في اليوم العاشر من الغزو الروسي لأوكرانيا، تقدمت القوات الروسية داخل البلاد أوكرانيا وقد دار قتال عنيف حول العاصمة كييف، فيما تواجه عمليات إجلاء المواطنين صعوبة بسبب استمرار القصف الروسي.
وقد قالت بعثة مراقبة تابعة لمكتب مفوض الأمّم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، إنّه تأكّد من مقتل 351 مدنياً على الأقل في أوكرانيا منذ غزو القوات الروسية في 24 فبراير شباط، فضلاً عن إصابة 707 آخرين، على الرغم من أنّ الأعداد الحقيقية ربما تكون “أعلى بكثير”.
وقالت البعثة إنّ غالبية القتلى والمصابين بين المدنيين سقطوا نتيجة استخدام أسلحة تفجيرية ذات تأثير واسع النطاق، ويتضمن ذلك القصف بالمدفعية الثقيلة وأنظمة إطلاق الصواريخ متعددة الفوهات وبالقذائف الصاروخية والضربات الجوية.
ووصفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الوضع في ماريوبول بأنّه “مفجع”، حيث أرجئت عملية إجلاء السكان، داعية الأطراف إلى حماية المدنيين في أوكرانيا. وقالت اللجنة في بيان: “نحن نعلم أنّ عمليات إجلاء السكان عبر ممر آمن من ماريوبول وفولنوفاخا لن تبدأ اليوم، ونواصل العمل مع الأطراف بشأن المرور الآمن للمدنيين من المدن المختلفة المتأثرة بالنزاع”.
موفد “أخبار الآن” إلى أوكرانيا هارالد دورنبس: أيّ جسم يتحرك على الشارع في كييف يتعرّض للخطر خصوصاً أنّ الناس يعتبرونه جاسوساً لروسيا
وأفاد موفد “أخبار الآن” إلى أوكرانيا هارالد دورنبس بأنّه حجم الدمار كبير في مدينة كييف حيث تنتشر الحواجز بكثرة، فالسكان يخشون دخول الدبابات الروسية إلى المدينة، حيث لا يمكن التصوير، فذلك مستحيل في الوقت الراهن لأنّه في حال سار أيّ كان على الطريق، يعامل على أنّه جاسوس روسي، وبالتالي تلاحقه الشرطة التي تقوم بالتحقّق من أوراقه وربّما اعتقاله. الناس غادرت كييف وهم خائفون من الحرب، ولا يصدّقون ما يحدث لهم، إنّه وضع غريب ومخيف”.
وشدّد موفد “أخبار الآن” على أنّ “الوضع الإنساني ليس جيداً، لكن مازال يوجد ما يكفي من الغذاء لأنّ كييف ليست محاصرة من قبل الروس من كلّ الجهات، إنّما فقط من الجهة الشمالية، لذا ما زال من الممكن إيصال المواد الغذائية إلى العاصمة من بعض المناطق الأوكرانية، فالمتاجر لا تزال مفتوحة والسوبرماركت يوجد فيها مواد غذائية وبضائع، لكن أعتقد أنّها مسألة وقت فقط، لكنّ كلّما طالت الحرب كلّما قلّت كمية الغذاء التي يمكن الحصول عليها، فذلك الموضوع بالطبع سيشكل مشكلة”.
مليون لاجىء في أسبوع واحد
وعن كيفية التنقل من منطقة إلى أخرى في ظلّ الوضع الأمني المتردّي، قال: “نحن نستعمل سيارة للتنقل مع العلم أنّ بعض وسائل النقل العامة ما زالت تعمل، وقد تفاجأت عندما رأيت باصاً في الطريق على الرغم من القصف وأصوات الإنذارات بحصول غارات جوية، وعندها تسمع أصوات الصراخ في المدينة، تلك تكون إشارة على احتمال حدوث قصف، فيتوجه السكان إلى الملاجىء، وتلك الملاجىء تكون في غالب الأحيان محطّات المترو في كييف تحت الأرض، وإحدى المحطات قد يصل عمقها إلى مئة متر، وهي أعمق محطة في العالم ومناسبة جدّاً للوضع الحالي. كما أنّ السكان ما زالوا يتنقلون بالمترو لأنّه آمن. إذاً يمكنك التنقل بالسيارة وسترى الحواجز كما أخبرتك وسترى الناس يحفرون الخنادق بالمجارف في الحدائق العامة، إنّهم يتخذون كلّ المواقف الدفاعية لوقف التوغل الروسي المحتمل في المدينة”.
موفد أخبار الآن إلى أوكرانيا هارالد دورنبس: الأوكرانيون لن يهربوا خصوصاً الرجال لا يفكرون بالهروب، بل يضعون أسرهم في أماكن آمنة ويعودون للدفاع عن بلدهم
وتابع: “في أوّل أسبوع من الحرب غادر أوكرانيا مليون أوكراني، وبالتالي أصبح يوجد مليون لاجىء، لكن هؤلاء بالدرجة الأولى كانوا من النساء والأولاد، فالرجال قاموا بايصال النساء إلى أماكن آمنة وعادوا بالسيارات ذاتها إلى كييف أو إلى الصفوف الأمامية، وتسلّحوا مع العلم أنّ أسلحتهم ليست متطوّرة، فعلى نقاط التفتيش أرى العديد من الرجال يحملون بنادق صيد للدفاع عن قراهم، هناك الكثير الكثير من نقاط التفتيش والمتاريس على الطرقات، لذلك سيكون صعباً جدّاً على الجيش الروسي التقدّم لأنّ كلّ الرجال باقون ومستعدون للقتال حتى النهاية”.
وعن الصعوبة التي يواجهها الأوكرانيون في مغادرة أماكن الخطر، قال هارالد إنّه “من الصعب جدّاً المغادرة بشكل سلس لأنّه أوّلاً لا يوجد عدد كافٍ من السيارات أو القطارات أو وسائل نقل، وفي المقابل أعداد الناس كبيرة جدّاً، فالوضع صعب جدّاً على الناس… إنّ أوكرانيا هي من أكبر البلدان الأوروبية بعد روسيا، فعدد سكانها يساوي عدد سكان الإمارات المتحدة والسعودية معاً، ويبلغ 43 مليون نسمة، ومن حيث المساحة هي أكبر من فرنسا، إذاً بلد كبير جدّاً وعدد سكانه كبير أيضاً، لقد غادر مليون شخص في الأسبوع الأوّل، وإذاً تذكرنا كارثة اللاجئين السوريين في أوروبا العام 2015، كنا نتحدث حينها عن نزوح مليون شخص على مدى سنة كاملة، أمّا الآن فقد وصلنا إلى المليون في أسبوع واحد، مليون اوكراني نزحوا إلى البلدان المجاورة”.
وأضاف: “ما رأيته هنا هو أنّه مازال هناك عدد كبير من السكان في طريقهم إلى الحدود، مئات الآلاف أو ملاييين الأشخاص، بينهن النساء والأولاد، يحاولون الوصول إلى البلدان المجاورة كبولندا أو هنغاريا”.
تظاهرات في عواصم أوروبية رفضاً لحرب بوتين
تجدر الإشارة إلى أنّ الآلاف يتظاهرون في شوارع المدن الأووربية الكبرى، للمطالبة بوقف الحرب والتنديد بالغزو الروسي. فمن باريس إلى لندن وروما وزوريخ وغيرها من الدول، نزل آلاف المتظاهرين إلى الشوارع المدن الأوروبية الكبرى تحت شعار “السلام الآن”. وقد طالب المتظاهرون الذين حملوا لافتات “أوقفوا الحرب”و “السلام”، رافعين الأعلام الأوكرانية، بوقف فوري لإطلاق النار وإجراء مفاوضات ديبلوماسية وانسحاب القوات الروسية.