شكّل مقتل أكثر الجهاديين المطلوبين في غرب أفريقيا، وأحد أكثر المطلوبين في العالم، عدنان أبو الوليد الصحراوي، زعيم تنظيم داعش في الصحراء الكبرى، ضربةً كبيرة للتنيظم، مع الإشارة إلى أنّه كان تمّ الإعلان عن مقتله مرّات عديدة في وقت سابق، وتبيّن لاحقاً أنّها مجرّد إشاعات.
- مقتل الصحراوي هي ضربة لتنظيم داعش في الصحراء الكبرى
- استغل الصحراوي الناس من خلال فقرهم وضيق وضعهم الاقتصادي
- كان من الصعب للغاية الحصول على معلومات تتعلق به لأنّه شديد التحفّظ
- عدنان أبو الوليد الصحراوي هو قائد عصابة أكثر من كونه جهادياً
مقتل الصحراوي أعلنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يوم الأربعاء الفائت، قائلاً إنّه قُتل على يد القوّات الفرنسية، لكنّه لم يقدّم مزيداً من التفاصيل حول المكان الذي قُتل فيه، ومع ذلك فإنّه من المعروف أنّ أنشطة تنظيم داعش تتركز بالقرب من الحدود مع مالي والنيجر.
وُصفت عملية قتله بأنّها نجاح كبير لفرنسا، التي تقاتل قواتها المتطرفين الإسلاميين في منطقة الساحل منذ أكثر من ثماني سنوات. ويقول محمدو سافادوغو، وهو خبير في شؤون الجماعات المتطرّفة وقيادي سابق في جيش بوركينا فاسو، لـ”أخبار الآن“، إنّ “مقتل زعيم داعش مهم جدّاً، وبالطبع فإنّ ذلك يعتبر خبراً سعيداً بالنسبة لمنطقة الساحل بأسرها، لأنّ الصحراوي كان أحد القادة الذين تسبّبوا باضطرابات في منطقة الساحل بشكل عام، خصوصاً في بوركينا فاسو”.
وتابع: “مقتل الصحراوي سيزعزع استقرار قواته، وذلك الأمر سيحمل معه اتجاهاً جديداً، وسيكون أحد أعظم نجاحات الجيش الفرنسي في قتاله ضدّ المتطرفين العنيفين في منطقة الساحل، خصوصاً في منطقة ليبتاكو غورما”.
أصبح الصحراوي زعيماً لتنظيم داعش في الصحراء الكبرى، العام 2015 عندما بايع تنظيم داعش المركزي. فهذا الجهادي المراوغ كان مسؤولاً عن العديد من الهجمات في منطقة الساحل غرب أفريقيا، بما في ذلك إعطاء أوامر بقتل العديد من الناس، بالإضافة إلى مسؤوليته عن عمليات خطف الأجانب.
في العام 2017، أعلن الصحراوي مسؤوليته عن هجوم في النيجر، حيث أسفر عن مقتل 4 جنود أمريكيين و4 جنود نيجيريين. كانت أكبر خسارة تكبّدتها القوات العسكرية الأمريكية في أفريقيا منذ 25 عاماً.
قبل وفاته، عرضت الولايات المتحدة الأمريكية ما يصل إلى 5 ملايين دولار مكافأة للحصول على معلومات حول مكان وجود الصحراوي، لكن على الرغم من سمعته السيئة طوال حياته، لم يُعرف عنه سوى القليل.
في بوركينا فاسو، الجهاديون مرتبطون بالقاعدة وبالصحراوي. لقد دمّر تنظيم داعش البلاد منذ العام 2016، قتل الآلاف وشرّد أكثر من 1.4 مليون شخص… قبل مقتله، القليل من الناس فقط أعتقد أنّه سيتمّ القبض عليه.
يقول جاكوب ياراباتيولا، وهو أستاذ علم الاجتماع وباحث في جامعة جوزيف كي زربو، لـ”أخبار الآن“: “في بوركينا فاسو عندما نسمع اسم الصحراوي، سرعان ما يخطر في أذهاننا، الإرهاب، الجهاديين، ميليشيا عسكرية تقاتل وتتبع أيديولوجية معينة. إنّ الصحراوي شخصية ماكرة أيضاً، فهو مطلوب منذ سنوات، لكنّهم لا يستطيعون العثور عليه، ولا يمكنهم الإمساك به. لذلك نتساءل، الصحراوي، هو من أيّ نوع من الإرهابيين أو الجهاديين المسلحين لقد جعل العالم يعاني، لكن لا أحد قادر على الإمساك به، كانت شخصية استثنائية”.
ولد الصحراوي في الصحراء الغربية المتنازع عليها، وكان معروفاً بكونه هادئاً وحاسماً، ظلّ بعيداً عن دائرة الضوء، ولم يتمّ التواصل معه إلّا من خلال الرسائل المكتوبة بخط اليد، وسافر على دراجة نارية من دون حراسة. ويزعم غالبية مقاتليه أنّهم لم يروه قط، فقد أسند مسألة أمنه إلى دائرة صغيرة جدّاً.
يعزو بعض محللي منطقة الساحل نجاحه إلى قدرته على استغلال التنافس بين المجتمعات، التي تعتمد على الزراعة الرعوية بشكل أساسي والمظالم المحلية المتعلّقة بالأرض والمال ونقص الموارد، وذلك من أجل تجنيد المقاتلين
يشير ياراباتيولا إلى أنّ “الصحراوي استطاع بسهولة تجنيد الأشخاص الذين دخلوا بوركينا فاسو من منطقة الساحل، والتي تشترك في الحدود مع مالي والنيجر، من أجل تعليم رسالته. إنّ أغلب السكان ساروا معه بناءً على تلك التعاليم، وأقنع الكثير منهم بسهولة بما أنّ الناس في بوركينا فاسو يفتقرون إلى الإمكانيات الإقتصادية والمالية، وتنتشر البطالة في أوساطهم، لذلك لم يكن من الصعب على الصحراوي تجنيد الناس.
لقد اعتبر البعض أنّ الصحراوي قائد عصابة أكثر من كونه جهادياً، لكن أولئك الذين حاولوا التعمّق أكثر، يقولون إنه كان من الصعب دائماً التعرّف عليه، فمجرّد ذكر اسمه يثير الشكوك حول ارتباطك به”.
يوسف سوندي، وهو صحافي محلي، يقول لـ”أخبار الآن“، إنّه “من الصعب للغاية الحصول على معلومات عن الصحراوي لأنّه متحفّظ ومطلوب بشدّة. إنّ مجرّد ذكر اسمه يمكن أن يعطي الناس فكرة سلبية عنك، لأنّهم قد يعتقدون أنّ لديك بعض الصلات مع الصحراوي، لذلك من الصعب عليّ كصحافي الحصول على مزيد من المعلومات عنه. جزء ممّا يقوله الناس في وسائل الإعلام بشكل عام، إنّك كصحافي، من الصعوبة بمكان الحصول على معلومات موثقة عنّه، وإجراء بحث تُقاطع من خلاله المعلومات عنه”.
بينما يُنظر إلى عملية قتله على أنه انتصار، هناك مخاوف من أن تؤدي إلى حدوث عمليات انتقام، وتؤجج المزيد من العنف. واعتبر سافادوغو أنّ “العواقب التي يمكن أن يُحدثها مثل هكذا وفاة في الساحل، بالطبع ستكون عبارة عن تصعيدٍ للعنف”.