبير ولا نملك جيشاً كبيراً جدّاً وجيشنا ليس متطوّراً كما لا يملك تجهيزات متطوّرة

نائب رئيس وزراء مولدوفا نيكو بوبيسكو

أخبار الآن” سألت نائب رئيسة الوزراء ووزير الخارجية والتكامل الأوروبي نيكو بوبيسكو، عن كيفية استعداد مولدوفا فيما لو لم يتوقف الغزو الروسي عند حدود أوكرانيا، فقال: “لقد تحضّرنا على غرار أيّ بلد آخر يتحضّر لاستنكار أيّ اعتداء عليه، ونحن لسنا ببلد كبير ولا نملك جيشاً كبيراً جدّاً وجيشنا ليس متطوّراً كما لا يملك تجهيزات متطوّرة”.

وأضاف: “نحن مرغمون على الإستعداد للسلسلة كاملة من السيناريوهات، لكننا بالطبع لا نقوم بتكهنات وتوقّعات، ولا يمكننا أن نتحدث علناً عن تلك السيناريوهات، لكن ما يسعني قوله لك اليوم بعد مضي تلك الفترة، هو أنّنا كنّا نستعد لتدفق محتمل للاجئين، وكنا نعدّ الطرق الديبلوماسية المناسبة لمعالجة أيّ أزمة إقليمية محتملة منذ بضعة أشهر قبل اندلاع الحرب، وبالتالي لدينا بروتوكولات معدّة مسبقاً، وطبعاً لقد تمكنتم من مشاهدة استجابة دولتنا لتدفق اللاجئين، يمكننا القول إنّ استجابتنا كانت ذات تنظيم عالي المستوى، وهي تؤمن للاجئين وجوداً وعبوراً آمنين وكريمين، وتلك الإستجابة لم تحصل بين ليلة وضحاها إذ كنّا نتحضّر لها من خلال إعداد المواد والموظفين”.

الجارة الأضعف لأوكرانيا.. مولدوفا تخشى أن تكون الهدف القادم لروسيا

وتابع: “لكن ينطبق ذلك أيضاً على الأمور الأخرى التي نخطط لها، لكن إنْ نظرتم إلى مساحة بلدنا وتاريخنا القريب ووضعنا الإقتصادي، يمكنكم بسهولة أن تستخلصوا أنّنا الجار الأضعف لأوكرانيا، وأنّ وضعنا معقد حتماً على كلّ الجبهات الممكنة، وأنّ الوضع الحالي يحدّ من قدرتنا على المحافظة على ذلك الهدوء والإستقرار النسبيين، لكنّنا نبذل قصارى جهدنا ونتمنى أن يستقر الوضع في أوكرانيا، وأن تتمّ العودة إلى التفاعل السلمي وإلى الحلول التي تثمر عنها مفاوضات، لكن بطبيعة الحال إنْ لم يتم تأمين ذلك الإستقرار سيكون الوضع مأساوياً أولاً بالنسبة إلى أوكرانيا ولكن أيضاً لمولدوفا”.

أيّ مستقبل تواجهه أوروبا فيما لو ربح بوتين الحرب في أوكرانيا؟

وردّاً على سؤال حول ما لو ربح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحرب ف أوكرانيا، وأيّ مستقبل ستواجهه أوروبا في تلك الحالة، قال بوبيسكو لـ”أخبار الآن“: “أعتقد أنّنا كقارة بغض النظر عن محصّلة تلك الحرب، موجودون حالياً في موقع مأساوي جدّاً… فمجرد اندلاع تلك الحرب واستمرارها، يعيدنا إلى الخلف عقوداً وعقوداً على مستوى تفاعل الدول الأوروبية مع بعضها البعض”.

إنّنا الجار الأضعف لأوكرانيا ووضعنا معقد حتماً على كلّ الجبهات الممكنة

نائب رئيس وزراء مولدوفا نيكو بوبيسكو

وتابع: “ما حصل مأساوي بما يكفي، وسنشعر بتداعياته لمدّة طويلة جدّاً، لن تكون مجرّد سنوات بل عقود. وتلك التداعيات ستكون سلبية للغاية بالنسبة إلى أوكرانيا ومولدوفا وروسيا وبولندا وسلوفاكيا ورومانيا وهنغاريا وكلّ دولة أوروبية. هكذا يمكننا اعتبار الأحداث السابقة مفجعة بما يكفي، لكن كلّما انتهت بوقت أسرع كلما تضاءلت فترة التعافي”.

وشدّد بوبيسكو على وجوب أن تصبّ معظم الجهود في تلك النقطة، “لكن ما يظهره تاريخ تلك المنطقة من العالم هو أنّ مطالب الشعب تعدّ مهمة، وقد شرحت كيفية تطوّر المجتمع المولدوفي على نحو سليم بالنظر إلى السعي لتغيير الحكومة عبر الانتخابات حتى قبل تفجّر الأزمة الحالية في محاولة للحؤول دون تفاقم الإنقسامات”.

وختم بوبيسكو: “كما أظن أنّه من الواضح أنّ الشعب الأوكراني بأغلبيته الساحقة يريد أن تكون أوكرانيا دولة مستقلة ودولة أوروبية قوية، وذلك المطلب لا يمكن لأحد أن يتغاضى عنه، وبالتالي أودّ أن أقول إنّ ما حدث حتى اليوم يعتبر مأساة بحد ذاتها، لكن بناءً على معرفتي بتاريخ تلك المنطقة الجغرافية، أعتقد أنّ الشعب بالإجمال بما فيه الشعب الأوكراني يعرف تماماً ما يريده وسينال مطلبه في نهاية المطاف”.

الجارة الأضعف لأوكرانيا.. مولدوفا تخشى أن تكون الهدف القادم لروسيا

لمحة تاريخية

بعد حلّ الإتحاد السوفيتي، تصاعدت التوترات بين مولدوفا وأراضي ترانسنيستريا الإنفصالية إلى صراع عسكري بدأ في مارس العام 1992، وانتهى بوقف إطلاق النار في يوليو من العام نفسه. وكجزء من ذلك الإتفاق، تشرف لجنة مراقبة مشتركة ثلاثية الأطراف (روسيا ومولدوفا وترانسنيستريا، على الترتيبات الأمنية في المنطقة منزوعة السلاح، والتي تضمّ عشرين منطقة على جانبي نهر دنيستر.

على الرغم من استمرار وقف إطلاق النار، مازال الوضع السياسي للإقليم دون حل، إلّا أنّ ترانسنيستريا التي تقع في الشريط الضيق بين نهر دنيستر وحدود أوكرانيا، هي جمهورية شبه رئاسية غير معترف بها، لكنّها مستقلة بحكم الواقع ولها حكومتها وبرلمانها وجيشها وشرطتها ونظامها البريدي والعملة وتسجيل المركبات، وقد اعتمدت سلطاتها دستوراً وعلماً ونشيداً وطنياً.

بموجب اتفاقية العام 2005 بين مولدوفا وأوكرانيا، يجب أن تكون كل شركات ترانسنيستريا التي تسعى لتصدير البضائع عبر الحدود الأوكرانية مسجلة لدى السلطات المولدوفية. تمّ تنفيذ ذلك الإتفاق بعد دخول بعثة المساعدة الحدودية للإتحاد الأوروبي إلى مولدوفا وأوكرانيا حيّز التنفيذ في العام 2005. كما أنّ معظم الترانسنيستريين يحملون الجنسية المولدوفية، لكن العديد من الترانسنيستريين يحملون الجنسية الروسية والأوكرانية أيضاً.

ترانسنيستريا وأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية ووأرتساخ (مرتفعات قرة باغ)، هي مناطق “نزاع مجمّد” بعد الإتحاد السوفيتي.

شاهدوا أيضاً: مفتي أوكرانيا يدعو لمساندة بلاده والوقوف بوجه بوتين