لا تتوقف مأساة اللاجئين الروهينغا في مخيّم كوكس بازار في بنغلادش، فهم وفقَ المعنى الحقيقي للكلمة، يتأرجحون بين “الغريق والحريق”.
- معاناة اللاجئين الروهينغا في مخيم كوكس بازار في بنغلادش مستمرة والمجتمع الدولي يواصل الصمت
- الحريق الذي شبّ مؤخراً أسفر عن تدمير ما لا يقل عن 1000 مأوى وتشريد أكثر من 3500 شخص
- اللاجئون الروهينغا في كوكس بازار يطالبون العالم بالإلتفات إلى معاناتهم وتقديم المساعدة العاجلة لهم
آخر الحوادث التي طرأت على المخيّم حريق أسفر عن احتراق وتدمير ما لا يقل عن نحو 1000 مأوى بين خيمة وملجأ، بالإضافة إلى تشريد 3500 شخص. مراسل “أخبار الآن” في المخيّم جال هناك، وعاد بصور تدمي القلب… فأحدٌ من ضحايا الحريق لم يتمكن من إنقاذ أيّ شيء، هم بالكاد أنقذوا حياتهم.
وتقول السيدة جميلة خاتون (60 عاماً): “كان لدينا متجرٌ استثمرنا فيه كلَّ أموالِنا، لكنّه أحترق بالكامل. كنّا نجمع البضائع شيئاً فشيئاً أنا وإبني، لكننا اليوم خسرنا كلَّ شيء. لقد جئنا من ميانمار ولم نكن نملك أيّ شيء، والآن عدنا كما جئنا. قدّموا لنا وجبات طعام، وقدم لنا السكان المحليون الماء خلال الليل. حتى ملابس وبطانيات للتدفئة لا نملك. يا إلهي لا أعرف كيف سأسددُ الديون المترتبة علينا”.
يشكو اللاجئون عدمَ وجود خطةِ تدخلٍ سريعة من قبل الحكومة ي بنغلادش، للسيطرة على أيّ حريق يشبّ في المخيم تجنباً لسقوط ضحايا وخسارة الخيام والملابس والطعام، فذلك كل ما يملكون.
جميلة خاتون لاجئة من الروهينغا تعيش في مخيّم كوكس بازار في بنغلادش فقدت كلّ شيء جرّاء الحريق وتشعر بحالة إحباط كبير ومشابه لما عاشته ليلة الهروب من ميانمار
يقول أحدهم لمراسل “أخبار الآن“: إنّنا نخيّم في بنغلاديش هربًا من الإبادة الجماعية، ومن أجل البقاء على قيد الحياة من دون أيّ مشاكل، لكنّني أشعر الآن وكأنني في أراكان، أنظر إلى منزلي عندما أحرقه الجيش البورمي.
ويقول اللاجىء محمد نوسيم لـ”أخبار الآن“: “بمجرد تشريدنا من قبل جيش ميانمار وفقداننا كلّ شيء هناك، هربنا إلى بنغلاديش خوفاً من هذه الفظائع، وقد شعرنا بالأمان والإستقرار بعدما لجأنا إلى المخيم. لكن عندما اندلع حريق هنا وفقدت كل شيء، شعرت مرة أخرى بالقلق الذي شعرت به منذ 4 سنوات في ميانمار. في الوقت الحالي، ليس لدينا ملابس دافئة أو مأوى أو طعام، وكان من الصعب للغاية قضاء الليل من دون أن يكون لدينا ما يقينا البرودة فالجو هنا شديد البرودة، حتّى أنّنا لا تملك حصيرة للنوم. نحن ننتظر المساعدة الطارئة ومازلنا نجلس في العراء مع أطفالنا، وآمل أن يساعدنا الناس من جميع أنحاء العالم بعد سماع صوتنا”.
وأضاف: “كان الحريق سريعاً للغاية، وبالكاد تمكنت من إخراج أسرتي من الخيمة التي كانت تأوينا. اليوم نحن بحاجة إلى كلّ شيء فالنر أتت على كلّ مقتنياتنا. نعم نحن نحصل على وجبات طعام، لكن الأهم من ذلك أنّنا نحتاج إلى سقف يأوينا، وحصيرة للنوم، وبطانية وملابس دافئة لارتدائها في البرد، ذلك عدا عن المياه والمراحيض. إنّها حقاً لحظة حزينة لنا جميعاً، لقد أصيب الجميع بالصدمة وبدأوا بالبكاء طوال الليل”.
محمد نوسيم لاجىء مسن يعيش في مخيم كوكس بازار ببنغلادش فقد كذلك المأوى الذي كان لديه جرّاء الحريق: كأنّني أعيش ما عشته في ميانمار قبل 4 سنوات
يأتي ذلك الحريق اليوم في ظل فصل الشتاء، فأي ظروف يواجهها اللاجئون وهم فقدوا كل مقتنياتهم، حتى أنهم لا يملكن ملابس تقيهم البرد القارس. وهم يكررون مطالبتهم بحل أزمتِهم وتقديم المساعدات الطارئة لهم.
محمد سليم هو أيضاً أحد سكان المخيم الذي دمرته النيران، يقول لـ”أخبار الآن” إنّ الحريق انتقل سريعاً بين الخيام، ولم نتمكّن حتّى من حفظ وثائقنا المهمة، فقد احترقت جميعها، وآمل أن نستعيد الوثائق التي فقدناها من المفوضية وحكومة بنغلادش”.
وتابع: “حالتنا صعبة للغاية، الآن بالنسبة لنا البقاء على قيد الحياة هم الأمر المهم، فنحن لا نملك سقفاً يقينا برودة الطقس الشديدة، ولا ملابس كما أنّ الطعام بالكاد نحصل عليه. لقد هربنا من بلدنا بسبب الإبادة الجماعية والقسوة والإضطهاد من قبل الجيش البورمي، لكنّ اللحظة تلك أعادتنا إلى الماضي الأليم. انتقلنا إلى هنا لإنقاذ حياتنا، لكننا نواجه الخطر كل يومّ في المخيم. علاوة على ذلك، إنّنا في فصل الشتاء هنا، وبالأمس كان الناس يتجمدون بسبب برودة الطقس في المخيم”. ودعا محمد سليم حكومة بنغلادش والمجتمع الدولي إلى الإلتفات لقضيتهم ومساعدتهم.
ودعا محمد سليم حكومة بنغلادش والمجتمع الدولي إلى الإلتفات لقضيتهم ومساعدتهم، وقال: “لم نحصل على أيّ دعم طارئ حتى الآن، ولكن آمل أن نحصل عليه قريباً”، مشيراً إلى أنّ الحريق أسفر عن تدمير نحو 1000 مأوى وإصابة 10 أشخاص، وإثنان منهم بحالة خطيرة. ولفت إلى أنّ “الجميع قلق اليوم جدّاً بشأن تداعيات الحريق، وقد نزح نحو 4000 شخص وأصبحوا بلا مأوى”.
اللاجىء محمد سليم يدعو حكومة بنغلادش إلى مساعدة الروهينغا في المخيّم وكذلك يدعو المجتمع الدولي إلى الإلتفات لمأساتهم
وفي موازاة ذلك، لايزال سكانُ المخيم وضحايا الحريق يعيشون حالة من التوتّر الشديد والخوف، فالحكومة في بنغلادش استأنفت الأسبوع الماضي عملية نقلهم إلى جزيرة بهاسان شار، حيث الظروف صعبة للغاية.
سنوات عديدة مرّت والروهينغا يواجهون الأزمة تلو الأخرى، ويفقدون معها وأبناء وأقرباء وملاجىء، تجعلهم يستعيدون في كلّ لحظة ذكريات الإبادة التي تعرضوا لها في بلادهم الأصلية قبل اللجوء. فمتى يلتفت العالم إلى أزمة الروهنيغا؟