الكتاب الذي نشره الظواهري يتحدث عن “الفساد السياسي وأثره على تاريخ المسلمين”
عشية الذكرى العشرين لهجمات ١١ سبتمبر، وفي الوقت الذي ينتظر فيه أنصار القاعدة ظهور زعيم التنظيم أيمن الظواهري صوتاً وصورة لينفي شائعات موته، تنشر مؤسسة السحاب الذراع الإعلامية للقاعدة المركزية إصداراً لم يكن أكثر من كتاب جديد للظواهري بعنوان “الكتاب والسلطان،” يتألف من ٨٥٢ صفحة، يتحدث فيها عن “الفساد السياسي وأثره على تاريخ المسلمين.”
في أكتوبر ٢٠٢٠، راجت شائعات بأن الرجل توفي خاصة أن آخر ظهور مؤكد له حتى ذلك الوقت كان في يناير ذلك العام بحسب ما جاء في تقرير للأمم المتحدة.
وعزز هذه الشائعات، أن إصدارات السحاب التي ظهر في الرجل وجاهياً كانت مجتزأة من تسجيلات قديمة ذلك أن الرجل لم يشر في أي منها إلى حدث قريب.
أما في هذا الكتاب، فليس فيه ما يثبت أن كان الرجل حياً أم ميتاً، و الدالّات على التاريخ في الصفحات الأولى قد تشي بأن الرجل كان على قيد الحياة حتى تاريخ أبريل ٢٠٢١، ذلك أن المقدمة موقعة باسم الظواهري وبذلك التاريخ. يمكن أن نضيف إلى ذلك أنه ذكر قسم الإهداء اسم خالد العاروري أبي القسام الأردني الذي قُتل في يونيو ٢٠٢٠.
ولفت في هذا القسم أيضاً أنه لم يذكر زعيم طالبان هبة الله أخوندزاده، بالرغم من أنه ذكر زعيمي طالبان السابقين: الملا عمر وأختر منصور، ومعهما، ذكر أيضاً جلال الدين حقاني مؤسس شبكة حقاني الذي توفي عام ٢٠١٨.
شبكة حقاني كانت الوسيط الذي تولى التواصل بين القاعدة وطالبان. وهي مصنفة على قائمة الإرهاب الأمريكية.
ابن حقاني الذي خلفه في رئاسة الشبكة، سراج الدين، هو أحد نواب زعيم طالبان وهو وزير الداخلية في الحكومة الانتقالية التي أعلنها طالبان.
قد يقول قائل إن غياب أخوندزادة يعود إلى أن الظواهري ذكر شخصيات متوفاة، قد يجوز. لكن يظل مستغرباً أن يغيب طالبان عن مقدمة كتاب يبدو الظواهري متحمساً له كثيراً وكأنه خلاصة علمه وعمله.
وفي موضوع طالبان، نقرأ في المقدمة جملة غامضة يتحدث فيها الظواهري عن “الفتوحات والانتصارات وتحرير الأراضي و … أكابر المجرمين يتراجعون.”
غير واضح عن أي فتوحات يتحدث الرجل. القاعدة لم تُحدث أي اختراق منذ أيام جبهة النصرة في سوريا، الاختراق الوحيد الذي حصل هو استيلاء طالبان على أفغانستان بموجب اتفاق الدوحة.
فإن كان كلام الظواهري إشارة إلى طالبان، لماذا لم يصرّح إذاً؟
غموض آخر نجده في الفقرات الأخيرات التي يخلي فيها الظواهري مسؤولية غيره من “أشخاص أو هيئات أو تجمعات” عن هذا الكتاب وأنه يمثله “شخصياً.”
واضح أن الظواهري يفصل بين شخصه “عالماً” وشخصه خليفةً لأسامة بن لادن.
وهذا الفصل لا يقتصر وحسب على غياب الرجل عن أحداث مفصلية في الساحة الجهادية، وإنما يُفهم من طريقة سرده لمشواره الطويل في إعداد الكتاب والبحث في المراجع من كتب وأشرطة، بل وفي التحضير “لمجلدات” أخرى من هذا الكتاب الضخم ذي الـ ٨٥٢ صفحة.
الظواهري لم يعد زعيم القاعدة، فهو مشغول بالبحث والتأليف. وهذا يتسق مع غيابه وحقيقة أن من يحكم فعلاً هو سيف العدل الموجود في إيران.